اقتصاد تونس يستغيث بأملاك «بن علي»: 10 مليارات دولار تشمل 550 عقارا و600 شركة

حصيلة هزيلة من ثرواتها المنهوبة قبل الثورة
كتب: كريمة دغراش الثلاثاء 09-02-2016 22:19

لم تتمكن تونس من استرجاع اموالها المنهوبة بالخارج كما لم تنجح حكومات ما بعد ثورة 14 يناير 2011 في حل ملف الاملاك المصادرة من عائلة الرئيس السابق بن على وعدد من المقربين منه.

وفي الوقت الذي قالت فيه الحكومة ان هذه الممتلكات التي صادرتها ووضعتها تحت تصرف القضاء ستساعد عند التصرف فيها على ضخ اموال تنعش ميزانية الدولة، وان الاموال المهربة إلى الخارج إن تم استرجاعها ستساعد الاقتصاد على تجاوز فترة الانكماش التي يعاني منها، اصبحت هذه الممتلكات (وجزء كبير منها عبارة عن مؤسسات اقتصادية هامة) تشكل عبئا اضافيا عليها بعد ان اوشك عدد منها على الافلاس.

وتعثر ملف استرجاع الاموال المنهوبة بالخارج بعد أن بررت الجهات المشرفة ذلك بتعقد الاجراءات وصعوبة تعقب تلك الأموال، اضافة إلى عدم تعاون بعض الدول مع تونس في هذا الملف، إلا أن خبراء يرصدون معاناة ملف الممتلكات المصادرة من اشكاليات عديدة ومتشعبة على صلة وثيقة بالإرادة السياسية.

بين تشتت الهياكل وسوء التصرف

ويرجع خبراء الاقتصاد تعثر هذا الملف وبطء البت فيه إلى تدخل اكثر من طرف فيه، حيث تشرف وزارة المالية على هذه الاملاك، ويترأس وزيرها لجنة المصادرة، في حين ان أي قرار بشأنها يجب ان يتم بعد موافقة القضاء.

وفي مارس 2011، أصدرت السلطات التونسية مرسومًا لمصادرة ممتلكات 114 شخصًا، من بينهم الرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بن على، وزوجته ليلى الطرابلسي، وأقرباؤهم.

مراد الحطاب

ويقول الخبير الاقتصادي التونسي مراد الحطاب لـ«المصري اليوم» إن البيروقراطية ادت إلى تعثر هذا الملف وتسببت في خسارة جزء من هذه الاملاك لقيمتها، موضحا ان من اشرفوا على هذه الاملاك لم تكن لهم دراية كافية بكيفية القيام بذلك. ويؤكد الحطاب انه كان من الافضل وضع هذه الاملاك تحت اشراف هيكل موحد.

ورغم ان الشركات المصادرة ذات قيمة كبيرة في السوق التونسية، وسجلت سابقا قبل الثورة ارقام معاملات هامة، هناك حالة من العزوف عن شرائها من قبل المستثمرين خوفا من استعادة اصحابها لها، خاصة بعد ان اصدرت محكمة تونسية خلال شهر يونيو الماضي، قرارا في هذا الاتجاه.

ليلى عبيد

وتنفي القاضية المكلفة بملف الاملاك المصادرة، القاضية ليلى عبيد، تهمة الفساد وسوء التصرف فيها. وقالت للمصري اليوم ان عدد حالات الفساد قليلة وتمت احالتها إلى القضاء. وتضيف ان ما تم التفريط فيه بالبيع بالنسبة للسيارات واليخوت كان وفق قيمتها الاصلية، واما بالنسبة للشركات فان تراجع قيمتها يعود إلى عدة اسباب، منها الوضع الاقتصادي في البلاد، وحجم الديون المتراكمة بذمتها منذ ما قبل الثورة، والتي لم يكن يتجرأ الدائنون على المطالبة بها بسبب خوفهم من عائلة الرئيس السابق، إضافة إلى أنها أصبحت تدفع المستحقات الضريبية المستوجبة عليها.

ولئن كانت العوامل المذكورة سابقا من أبرز ما أدى لعدم القدرة على التفويت في هذه الممتلكات بسرعة فان هناك من يرى أن الإرادة السياسية غائبة لحل هذا الملف، وان هناك ضغوطا مسلطة على اللجنة المعنية بالأملاك المصادرة. ومن بين هؤلاء القاضي احمد صواب، المستقيل من لجنة المصادرة، والذي اكد ان هذا الملف يجب عرضه على الهيئات المختصة في محاربة الفساد.

وكان صواب اكد عند استقالته من اللجنة ان قراره جاء بعد تسجيل ضغوطات على اللجنة، واشار إلى مخاوف من إسقاط بعض الأسماء من قائمة الأشخاص المعنيين بالمصادرة .

وكانت لجنة المصادرة قد أحصت قرابة 550 عقارا و600 شركة من أملاك الرئيس السابق وعائلته ورجالاته، وبلغت الحصيلة التقريبية لهذه الأملاك 20 مليار دينار تونسي ( 10 مليارات دولار).

تعاون دولي مفقود

لم تحصد تونس من ممتلكات العائلة الحاكمة سابقا إلا القليل ولم تتمكن من استرجاع اموال هربت للخارج وقيمتها كبيرة وهو ما دفع بالرئيس التونسي الباجي قائد السبسي إلى التأكيد على ان هذا الملف سيكون من بين المواضيع التي سيطرحها خلال زيارته لسويسرا.

وتقول الحكومة ان بطء استرجاعها لأموال عائلة الرئيس السابق بالخارج يعود إلى التعقيدات القانونية وعدم تعاون بعض الدول التي هربت اليها هذه الاموال.

ومنذ عام 2011 وجهت تونس 89 مذكرة قضائية لنحو 20 دولة أجنبية في إطار استرجاع الأموال المهربة، لم تستجب منها سوى لبنان، وأرجعت للسلطات التونسية 28 مليون دولار، وإسبانيا التي أعادت يختا سجلت ملكيته على بلحسن الطرابلسي (صهر الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي).

ووصف القاضي في المحكمة الإدارية أحمد صواب استعادة الأموال المنهوبة «بمطاردة الأشباح،» لعدم تعاون هذه الدول التي لا تسمح تشريعاتها بذلك وهو ما يصعب مهمة القضاء التونسي .

وتوصل البنك المركزي التونسي إلى تحديد ممتلكات وأموال منهوبة في 10 بلدان، هي سويسرا (حسابات بنكية، وطائرة استرجعت في ديسمبر 2011)، وفرنسا (حسابات مصرفية، وعقارات باسم شركات مدنية، وطائرة استعيدت صيف 2011 )، وكندا (حسابات مصرفية وعقار)، وبلجيكا (حسابات بنكية)، والإمارات العربية المتحدة (حسابات بنكية وعقارات)، وألمانيا (عقار واحد)، وإيطاليا (يخت استرجع في 2013)، وإسبانيا (يخت استرجع في 2013)، ولبنان (حسابات مصرفية، وتم استرجاع رصيد أهم حساب بقيمة 28 مليون دولار)، ولوكسمبورغ (حساب مصرفي).