هي جريمة بكل المقاييس أن يقوم واحد ممن ينتسبون للأسف إلى مهنة الصحافة- مع وجود احتمال انتحاله صفة صحفى- بإغواء من هم مستعدون لفعل أي شىء من أجل المال حتى يبيعوا له كسر حجارة من الهرم! هل كان عنده شك أنهم سيرفضون بيع حجارة ملقاة في كل مكان حول الأهرامات وفى الرمال؟! هي بالنسبة لهم طوب لا قيمة له، ولا ضير من بيعه لسائح مجنون أو مهووس بالأهرامات كتذكار؟! لقد صور الصحفى فيديو لبعض الخريتية (جمع خرتى، وهو اسم يطلق على من يقومون باصطياد الزائرين للأهرامات لركوب الجمال والخيل) وهم يبيعون له حجارة، وبثه على شبكات التواصل الاجتماعى، وتم نقله إلى كل مكان تحت اسم «المصريون يبيعون الأهرامات»، نرى الصحفى في المشهد الأول يتفاوض مع أحدهم ليبيعه حجارة من الأهرامات، ثم المشهد الثانى لرجل يركب الكارتة ويرشد الصحفى إلى مكان الحجارة، وذلك في موقع بعيد عن هرم خوفو، بالقرب من أهرامات ملكات منكاورع. وهذا المكان بعيد عن الزيارة، حيث يتركز معظم الزائرين حول هرم الملك خوفو وميدان أبوالهول.. ونرى في الموقع الخرتى وهو يعطى أحجاراً من الحجر الجيرى والجرانيتى لهذا الشخص المجهول، وظهر الخرتى أيضاً وهو يحاول أن يكسر حجارة من أحجار الهرم الثالث، وقام الصحفى بدفع مبلغ نظير شراء الحجارة ووضعها في شنطة.
المقصود من هذه القصة هو تشويه كل شىء: الآثار والبلد والأثريين والشرطة! وبالتالى نشر مزيد من الإحباط بين الناس.. إلى آخر القصة البايخة، التي أصبحت معروفة للمصريين، ويجب الوصول إلى هذا المحرض ومحاكمته بتهمة إتلاف أثر والقيام بتهريب الآثار، وأتمنى أن تتم محاكمة المجرم محاكمة عاجلة لكى لا نرى آخرين يسيرون على دربه. لقد ذهبت إلى الأهرامات أكثر من مرة الأسبوع الماضى، وكنت هناك يوم الجمعة الماضى، حيث زار الأهرامات طوفان من المصريين بسبب إجازة نصف العام الدراسى، ورأيت أكثر من عشرين ألف مواطن والشرطة تقوم بالتنظيم والسيطرة على هذه الجموع الضخمة. ولابد من كلمة حق لإنصاف رجال الشرطة، خاصة شرطة السياحة والآثار بقيادة العميد إيهاب حسين، الذي نجح في تنظيم الزيارات والسيطرة على المنطقة في يوم لم تشهد مثله منطقة الأهرامات من قبل، حتى في أيام الأعياد.
ويستطيع أي زائر لمنطقة الهرم التقاط حجر من الأرض، وهناك ملايين الأحجار الملقاة في كل مكان، ولا يمكن بحال من الأحوال وضع شرطى خلف كل زائر لمنعه من التقاط الحجارة. ولقد سعدت بخبر القبض على الخريتية الثلاثة الذين ظهروا بالفيديو المشين بعد ساعات من نشر الخبر، ووجهت لهم تهم إتلاف أثر وبيع آثار، ونحن في انتظار القبض على المجرم الأول والرأس المدبر لجريمة تشويه الآثار والمصريين، وأعلم أن اللواء أحمد عبدالظاهر، رئيس مباحث الآثار، في سبيله إلى تطهير منطقة الأهرامات بالكامل، ووضعها تحت المراقبة حفاظاً على الآثار والزائرين من مصريين وأجانب. وقد كنت أحاضر هذا الأسبوع لفوج سياحى أمريكى من 120 سائحاً، وكنت سعيداً وأنا أرى السعادة في عيونهم، لدرجة أن منهم من نزلت دموعه بمجرد أن رأى وجه أبوالهول، وقد عبروا عن إعجابهم بجهود شرطة السياحة والآثار التي أبعدت عنهم المضايقات من الباعة الجائلين والخيالة وجعلتهم يستمتعون برحلتهم إلى الأهرامات. بالطبع لم نكن نسمع مثل هذا الكلام من قبل وكانت الشكوى دائمة من قلة الضبط والنظام في منطقة الأهرامات. ولكن كان لابد من إظهار حقيقة ما يحدث حتى لا ينجح من يريد لنا أن نرى الصورة سوداء.