عبر ميكروفون إذاعة وثلاث شاشات تليفزيونية.. تابع الملايين مباراة الأهلى والزمالك، أمس الأول، بكل تفاصيلها وأحداثها وهدفيها اللذين بهما فاز الأهلى.. ومن خلال استوديوهات التحليل الحافلة بالنجوم والنقاد الكبار وعشرات المواقع وصفحات التواصل الاجتماعى.. تابع الملايين كل أخبار وتداعيات فوز الأهلى وخسارة الزمالك على الهواء مباشرة.. وهكذا باتت مهمة صحافة الورق صعبة للغاية لأنها مضطرة للبحث عما لم يعرفه أو يره الناس، وأيضاً ما لم يتوقفوا أمامه وسط انفعالاتهم وفرحتهم بالفوز أو مرارة الخسارة..
وأنا شخصياً سأتوقف هنا أمام فرحة كل عشاق الأهلى وأبنائه بهذا الفوز الكبير.. كلهم استحقوا هذه الفرحة، وكلهم أيضاً كانوا يحتاجونها بعد فترة اضطراب وارتباك كانت موجعة ومقلقة لكل من ينتمى للنادى الكبير.. فلم يلعب الأهلى كثيراً من قبل أمام الزمالك محكوماً بمجلس إدارة متنازع عليه قضائياً، ومقوداً بمدير فنى مؤقت، ومحاصراً بشكوك واتهامات وخلافات لا أول لها أو آخر.. وفاز الأهلى رغم كل ذلك، لأن أبناء الأهلى يثبتون دائماً أنهم معاً وقت الشدة، وأنهم على استعداد لممارسة خلافات الدنيا كلها لكن ليس على حساب ناديهم الذى من أجله تذوب فى لحظة كل الخلافات وتنتهى كل الانقسامات..
وما أود التوقف أمامه هو كيف نفرح نحن كمصريين بشكل عام.. فقد أصبحت الفرحة بالنسبة لنا هى الإساءة للآخر والانتقاص من قدره ومكانته.. لم يعد باستطاعتنا أن نفرح لأننا نستحق ونحتاج هذه الفرحة أو لأنه من حقنا أن نفرح.. إنما نفرح لأن الآخر فى محنة أو مشكلة.. ولابد أن يشعر هذا الآخر بكل الأسى والألم حتى تكتمل فرحتنا.. وهكذا تحولت فرحة عشاق الأهلى إلى نكات عادية أو جارحة تخص الزمالك.. لن تجد حفاوة حمراء بمن أجاد من لاعبى الأهلى إنما ستجد اهتماماً بمن أخفق من لاعبى الزمالك.. لن تجد كلاماً كثيراً عن زيزو لكن كل الكلام سيكون عن ميدو..
لن تجد تهنئة حقيقية لمحمود طاهر لكنك ستجد أكثر من إهانة لمرتضى منصور.. وكل ما جرى من عشاق الأهلى هو فى حقيقته ما أصبح يجرى فى مصر كلها التى باتت تختصر أى فرحة لها بالسكاكين المغروسة فى ظهر أى أحد.. كأن الفرحة أصبحت حرباً لابد فيها من خاسر ومجروح وليست شعوراً جميلاً وصافياً بالبهجة والامتنان.. كما أننا نخرج أيضاً من هذه المباراة بتجسيد واضح لظاهرة مصرية أخرى هى القناعة حين تكون فى غير محلها.. فزيزو مدرب رائع ومحترم لكنه فى النهاية مواطن مصرى مثلنا.