مصر نجحت فى جمع «التمويل لإعمار غزة».. والرئيس تدخل شخصياً لضمان مشاركة قادة الغرب

الخميس 05-03-2009 00:00

نجحت مصر فى الخروج بمؤتمر «إعمار غزة» إلى بر الأمان، والحصول على تعهدات دولية بدفع ما يزيد على 5 مليارات دولار للقطاع الذى دمره العدوان الإسرائيلى الأخير.

وقال السفير حسام زكى، المتحدث الرسمى باسم وزارة الخارجية، لـ«المصرى اليوم» إنه كان هناك أمل وتوقع لدى مصر بالحصول على تعهدات دولية بمبالغ مالية كبيرة للمساهمة فى إعادة إعمار القطاع.

وأضاف: لا شك فى أن التعبئة المصرية الكبيرة فى الإعداد للمؤتمر، أسهمت إلى حد كبير فى أن تأتى الوفود المشاركة وفى جعبتها مبالغ محددة لتقدمها خلال المؤتمر.

وحول الجهود التى بذلتها بعض الأطراف لإفشال الجهود المصرية قبل المؤتمر، أكد زكى أن مصر لا تلتفت كثيرا لمثل هذا الأمر، موضحا أن أى اجتماع ناجح مثل مؤتمر شرم الشيخ سوف يجد قوافل المشككين والمنتقدين ممن لا يعجبهم الدور المصرى.

واعتبر زكى أن محاولات إفشال الجهود المصرية من قبل بعض الأطراف تعبر عن إحباط هؤلاء، لعدم استطاعتهم أن يقدموا أى شىء للشعب الفلسطينى، مثلما قدمت مصر له.

وأوضح زكى أن مسألة ضخ الأموال التى تعهدت بها الدول والمنظمات المانحه فى شرم الشيخ مرتبطة بخطة وأهداف محددة، مشيرا إلى أنه لن تكون هناك أموال نقدية وإنما مشروعات يتم الصرف عليها من خلال قنوات عمل محددة.

وأكد أن هناك جهودا مصرية على جميع المسارات لتحقيق التهدئة وفتح المعابر ورفع الحصار، معربا عن الأمل فى أن تتحق كل هذه الموضوعات قريباً.

وقالت مصادر مصرية مسؤولة لـ«المصرى اليوم» إن الرئيس مبارك كان حريصاً للغاية على إنجاح المؤتمر، وأنه تدخل بشكل شخصى لدى عدد من القادة الغربين والإقليميين لضمان مشاركتهم فى المؤتمر، وكذلك الحصول على تبرعاتهم لإعادة إعمار القطاع.

وأكدت المصادر أن القيادة العليا ووزارة الخارجية نجحا فى تقديم صورة متكاملة عن الموقف المصرى المتعلق بقضايا الإعمار والتهدئة ومستقبل العلاقات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، فى وجود زعماء وممثلى 87 دولة، وذلك للرد على حملة التشكيك فى فاعلية الدور المصرى والتى تزايدت طوال أيام الحرب الإسرائيلية.

وقالت المصادر إن جهود مبارك لإنجاح المؤتمر بدأت منذ القمة العربية الاقتصادية التى استضافتها الكويت قبل عدة أسابيع. مؤكدة أن هذه الجهود أتت بثمارها فعلياً بإنجاح المؤتمر، وكذلك من خلال الأجواء الإيجابية التى تمهد لمصالحة عربية شاملة قبل قمة الدوحة نهاية الشهر الجارى.

واعتبرت أن اللغة الإيجابية التى ركز عليها وليد المعلم، وزير الخارجية السورى فى شرم الشيخ، فيما يتعلق بالتهدئة وبإعمار غزة وبالمصالحة العربية، وكذلك مشاركته فى اللقاء الثلاثى الذى ضمه ووزيرى الخارجية المصرى والسعودى، تؤكد نجاح القيادة المصرية فى إدارة الملف الفلسطينى.

وعقد مجلس الوزراء اجتماعا أمس برئاسة أحمد نظيف، رئيس مجلس الوزراء لمناقشة عدد من التقاريرالداخلية والخارجية، ومنها نتائح مؤتمر شرم الشيخ الدولى الخاص بإعادة إعمار غزة، وجهود مصر الدبلوماسية لتحقيق المصالحة الفلسطينية.

وكشف رئيس الوزراء الفلسطينى، سلام فياض، عن وجود إطار خماسى لمتابعة أعمال مؤتمر إعمار غزة، يضم لجنة متابعة مؤتمر باريس وهى فرنسا والنرويج واللجنة الرباعية الدولية والمفوضية الأوروبية، وأضيفت إليها مصر، مشيرا إلى أن انضمام مصر إلى هذا الجهد يشكل جسراً حيوياً بين المانحين الدوليين وعلى المستوى العربى وبالتالى هو مهم جداً.

