يجلس «فؤاد» أمام إحدى دور النشر، فى رحلة انتظار تبدأ بساعة واحدة، وقد تدوم لعدة ساعات، يُحصى الكتب التى وضعها فى عربته الحديدية مرارًا وتكرارًا، فهو لم يقرأ فى سنوات عمره كاملة هذه الأعداد من الكتب، فلم يعرف إلا الكتب الدراسية التى لا تُغنى ولا تُسمن من جوع، فكان يحصل عليها بمدرسته الابتدائية بسوهاج، بالإضافة إلى كتاب القرآن الذى يُعتبر كتابًا مُقدسًا فى عُرف أهالى القرية.
«إحنا بنستنى المعرض من السنة للسنة»، يقولها «فؤاد»، أحد الشيالين بمعرض الكتاب، والذى لم يتعدّ عمره 19 عامًا، فهو طالب بمدرسة «الصنايع» الثانوية: «سبع صنايع فى إيدينا والهم جاير علينا»، ويشد الرحال إلى القاهرة فى فترة الإجازات، ليعمَل «شيَّال» فى «المعمار».
«متعوّد آجى كل سنة المعرض من وأنا فى إعدادى»، يقولها «فؤاد»، ليُعرفك على تاريخ عمله فى معرض القاهرة الدولى للكتاب، فعرف «فؤاد» طريقه إلى المعرض مُنذ كان طالبًا فى المرحلة الإعدادية، فهو «موسم» ينتظره كل عام، ليرى وجوها جديدة وتعرف الأموال القليلة طريقها إلى جيوبه الصغيرة، فيُحضر عربته الحديدية.
لا يحدد «فؤاد» تسعيرة محددة لنقل الكتب، أو كما يقول هو: «كل مواصلة وليها تمن»، فتُقاس مسافة نقل الكتب بالمتر وأحيانًا بالشِّبر، فقد يعطيه أحد الزبائن 5 جنيهات مقابل مسافة طويلة، أو يعطيه زبون آخر 10 جنيهات مقابل القليل من الأمتار.
وعن رحلة الانتظار التى قد يقطعها «فؤاد» أمام إحدى دور النشر، يقول «فؤاد»: «فيه ناس بتشترى كتب وبعدين تنادى عليّا، وفيه زبون تانى أقعد استناه أدام كل دار وهو بيشترى».
«هما بييجوا يشتروا كتب ويتفسحوا»، يقولها «بسام»، 18 سنة، ليشرح موسم «معرض الكتاب» من وجهة نظره، فيعتبر أن الشيالين ما هُم إلا نَسْى مَنْسِىّ، تتحسن أحوالهم المادية حسب المناخ العام. أما «خالد»، 19 سنة، فاعتاد أن يتعامل مع الكتب على أنها كُتل صمّاء كأحجار الطوب التى ينقلها لبناء برج عملاق أو عمارة سكنية، فكُلها أوزان ثقيلة.