من الذى يفتت الدولة؟

كريمة كمال الأربعاء 10-02-2016 21:15

لا يخفى على أحد أن هناك حالة من الصراع والانقسام داخل المجتمع المصرى ما بين من خرجوا فى ٢٥ يناير وحلموا بدولة الحق والقانون وبين من كانوا مستفيدين من نظام مبارك والمنتمين لمؤسسات هذا النظام وحوارييه ومماليكه....

ورغم أن طرفى هذا الصراع كانوا ضمن تحالف ٣٠ يونيه إلا أنه ما إن استقر النظام الجديد باندحار الإخوان وسقوطهم ورحيلهم عن السلطة حتى بدأت معركة اتباع النظام القديم لإسقاط ٢٥ يناير وكل من ينتمى لها وكل ما حملته من مطالب وتطلعات رغبة للعودة مرة أخرى للمربع الأول قبل هذا التاريخ.. ببساطة العودة لنظام مبارك مرة أخرى وإن لم يكن مبارك هو الرأس.. هذا الصراع بدأ تدريجيا ثم استعر وكان المتصور أن يكون نظام السيسى هو الحكم ما بين طرفى الصراع المستعر إلا أن كل الظواهر والقرارات قضت على فكرة أن يلعب النظام دور الحكم ناهيك عن أن ينحاز لثورة يناير..

وهكذا وجدنا هذا الانحياز ممثلا فقط فى عبارة أو اثنتين فى خطب الرئيس بينما كانت التصرفات الفعلية والقرارات تنحاز إلى المعسكر الآخر الذى يسعى لتصفية الثورة وتهميشها بل ووصفها بالمؤامرة وتشويهها وتشويه كل من ينتمى إليها من قرارات التعيينات فى مجلس النواب إلى تعيينات المجالس وحتى الموافقة على تصدر المماليك والحواريين الذين يلعبون الدور الأبرز فى تشويه يناير ليتصدروا الصورة فى زيارات الرئيس للخارج وافتتاحات المشاريع، لكن الأهم من ذلك أن يصبح هؤلاء بالذات هم المدافعون عن الأخطاء والهفوات بل والخطيئة والتجاوزات التى تحدث من مؤسسات الدولة من واقعة الطائرة الروسية حتى حادثة المكسيكيين ومقتل الشاب الإيطالى مرورا بوقائع التعدى على المواطنين من ضباط الشرطة وحتى مسلسل أمناء الشرطة وتعديهم على المواطنين من صفع راكبة فى مترو الأنفاق وحتى واقعة تعديهم على أطباء المطرية وانتهاء بواقعة السجادة الحمراء.

المشكلة الحقيقية هنا ليست صمت النظام الحالى عن هذا الصراع وانحيازه الفعلى لأحد أطرافه، المشكلة الحقيقية أن هذا الصراع الذى يتجذر بدعوى الدفاع عن الدولة هو الذى يقسم الدولة ويفتتها والأسوأ أنه يقسم الدولة إلى مؤسسات تقمع وشعب يتم إخراجه من الصورة تماما بشكل تعسفى وهو ما يظهر بشكل واضح فى الحد من نشاط المجتمع المدنى مرورا بالمنع من السفر وصولا إلى حملة الاعتقالات لكل صاحب رأى وانتهاء بممارسات أفراد الشرطة ضد المواطنين وابتزاز المجتمع بتضحيات الشرطة فى حربها ضد الإرهاب وسقوط شهداء منها كمبرر لكل تجاوز...

والواقع أن مثل هذا الابتزاز وهذا التبرير لأى خطأ وأى خطيئة لن يصمد طويلا.. قد يصبر الناس على القمع خوفا من التلميح بمصير الدول المجاورة وقد يصبر الناس على انحسار الحريات بدعوى محاربة الإرهاب لكن هذا الصبر يتلاشى إذا ما طالت هذه الحرب أبناءهم الذين لا ناقة لهم ولا جمل فى حرب الإرهاب علينا وقد يصدق الناس الدعاوى التى يروجها الإعلام الذى يحتكر الوطنية بدافع من مغازلة وطنيتهم لكن الكذب كما يقول المثل مالوش رجلين والحقيقة حتما ستصل ولو بعد حين...

كتب أحد الشباب على الفيس بوك «حد يوصل للسيسى إننا بقينا بنعرف ننتقده قدام أهالينا وقرايبنا الكبار وبيسكتوا، من سنة كانوا بيتقمصوا ويزعقوا ويشتمونا»... إعادة نظام مبارك مرة أخرى محكوم عليه بمصير هذا النظام فى النهاية وتشويه ثورة يناير لا يغير هذا المصير بأى حال من الأحوال.

ما جرى فى الأيام الأخيرة من تصعيد للممارسات الخاطئة إلى حد الخطيئة لا يعنى سوى الاستمرار بنفس النهج لنظام مبارك بشكل أكثر حدة وأسرع وتيرة.