واعتبر فياض أن ثلاث رسائل أساسية خرجت عن المؤتمر، أولاها جاهزية دولية متكاملة لدعم إعمار القطاع وثقة دولية بالأداء المالى الفلسطينى وجاهزية السلطة الوطنية الفلسطينية لتنفيذ هذه العملية من خلال آليات وضعتها السلطة، إضافه إلى الإجماع الدولى على أنه إذا ما كان لعملية إعادة الإعمار أن تتم فإنه يتحتم على إسرائيل أن تتصرف بالاتجاه الصحيح.

وأكد فياض فى حوار مع صحيفة «الأيام» الفلسطينية، أن الدول التى شاركت فى مؤتمر شرم الشيخ جادة فى الالتزامات المالية، التى أعلنت عنها، وأن هذا الأمر سيؤدى بالتالى فى المستقبل القريب إلى وضع تصور لكيفية توريد هذه الأموال فى أسرع وقت ممكن،

وقال: لا نعتبر أن عملنا انتهى بعقد المؤتمر، ولذلك فإن مهمتنا فى الوقت الحاضر هى التحرك السريع على جميع المسارات، بداية فى ترجمة ما أعلن عنه إلى واقع، واستمرار التواصل مع المجتمع الدولى بشكل مكثف وبدرجة عالية من الإلحاح بضرورة أن يُرفع الحصار عن أبناء شعبنا فى غزة.

من جانبه، أشاد مستشار رئيس الوزراء الفلسطينى الدكتور حسن أبولبدة بالجهود التى تقوم بها مصر بقيادة الرئيس مبارك من أجل رفع الحصار عن الشعب الفلسطينى، وإعادة الإعمار وتحقيق التهدئة وتوحيد الصف الفلسطينى.

وقال أبولبدة فى تصريحات صحفية أمس: إن مصر بذلت جهودا جبارة من أجل الإعداد وعقد مؤتمر شرم الشيخ، وكان الحضور العالى على المستوى الكبير من حوالى 78 دولة ومنظمة عربية ودولية دليلا على قدرة مصر وثقلها فى المنطقة.

وأضاف: إن مصر أثبتت للعالم أنها الدولة المركزية والركيزة الأساسية لدعم عملية السلام فى المنطقة، فالعالم كله استمع لها وأيد مبادرتها لوقف إطلاق النار فى غزة، وتعمل حاليا من أجل التوصل إلى وقف إطلاق نار دائم بين الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى.

وأشار أبولبدة إلى جهود مصر من أجل إعادة توحيد الصف الفلسطينى، والجهود التى قام بها الوزير عمر سليمان بتكليف من الرئيس مبارك للعمل من أجل إعادة ترتيب البيت الفلسطينى، مؤكدا أن مصر استطاعت رغم الجراح أن تجمع قيادات فتح وحماس والفصائل الفلسطينية من أجل التوافق على برنامج وطنى يحفظ القضية الفلسطينية من الضياع نتيجه للانقسام الفلسطينى.

وقال السفير رخا أحمد حسن، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن دعوة الرئيس مبارك لعقد المؤتمر كانت بلا شك سباقة بالنظر للظروف التى كانت سائدة أثناء العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة.

وأوضح حسن أن مصر كانت تتحرك على عدة مستويات، على رأسها تحقيق التهدئة والوفاق الوطنى الفلسطينى وأخيرا إعادة الإعمار.

وأكد أن مؤتمر شرم الشيخ الخاص بإعادة إعمار غزة حقق نجاحاً فوق المتصور، لافتا إلى أن الفلسطينيين طلبوا 2 مليار و800 مليون دولار لإعمار القطاع، لكنهم حصلوا على 4 مليارات و481 مليون دولار.

وقال: «بلا شك، إن هذا الأمر يعبر عن نجاح كبير للرئيس مبارك والدبلوماسية المصرية».

واعتبر حسن أن المشاركة الدولية الكبيرة فى المؤتمر وحجم هذه الأموال التى رصدها المشاركون لإعمار القطاع، إدانة عملية للعمليات العسكرية الإسرائيلية فى غزة، وإن هذا الأمر يعبر أيضا عن إدراك دولى بأن «الحصار والتجويع والتدمير» تدفع إلى اليأس والعنف والتطرف.

وقال: «المؤتمر وجه رسالة إلى المواطن الفلسطينى العادى بأن العالم لن يتخلى عنه، حيث إن عملية الإعمار والتنمية بكل معانيها تخلق جوا من الثقة وإعادة الأمل».