فيلم الافتتاح: كوميديا صاخبة عن هوليوود

سمير فريد الجمعة 12-02-2016 21:12

عرض في افتتاح مهرجان برلين خارج المسابقة الفيلم الأمريكى «يحيا قيصر» إخراج الأخوين جويل وإيتان كوين، والذى يشاهده جمهور السينما في مصر ابتداء من الأربعاء القادم، وكان قد عرض لأول مرة في أمريكا قبل أسبوع من عرضه الدولى الأول في مهرجان برلين.

يعتبر جويل الذي ولد 1954 وإيتان الذي ولد 1957 من كبار مؤلفى السينما الأمريكية المستقلة منذ أكثر من ثلاثين سنة، وقد عرفا في العالم عندما فاز فيلمهما «بارتون فينك» بالسعفة الذهبية في مهرجان كان عام 1991، وعرض أغلب أفلامهما بعد ذلك داخل وخارج مسابقات كان، وهذه هي المرة الثانية التي يعرض برلين أحد أفلامهما في الافتتاح.

هوليوود الخمسينيات

«يحيا قيصر» وهناك عنوان فرعى «حكاية عن المسيح المصلوب» عن هوليوود في مطلع الخمسينيات من القرن العشرين الميلادى، أو العصر الذهبى لما يعرف بسينما الاستديوهات. وقد كتب الأخوان السيناريو كما في كل أفلامهما، وصوره روجر ديكنز وألف موسيقاه كارتر بورويلى الأثيرين لديهما، واشترك في تمثيله عدد كبير من النجوم القدامى والجدد، وجاء الفيلم من أهم الأفلام الأمريكية مطلع العام الجديد. والأرجح أن يكون له حظ وافر من الترشيحات والجوائز عند تقييم أفلام السنة مع نهايتها، وذلك لتميز الإخراج والتصوير والموسيقى وتصميم الأزياء (مارى زوريس) وتمثيل جوش بورلين وألدين إرنريش.

يمكن اعتبار الأفلام التي تتناول عالم السينما «نوعاً» كاملاً من الأفلام سواء الروائية أو التسجيلية. وهناك أفلام عديدة عن عالم هوليوود، ولكن فيلم الأخوين كوين يختلف عن كل ما سبق إنتاجه من أفلام عن مدينة السينما الأمريكية التي ساهمت وتساهم في ثقافة ملايين الناس في كل مكان في العالم.

«يحيا قيصر» كوميديا صاخبة عن عصر الاستديوهات حيث كانت أغلب الأفلام تنسب إلى الاستديوهات كما تنسب البضائع إلى المصانع، وتعبر عن سياسة الشركات التي تملك الاستديوهات، وليس عن مخرج الفيلم. ولكن قيمة الفيلم في تعبيره عن عالم هوليوود كصورة من عالم أمريكا كلها، بل وفى عمقه ذلك الإحساس بالعبث الكامن في كل أفلام الأخوين كوين.

كل الأنواع وكل الألعاب

يبدأ الفيلم وينتهى بمدير الاستديو الكاثوليكى إيدى مانيكس (جوش بورلين) يعترف للقسيس في الكنيسة، ولكن أغلب اعترافاته لا علاقة لها بعمله. والعنوان الفرعى «حكاية عن المسيح المصلوب» هو نفس العنوان الفرعى لفيلم هوليوود الشهير «بن هور». ومحور الفيلم تصوير فيلم جديد عن المسيح يقوم فيه نجم الاستديو باريد ويتلوك (جورج كلونى) بدور قائد رومانى من الذين اشتركوا في تعذيب المسيح.

وأكبر المشاكل التي تواجه مانيكس المؤامرة التي اشترك فيها ثلاثة من ممثلى الأدوار الهامشية لاختطاف ويتلوك وطلب فدية مائة ألف دولار. ويدفع ماتيكس المبلغ حتى لا يتوقف العمل في الفيلم. وتصل الكوميديا إلى الهزل (الفارس) عندما نرى الخاطفون عدد من الكتاب الشيوعيين في إشارة ساخرة إلى المكارثية في مطلع الخمسينيات، وأنهم يريدون التبرع بالمبلغ لمساعدة الرفاق في الاتحاد السوفيتى. وبالفعل تخرج من البحر غواصة سوفيتية لتلقى المبلغ، ولكن الحقيبة تقع في المياه.

الفيلم «الدينى» محور الفيلم، ولكن في كل بلاتوه من بلاتوهات الاستديو يتم تصوير «الأنواع» الأخرى من الأفلام: الاجتماعية والبوليسية وأفلام «الويسترن» (الغرب أو الكاوبوى) وغيرها من أنواع الأفلام. ويتنقل الفيلم ببراعة بين هذه البلاتوهات، ويختلط الماضى مع الحاضر، والمضحك مع المبكى، وكأننا في برج «بابل». ويحاكى الأخوان كوين مشاهد شهيرة من أفلام موسيقية وغنائية لعدد من نجوم هوليوود الأسطوريين مثل جين كيلى وإستر وليامز.

ويختلط الخيال في الأفلام مع الواقع أثناء الإنتاج فهذه النجمة دى آنا موران (سكارليت جوهانسون) تكتشف أنها حامل ولا تعرف الأب، ويصبح على مانيكس أن يدارى الفضيحة لحماية الفيلم الذي تمثله. وهذا هوبى دويل (ألدين إرنريش) نجم أفلام الويسترن البارع في إطلاق الرصاص والتخلص من مطارديه يمثل في فيلم عاطفى ويفشل فشلاً ذريعاً في مجرد نطق عبارة واحدة، وعندما يحاول مخرج الفيلم لورانس لورنتيز (رالف فينيس) استبعاده، يصبح على مانيكس إقناعه حتى لا يخسر النجم الذي تدر أفلامه ملايين الدولارات.

وقد كان على ألدين إرنريش أن يمثل دور ممثل فاشل، ونجح في ذلك نجاحاً باهراً. وتبرز في الفيلم أيضاً الممثلة العالمية ذات الموهبة الفريدة تيلدا سوينتون التي مثلت دورين لتوأم تعملان في صحافة الإثارة، وتبذل كل منهما جهدها للبحث عن الفضائح في طرقات الاستديو وحيث يتواجد النجوم ومديرو الاستديوهات.

«يحيا قيصر» عمل فنى جميل ومبهج ومثير للتأمل في مائة وست دقائق محكمة غاية الإحكام.