طبول الحرب تدق في ليبيا.. وتونس تستعد لكارثة أمنية واقتصادية

الأمم المتحدة: 4 آلاف تونسي في سوريا.. و1500 في ليبيا و200 بالعراق.. و60 في مالي.. و50 باليمن
كتب: كريمة دغراش الإثنين 08-02-2016 22:54

ارتفع منسوب القلق في تونس خلال الفترة الاخيرة مع اقتراب ساعة الصفر لبدء تدخل عسكري في ليبيا، وتؤكد كل التقارير والتصريحات على انه اصبح وشيكا، وبات الوضع الليبي يشغل الداخل التونسي والذي يجمع الكل على ان ما سيحدث في بلد الجوار ستكون له ارتدادات كبيرة على تونس على جميع المستويات.

لا تزال صور طوابير الهاربين من ليبيا سنة 2011 عقب سقوط نظام معمر القذافي عالقة بأذهان التونسيين وبذهن حكومتهم خاصّة وقد استبق الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، خلال اجتماع مع رؤساء البعثات الدبلوماسية والقنصلية المعتمدين في تونس، أي ضربة محتملة مطالبا «بالتنسيق والتشاور مع تونس» قبل أي تدخل محذرا من العواقب الوخيمة لذلك عليها.

وقال السبسي إن «على الدول الصديقة التي تفكر في تدخل عسكري في ليبيا ان تراعي مصالح دول الجوار.. أي قرار في هذا الاتجاه يجب ان يخضع لاستشارة تونس».

بدوره اجتمع وزير الخارجية التونسي خميس الجهيناوي مع مبعوث الامم المتحدة إلى ليبيا مارتن كوبلر وتباحث معه حول اهمية الوضع الامني في ليبيا وتداعياته على امن واستقرار تونس.

ويؤكد المتابعون للوضع ان تداعيات ما سيحدث في ليبيا على تونس عديدة منها الامني ومنها الاجتماعي والاقتصادي.

وفي الوقت الذي صرح فيه السبسي بان تونس لن تغلق حدودها في وجه الليبيين إن تم هذا التدخل العسكري، يتخوف المراقبون من ان تتسلل عناصر ارهابية ضمن جحافل الهاربين من ليبيا إلى الأراضي التونسية.

مختار بن نصر

ويرى العميد السابق بالجيش التونسي مختار بن نصر ان التهديد الاول لتونس عند تنفيذ ضربة عسكرية بليبيا هو تهديد امني اذ هناك ان احتمال كبير بتسلل عناصر ارهابية منتمية لداعش بليبيا إلى تونس. وقال لـ«المصري اليوم» «ان على تونس اعلان الاستنفار تحسبا لذلك» .

وكان وزير الدفاع التونسي زار، نهاية الاسبوع الماضي، الجنوب التونسي لتفقد مدى جاهزية الوحدات العسكرية المرابطة على الحدود مع ليبيا، والتي يبلغ طولها 490 كلم. وعززت تونس تواجدها العسكري بالجنوب ودفعت بتشكيلات عسكرية وحفرت خنادق واقامت سواتر ترابية تحسبا لأي طارئ قد يأتي من الدولة الجارة.

اما الخبير في الشأن الليبي رافع الطبيب فأكد ان عدد الفارين هذه المرة إلى تونس سيكون اكبر من العدد الذي استقبلته عام 2011.

رافع طبيب

واضاف الطبيب لـ«المصري اليوم» «ان الوافدين هذه المرة سيكونون من خاسري الحرب وانصار الجماعات والميليشيات المسلحة، وهو امر لن تقدر الدولة التونسية على التعامل معه بسبب ضعفها وترهل منظومتها الأمنية». ويرى أن تونس ستكون الوجهة المفضلة للإرهابيين الذين سيضيق عليهم الخناق هناك.

وقال طبيب ان تونس التي تعرف فشلا دبلوماسيا كبيرا لن تكون سوى الواجهة الانسانية في هذه الحرب، في حين سيستفيد الغرب من نتائج أي حملة على ليبيا. ورأى المتحدث ان تكوين تحالف اقليمي ضد الارهاب بين دول الجوار المعنية بالشأن الليبي يضم تونس والجزائر ومصر هو احسن حل لهذا الملف الشائك.

