مهزلة بناء «أخلاقنا» بـ«هشتاج» و«لجنة»

مي عزام الأربعاء 10-02-2016 21:18

تحت عنوان «أخلاقنا» انطلقت حملة - لا نعرف هل هى شعبية أم رسمية!- بهدف استعادة أخلاق وقيم المجتمع، تحت شعار: «الخير جواك، لكنه يحتاج من يكتشفه»، واللطيف أن قادة الحملة ورموزها الذين سيكتشفون الخير الكامن بداخلك، يتنوعون بين المسؤول الحكومى مثل وزير الشباب خالد عبدالعزيز، والسياسى المرن مثل د. مصطفى الفقى، وعالم الدين الكاجوال مثل المفتى السابق على جمعة، والداعية عمرو خالد، والفنان مثل محمد صبحى، وأبو حفيظة، والرياضى مثل أحمد حسن ورمضان صبحى صاحب «الوقفة» على الكرة التى كان يختبر بها أخلاق الزملكاوية!، والإعلامى مثل حسن السير والسلوك خالد صلاح، وآخرين لا أعرفهم، ولا أستطيع تصنيفهم مثل شيكو، وزاب ثروت، وإيمان رياض، وعلاء الشيخ..

نحن فعلا بحاجة شديدة إلى ضبط منظومة الأخلاق فى مجتمعنا بعد عقود من انهيار القيم، وتسرب سلوكيات غريبة علينا، لذلك تعاملت مع المبادرة بجدية، وتمنيت أن تكون بداية حقيقية لتمكين الأخلاق وغرسها فى نفوس النشء، لكننى شعرت بالصدمة من طريقة تشكيل الحملة، كأنها لجنة حكومية تهتم بالمناصب والحوافز والمكافآت، وتشتعل بين أقطابها الصراعات، لدرجة تسريب أخبار عن «إقالة» عمرو خالد من أمانة الحملة.

كلمة «إقالة» توحى أن الحملة رسمية، وأنها تخضع لقرارات وزير الشباب الذى نقل عنه الإعلامى أحمد موسى خبر الإقالة، ولم يصدر عنه أو عن وزارته أى تكذيب!

مشكلة عمرو خالد لا تهمنى فى شىء، فأنا مهتمة بالأخلاق بصرف النظر عمن يسهم فى تكريسها، وأظن أن الشفافية من الأخلاق، وأن عدم الكذب من الأخلاق، وهذا ما دفعنى للتشكك فى جدية هذه الحملة، فبعد تسريبات عن إقالة (أو استبعاد) عمرو خالد، عاد لينفى ويؤكد استمراره، برغم الأخبار التى صدرت من الحملة نفسها عن اختيار الطبيب النفسى د. أحمد عكاشة أمينا عاما للحملة بدلا من عمرو خالد الذى لم يتحدث فى حفل تدشين الحملة، فى حين ألقى عكاشة كلمة مستقاة من ورقة العمل التى قدمها لرئاسة الجمهورية عن ضرورة تحفيز مؤسسات الحكومة والمجتمع المدنى لتدعيم أخلاق المواطن كمقدمة لنهضة المجتمع!

هذا المنهج الإصلاحى المناسباتى أصابنى بالإحباط، فهناك اتهامات بالأخونة طالت أحد المؤسسين، وهناك غموض فى موقفه، وفى موقف الوزير الذى غاب عن حفل التدشين برغم تعدد الأخبار التى أكدت مشاركته، وهناك أيضا الأداء السطحى الذى يقف عند حدود «الشو» الإعلامى، والاجتهاد فى إرضاء الرئاسة، كما حدث من قبل فى موجة تجديد الخطاب الدينى، ولا أظن أن أخلاق المجتمع يمكن استعادتها بجهود لجنة تعمل بتوجيهات الرئيس، وتحدد أنشطتها فى أساليب نمطية مثل حملات «انظر حولك» لتنظيم الأسرة، و«ست سنية» لترشيد استخدام مياه الشرب، فالأدوات التى أعلنت عنها الحملة تتجاوز النمطية إلى السخف وهدر أموال الدولة، فهم يريدون بناء الأخلاق بإعلانات تليفزيونية، وإعلانات out door (كتبوها بالإنجليزية) بالإضافة إلى تنظيم مباريات كرة قدم فى 50 مدرسة بحضور رموز الحملة (حد متخيل مصر فيها كام مدرسة؟) وكلام عام من نوع استخدام الإنترنت وعرض «أنفوجرافيك» على شاشات عرض فى الشوارع وداخل 5 أندية كبرى بالقاهرة، ومكان واحد خارج القاهرة هو «جزيرة الورد» بالمنصورة!

والمضحك المبكى هو حديث الحملة عن إمكانية استعادة «أخلاقنا» بإطلاق «هاشتاج» على الإنترنت، وتخصيص خطب الجمعة ومواعظ الأحد للحديث عن الأخلاق!.. وقيام وزارة الداخلية بدورها فى تنفيذ القانون وتحقيق الأمن الاجتماعى وتفعيل شعار الشرطة فى خدمة الشعب على أرض الواقع، كما قال الدكتور عكاشة الذى دعا لتأسيس لجنة لتنظيم القيم والضمير!

الخلاصة أن «أخلاقنا» من وجهة نظر الحملة ستعود إيجابية وفاعلة بهاشتاج ولجنة وتفعيل دور الشرطة!، أو من خلال تحويل هذه الأنشطة إلى «لايف ستايل» كما قال الشيخ جمعة، أو من تطبيق القيم التى أوصت بها الأمم المتحدة وفى مقدمتها صيحة الرئيس مرسى: حبوا بعض، ومن قبلها صيحة اللمبى الشهيرة: الحب الحب.. الشوق الشوق..

ويا أيتها الأخلاق.. كم من الحملات الفارغة تنطلق باسمك.. ارحمونا من هذا العبث.

ektebly@hotmail.com