إيناس الدغيدى: المرأة المصرية تعيش حالة نكسة

الأحد 08-03-2009 00:00

قالت المخرجة إيناس الدغيدى: إن العنف الجنسى هو أكثر أنواع العنف، الذى تتعرض له المرأة المصرية، التى قالت عنها إنها تعيش هذه الأيام حالة «نكسة»، معبرة عن استيائها من كثرة عدد المحجبات فى المجتمع، وقالت إن غطاء الرأس لا علاقة له بالدين، وإن الزواج فى مصر مفتوح لمن يشترى بسعر أكبر.

* أفلامك تطرح دائماً قضايا نسائية.. فما الموضوع الذى يستفزك حالياً؟

ـ القضية التى تستفزنى بشكل كبير الآن وتحزننى بشكل أكبر هى قضية «الحجاب»، ففى الستينيات والسبعينيات كنت عندما أمشى فى الشارع أرى السيدات نساء بمعنى الكلمة متألقات ومقبلات على الحياة، لكن اليوم لا نرى غير المحجبات.

* ماذا يزعجك فى الحجاب؟

ـ ما يحزننى هو أن الحجاب الموجود حاليا ليس حجاباً للمظهر أو الملبس، ولكنه للعقل وغطاء للفكر، والحجاب لا علاقة له بالمرأة المصرية، بالعكس المرأة المصرية خلعت الحجاب عن رأسها بجرأة وعن رأس سيدات العالم أيضاً، وفى هذه الأيام نجدها فى نكسة رغم كل إنجازاتها.

* هل تقبلين أن تكون بطلة أحد أفلامك محجبة؟

ـ مستحيل.

* حتى لو سيناريو الفيلم يتطلب محجبة؟

ـ حينها سأبحث عن بطلة غير محجبة وأحجبها.. لأن المحجبة لديها شروط فى أدائها، والتزام داخلى فى نفسها، لديها شروط لا تتماشى مع مهنة التمثيل، كما أن الحجاب الذى ستختاره لدورها سيكون من وجهة نظرى أنا وليس من وجهة هؤلاء الذين يفرضون حجابهم علىّ.

* وماذا عن الشريعة الإسلامية التى تفرض الحجاب على المرأة؟

ـ لا نستطيع أن نقول إن الشرع يقول ذلك، لأن الكثير من الفقهاء اختلفوا حول هذه القضية، للعلم الحجاب ليس زياً إسلامياً وظهر قبل الإسلام، منذ أيام الرومان، وكن يرتدين الحجاب للحماية من الشمس أو البيئة التى تعيش بها المرأة، وطول عمر غطاء الرأس لا علاقة له بالدين، والمرأة المسلمة استسلمت ولم تسلم، والإسلام والدين فى المعاملة وليس فى الشكل.

* كمخرجة مصرية تسعى فى أفلامها لتحرير المرأة من القيود، ما رأيك فى ظاهرة تحجب مجموعة كبيرة من نجمات التمثيل؟

ـ هى حره تتحجب، لكن لا تفرض علينا التمثيل بحجابها، ونجدها كل يوم برأى وفكر وشعور بأن التمثيل حرام، وبعد فترة حلال، ثم تخلع الحجاب، ثم بعد خلع الحجاب نجدها عارية، هؤلاء جميعا فقدن أهميتهن، لديهن اضطراب فى الشخصية وقرارتهن غير سليمة.

* كيف أثبتِّ قدراتك فى إدارة وتوجيهات طاقم فنى كامل فى مجتمع ذكورى؟

ـ أعتبر من أوائل المخرجات، لكن الآن هناك عدد من المخرجات وضعن بصمة فى السينما المصرية مثل كاملة أبوذكرى، هالة خليل، ولا يستطيع أحد أن ينكر ذلك، فالمرأة عندما تكون عندها إرادة أقوى من الرجل وتركيبتها الفسيولوجية أقوى منه وعندما تريد أن تثبت نفسها تكون أقوى من الرجل لكن المشكلة أنها تستسلم لظروفها وهؤلاء مهما منحناهن إمكانيات لا فائدة لهن، فمقومات النجاح هى التركبية الشخصية من إرادة وعزيمة وإصرار على الوصول.

* هل فتيات مصر باحثات عن الحرية؟

ـ الجيل الحالى للفتيات لديه الحرية بالفعل، لأنه جيل متفتح ومتطور ويرى الحرية فى كل شىء حوله، وما يميز تلك الفتيات أنهن يعرفن جيدا كيف يعشن بحرية فى مجتمعنا غير الحر وهو الأمر صعب.

* إذن عم تبحث المرأة المصرية؟

ـ السيدات الآن يبحثن عن الاستقلال المادى، لأن الاستقلال المادى يعطى الحرية الكاملة فالغالبية من السيدات الآن مرتبطات ماديا بآخرين وليس لديهن الإمكانيات المادية التى تجعلهن يبحثن عن حقوقهن، وما يذل المرأة للرجل هو المال، والمادة اليوم هى التى تحقق كل شىء، لو استطاعت المرأة أن تحققها لأخذت حقها بالكامل، لكن ليست لديها ملكة كيف تصنع المال.

