- وأخيرا استسلمت الحكومة وقررت أن ترفع يدها عن السكة الحديد.. وهذا لا يعيب رئيس الحكومة فى أن يخرج علينا ويعلن عن فشل حكومته فى إدارة هذا المرفق الحيوى، وكون أن يلجأ إلى بيوت الخبرة إلانجليزية لترشيح إدارة إنجليزية لتدير هذا المرفق الحيوى.. فى رأيى خطوة شجاعة لإيقاف نزيف الخسائر بسبب فشل عباقرة الهيئة..
- جميل جدا أن تعترف أن رؤساء هيئة السكة الحديد الذين تبدلوا على مواقع القيادة فى الهيئة كانوا من أنصاف الأميين فى الخبرة والإدارة.. فكنا تسمع منهم عن خطط إستراتيجية وطموحات تجعلنا نعيش على الوهم لأنهم كانوا يمطروننا بتصريحات ووعود وكأنه سيأتى اليوم الذى ننافس فيه قطارات أوروبا فى الصيانة والنظافة وانتظام الحركة، وكنا ننتظر تحقيق هذه الأحلام وإذا بكوارث القطارات التى تصيبنا بالإحباط..
- ناهيكم عن الخسائر التى كانت تحققها هيئة السكة الحديد والتى بلغت خلال الأربعة أعوام الأخيرة ١٢ مليار جنيه.. بسيطة وبجملة الخسائر التى نحققها فى المرافق الأخرى لكن الأخطر الخسائر التى فى الأرواح وهذه هى قضيتنا، لأننا بتعديل خططنا نتجنب الخسائر المادية حتى ولو بتحريك فى الأرقام لكن من يعوضنا الأرواح التى تذهب ضحية الإهمال بسبب حوادث القطارات والمزلقانات.. للأسف نرى المسؤولين فى الهيئة يغسلون أياديهم من الإهمال ويلقون بالتهم على السائقين أو عمال المزلقانات الغلابة الذين لا حول لهم مع أنهم يقودون قطارات بلا صيانة أو نظافة.. هؤلاء يعملون فى ظروف قاسية حتى لا تتعطل مصالح المواطنين ويوم تحدث حادثة.. الوحيد الذى يحاكم هو سائق القطار أو عامل المزلقان.. لم نسمع أن الحكومة قدمت رئيس هيئة للمحاكمة عن الإهمال لأن هذه الحوادث فى رقبته.. لأننا لم نسمع أيضا أن رئيس هيئة قدم استقالته احتجاجا على نقص ميزانيته فى الصيانة، أو عن عجز الحكومة عن تحقيق مطالبه..
- كم من فواتير بالغلط سددتها الحكومات السابقة فى محاولة إصلاح شبكة السكة الحديد مرة بتعيين وزراء للنقل من ذوى الخبرة ومرة تعيين رؤساء للهيئة من أبنائها الذين اكتسبوا خبرة العمل فيها وللأسف كلهم فشنك، إلى أن جاءت حكومة شريف إسماعيل بالوزير سعد الجيوشى والذى كان رئيسا لهيئة الطرق والكبارى فى حكومة محلب لكنه لم يستمر طويلا بعد أن تخلص منه عبقرى زمانه وزير النقل هانى ضاحى الذى كان رئيسا لهيئة البترول ولا علاقة له بالنقل لكنه حمل هذه الحقيبة مجاملة من رئيس الحكومة إبراهيم محلب.. الذين يتذكرون ماذا فعل هانى ضاحى لا يمكن أن تفوتهم واقعة تخلصه من سعد الجيوشى الذى خرج من موقعه كرئيس لهيئة الطرق ليعود منتصرا فى عهد حكومة شريف إسماعيل وزيرا للنقل ويجلس على كرسى الرجل الذى نغص عليه عيشته حتى كتب استقالته مرغما.. سبحان الله مغير الأحوال.
- وهنا تظهر شجاعة سعد الجيوشى وزير النقل الوحيد الذى كتب روشتة العلاج لهيئة السكة الحديد ورأى أن العلاج ليس فى الإدارة المصرية فاتجه إلى صناع الدواء فى بريطانيا وقرر أن يأتى بجراحين واستشاريين من قطارات لندن.. ولا يعيبنا أن تكون الإدارة إنجليزية لكن هل سنتعلم منهم أم سنعلمهم اللغة العربية.. تبقى مصيبة أن يعودوا إلى بلادهم وقد نسوا لغتهم الأصلية.. المفروض أن ننظم دورات للسائقين والفنيين وللإداريين ونستفيد بكل ما عندهم منهم خبرة.. نطلعهم على مشاكلنا ولا يمنع من أن نكشف لهم عن أخطاءنا.. لا يعيبنا أن نطلعهم أيضا على خسائرنا فى الصيانة على اعتبار أنها الأكبر والتى تسجل مابين مليار ونصف المليار إلى مليارين من الجنيهات سنويا بسبب كثرة الأعطال.. هل تعلمون أن لدينا الهيئة تمتلك مايقرب من ٨٠٨ جرّارات قيمة الجرار الواحد ٢ مليون جنيه وللأسف ٨٠ فى المائة منها فى الورش بلا إصلاح يعنى الهيئة بتعمل بخمس طاقتها.. بالله عليكم ده كلام؟!
- على أى حال اسمحوا لى أن أحيى وزير النقل سعد الجيوشى على شجاعته فالرجل لم يفعل كما تفعل النعامة ويدفن رأسه فى الرمل لقد كان شجاعا وهو يذهب إلى الإنجليز حاملا فشل الحكومة المصرية فى إدارة السكة الحديد.. برافو سعد الجيوشى ويكفى أنك أول وزير يطارد من يهمل فى دفع ثمن إهماله بعد أن كانت الدولة تدفع ثمن أخطاء الآخرين..