العكننة على ساويرس!

سليمان جودة الأحد 07-02-2016 21:16

لا تريد الدولة أن تجيب بوضوح على هذا السؤال: هل هى مع الاستثمار أم ضده؟!

قد يبدو السؤال غريباً بالطبع، لأن أى واحد يسمع به سوف يقول تلقائياً: وهل هذا سؤال!!.. إنها مع الاستثمار مائة فى المائة، لا شك فى ذلك!

وسوف أعود لأقول إنها معه كلاماً، ولكن الفعل شىء آخر فى أحوال كثيرة، وليس خافياً على أحد أن المستثمر لا يهمه الكلام، مهما كانت حلاوته، ولا يلزمه فى شىء، لأن كل ما يصدقه أى مستثمر إنما هو الفعل على الأرض، والحركة فى الواقع العملى، ولا شىء سوى ذلك أبداً!

ومن المهم هنا أن نفرق بين الرئيس فى جانب، وبين أجهزة الدولة، المعنية بإغراء الاستثمار بالمجىء، فى جانب آخر.. فالرئيس واضح جداً فى نواياه، وفى رغبته، وفى كلامه عن أى استثمار عموماً، لأنه يعرف أن أى دولار جديد يجىء استثماراً معناه السعى نحو إتاحة فرصة عمل لعاطل ينتظر على مقهى، أو فى الشارع، أو فوق الرصيف!

ولابد أن كل ما نحتاجه الآن، فى هذا الملف، أن تتوازى وتتناغم حركة أجهزة الدولة هذه، مع كلام الرئيس، ومع تصريحاته، ومع مساعيه، لا أن تكون متناقضة مع هذا كله، فضلاً عن أن تكون ضده، فى الحصيلة الأخيرة!

ولأن الأمثلة على صدق ما أقول كثيرة، فسوف أتوقف عند آخر مثل منها، وهو عرض شركة «سى. آى. كابيتال» للبيع، وهى، كشركة، تمثل كياناً مالياً معروفاً فى الأسواق!

ماذا حدث؟!.. تقدم المهندس نجيب ساويرس لشرائها، وهذا حقه، كما أنه حق لأى رجل أعمال غيره، وفق قواعد السوق الحرة المتوافق عليها.. ولكن.. ما كادت الدولة تعلم بالخبر، حتى أوعزت للبنك الأهلى بأن يوعز، بدوره، لإحدى شركاته، بأن تتقدم وتعلن رغبتها فى الشراء!

فما الهدف؟!.. وما «الرسالة» التى يمكن أن تخرج من الموضوع كله لأى مستثمر يبحث عن موطئ قدم فى أسواقنا؟!

هل الهدف أن تنافس الدولة مستثمريها، ورجال أعمالها؟!.. ليس هذا هدفاً من أهداف وجود الدولة فى الأساس، ولا يجوز، لأنها لابد أن تكون راعية للاستثمار كله، بشتى أنواعه، لا أن تكون طرفاً فيه، وإذا كان لها أن تكون طرفاً، فبنسبة الضرائب التى تذهب إليها من أرباح أى مستثمر، فهى تظل شريكاً مرفوعاً بهذه النسبة فى الأرباح، أياً كان مقدارها، وفى أى صفقة تتم، أو فى أى ربح يتحقق!

هل الهدف هو «العكننة» على نجيب ساويرس تحديداً؟!.. يجوز طبعاً.. ولكن الدولة، تظل أكبر من هذا بكثير، خصوصاً إذا كانت فى حجم مصر، لأنها لابد أن تلتفت إلى العكننة على دول، لا على أشخاص من بين مواطنيها!.. إذ يحزننى أن أقول إن «العكننة» هنا ليست على ساويرس، وإنما على مناخ الاستثمار كله!.

القائمون على الدولة فى حاجة، فيما يبدو، إلى أن يعودوا ليقرأوا نظرية «العقد الاجتماعى»، التى بموجبها نشأت الدولة، كدولة، وعندها سوف يدركون أن للدولة مهمة محددة على أرضها، لا يليق بها أن تحيد عنها هكذا.. لا يليق!