* نشأتك كانت فى حى شبرا، ومن المعروف أن الفتاة الشبراوية شرقية جدا، فمن أين جاءت شخصيتك وأفكارك المتمردة؟

ـ على فكرة بنات شبرا متفتحات جدا، ومن أكثر الأحياء المختلطة بين المسلمين والأقباط، والتربية واحدة، ولا يوجد لديهم تزمت ديني، وعلى الرغم من شهرة حى شبرا بأنه شعبى فإنه به نسبة كبيرة من الأقباط والمسلمين، وفى المدارس كان هناك تنوع من انماط الناس، والدليل على ذلك العدد الكبير من المثقفين المتفتحين من شبرا.

* إلى أى مدى تحددين سقف حرية ابنتك؟

ـ لا سقف لحرية معها.. أتركها تحدده بنفسها، كل ما فعلته أنى علمتها أحسن تعليم وأعطيها تجاربى فى الحياة وأقويها جدا.

* لو أبدت لك ابنتك رغبتها فى احتراف الرقص.. هل ستسمحين لها؟

ـ لا أعتقد أنها تريد أن تعمل راقصة، ممكن تريد أن تكون فنانة، ليس لأنى رافضة الرقص لكن ميولها ليس فى الرقص، ولو رقصت باليه سأوافقها، ولو أرادت الرقص الشرقى سأوافق أيضاً، لكن ليس كل فتاة مصرية تكون شرقية، لكن من ترد أن تكون راقصة محترمة فلها الحق فى ذلك.

* راقصة ومحترمة.. كيف؟

ـ سهير زكى كانت راقصة محترمة.. وكل مهنة فيها المحترم وغير المحترم، للأسف إن الكثير ينظر للراقصة على أنها تثير غرائز الناس، لكن من يرد أن يثار تكن الإثارة من أى سيدة حتى لو ترتدى الخمار، والمتحرشون جنسيا فى الشوارع عددهم كبير جدا دون وجود راقصة، والراقصة ترتدى بدلة الرقص على المسرح وليس فى الشارع.

* هل تسمحين بوجود علاقة بين ابنتك وصديق لها؟

ـ لا أعتقد أنى سأمنعها.. لأنه فى جيلى القديم وهو جيل التزمت، كنا من وراء أهلنا نفعل ما نريد، وكل الفتيات قبل الزواج يمررن بعلاقات، ولن أستطيع أن أضع أى حدود لهذه العلاقة إلا من خلال التربية بطريقة صحيحة إعطاء الحرية وعدم وضع قيود لأن القيود ضد التربية وليست معها، ودائما نجعل الفتاة تفعل ما تريد دون أن نقول لها لا تفعلى ذلك، لأن الرفض يجلب العند، مع المراقبة دون أن تشعر.

* ما أكثر أنواع العنف الموجّه ضد المرأة؟

ـ العنف الجنسى أكثر أنواع العنف الذى يحدث للمرأة، وناقشت هذا صراحة فى فيلم «لحم رخيص». الفتيات اللاتى يمارسن بدعارة مقننه فى شكل زواج، ولابد من تنظيم زواج المصرية من أجنبى، فالعربيات خاصة السعوديات حينما يتزوجن من أجانب لابد من الحصول على موافقة من المملكة، لكن فى مصر الزواج مفتوح لمن يشترى بسعر أكبر.

* كيف يمكن أن نقضى على الدعارة فى مصر؟

ـ مستحيل القضاء على الدعارة، لأن سببها اقتصادى فى الأساس، ولكن يمكن تحجيمها.

* هل صدر حكم على إيناس الدغيدى بالجلد من قبل؟

ـ عندما قلت إن الكثير من الفتيات المصريات وقعن فى المحظور، تم رفع قضية بأننى أقوم بقذف المحصنات، ولم يصدر حكم بالجلد، لكن جاء فى حيثيات الحكم أنه لو كان فى العصر القديم كان يتم الحكم بـ 80 جلدة.. ولم يكن ذلك قذف محصنات لأن قذف المحصنات عندما أقول إن «فلانه» قامت بفعل كذا، وشخصية فيلم «مذكرات مراهقة».. شخصية مؤلفة وليست حقيقية.

* كم قضية رفعت على إيناس الدغيدى؟

ـ حقيقى..لا أعرف، ولا أوكل محامى للدفاع عنى فى أى قضية، وأنا لا أخاف لأننى لا أغلط، وما أقوله رأيى وهذا حقى، ومن حق الناس أن تفعل ما تشاء.

* ماذا عن فيلم الاميرة ديانا الذى تستعدين له الآن؟

ـ الفيلم يتناول الهاجس الدينى لدى الشعب المصرى من خلال الأميرة ديانا التى تأتى لمصر لترى البلد الذتى يمكن أن تربتط منه بزوج مصرى وتجد أن البلد مهووس بالدين ومنتظر إسلامها.

* ما الذى ينقص المرأة المصرية؟

ـ لابد من إعادة صياغتها من جديد، ويكون ذلك بيدها هى لأنها الآن فى مأزق.

* هل المرأة تساعد المرأة؟

ـ لا.. دائما هناك غيرة، والتى تهد المرأة مرأة مثلها ، فالرجل أحيانا يدفعها ويساعدها، وكان لى تجربة سيئة لجمعية نسائية سينمائية وشعرت بأنه لا يوجد إنجاز بقدر ما هناك «نفسنة»، لا مجال للنجاح، ولا توجد فرصة للنجاح سويا، وهذه الروح لابد أن تتغير لدى المرأة المصرية، وأطالب أن تتحول الجمعيات النسائية من كلام واجتماعات إلى أفعال.

* ما الذى تقوله إيناس الدغيدى عندما تتاح لها فرصة الكلام فى المجتمع المصرى الذكورى؟

ـ لا للاستسلام.