بدرة قعلول

وقالت بدرة قعلول، رئيسة المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية الامنية والعسكرية، لـ«المصري اليوم» ان المخاوف كبيرة في حالة حدوث ضربة عسكرية في ليبيا من عودة التونسيين الذين التحقوا بداعش وغيره من التنظيمات الارهابية هناك، وعددهم كبير بعد ان اكتسبوا تجربة في التدرب على الاسلحة والقتال. وتعتبر قعلول ان حالة الفوضى على الحدود عند نشوب حرب ستسمح لهم بتهريب اسلحة قد يستخدمونها لتنفيذ عمليات ارهابية، طالما هددوا بها، في تونس.

وقدر خبراء في الأمم المتحدة زاروا تونس عدد التونسيين الذين التحقوا بتنظيمات جهادية وخصوصاً في ليبيا وسوريا والعراق بأكثر من 5500 شاب، وقالت إلزبييتا كارسكا، التي ترأس فريق العمل الأممي حول استخدام المرتزقة، إن «عدد المقاتلين الأجانب التونسيين من بين الأعلى ضمن من يسافرون للالتحاق بمناطق نزاع في الخارج مثل سوريا والعراق». وخلال هذه الزيارة، تم إعلام فريق العمل بـ«وجود 4 آلاف تونسي في سوريا، وما بين 1000 و1500 في ليبيا، و200 في العراق، و60 في مالي و50 في اليمن».

علاوة على المخاوف الامنية سيكون للتدخل العسكري في ليبيا تأثير مباشر على الاقتصاد التونسي وعلى المعيشة اليومية للتونسيين وستكون التكلفة الاقتصادية لتدفق اللاجئين كبيرة.

ويؤكد رافع طبيب ان توافد عدد كبير من الليبيين على تونس سيساهم في ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية المدعمة وغير المدعّمة من قبل الحكومة، إضافة إلى ارتفاع أسعار العقارات، وهو ما سيزيد من ارتفاع نسبة التضخم ونسبة العجز.

ويعرف على الليبيين تمتعهم بنسبة انفاق عالية، ويقطن اغلبهم بأفخم وارقى المناطق بتونس، ويرى التونسيون انهم كانوا احد اسباب ارتفاع تكلفة المعيشة واسعار العقارات التي زادت بنسبة 30% خلال الخمس سنوات الأخيرة.

ويقول رافع طبيب ان تركيبة الوافدين هذه المرة ستختلف عن تركيبة من فروا لتونس سنة 2011 اذ ستضم عددا كبيرا من فقراء ليبيا، وسيكون على تونس ايواءهم، وهو ما لن تقدر عليه بسبب الوضع الاقتصادي الصعب الذي تعيشه.

وتعد تونس وجهة مفضلة لليبيين سواء للتداوي أو السياحة أو الاستثمار وتقدر الارقام الرسمية التونسية عدد الليبيين الوافدين على تونس سنويا بحوالي مليوني ليبي (عدد كبير منهم مقيم بشكل دائم ولا توجد احصائيات رسمية بشأنه).

ولا يستبعد الخبراء الاقتصاديون ان تتأثر العلاقات التجارية والاقتصادية بين تونس وليبيا بأي حرب قد تنشب هناك، وهو ما سيتسبب في ازمة اقتصادية كبرى، اذ أن 30% من المعاملات التجارية من تصدير واستيراد في تونس تتم مع ليبيا.

وتعد ليبيا الشريك الخامس لتونس بعد فرنسا وإيطاليا وألمانيا واسبانيا والشريك الأول مغاربيا. وتستورد ليبيا 5 بالمائة من المنتجات التونسية وهو ما يشكل حوالي 35 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي التونسي.

كما كانت ليبيا تمد تونس بأكثر من 25 بالمائة من احتياجاتها من الوقود بأسعار تفضيلية وتوقف العمل بها بعد الثورة الليبية.

طبول الحرب تدق في ليبيا وصداها بلغ تونس التي تحاول جاهدة الاستعداد لها خوفا من ان تكون المتضرر الاول والاكبر لها.