هى حلقة جديدة صنعتها أمريكا والغرب، لإعادة سلب ما دفعوه ثمناً للبترول العربى.. وكأنهم يريدون أن يحصلوا على البترول مجاناً..
ونقصد حلقة جديدة من حلقات سلب الأموال العربية، ولكن هذه المرة من خلال تكاليف فاتورة الحرب الحالية فى سوريا.. وما قاله البنك الدولى هذه الأيام من أن هذه الفاتورة تتكلف ٥٣ مليار دولار تتحملها دول المنطقة. أى السعودية والإمارات والكويت وقطر ومعها مصر والعراق.. وهذه ليست الأولى فى تاريخ استنزاف أمريكا والغرب لأموال العرب، بل هى حلقة أو فاتورة يدفعها العرب، منذ أخذت أسعار البترول ترتفع بفعل ــ وعقب ــ حرب أكتوبر ٣٧٩١.
الحلقة الأولى عندما وقعت حرب الخليج الأولى، ونقصد بها الحرب بين العراق وإيران، التى استمرت ٨ سنوات.. واستنزفت الكثير من ثروات الدولتين، ومعها تحملت دول المنطقة أعباء دعم هذه الدولة أو تلك.. إذ كانت هناك دول تساعد العراق ــ وبعضها دفع مرغماً ــ وكانت هناك دول تساعد إيران ولو من تحت الطاولة.. لهذه الدولة على سبيل المثال.. كانت هذه الحرب هى الفخ الأول الذى استهدف عائدات البترول.
الحلقة الثانية هى عندما تغاضت أمريكا عن حلم صدام حسين أن يحتل العراق دولة الكويت.. فتهبُّ الدول المجاورة لنصرة الشعب الكويتى وتقوم ــ بقيادة أمريكا ــ بحرب لتحرير الكويت.. فيما عرف بحرب الخليج الثانية.. وفى هذه الحرب سحبت السعودية والكويت والإمارات الكثير من رصيدها الذى كانت تحلم بتركه للأجيال القادمة.. وهى مبالغ رهيبة بكل المقاييس..
وجاءت الحلقة الثالثة، وهى ما عرفت باسم حرب الخليج الثالثة، أى غزو العراق نفسه وتدميره بدعوى امتلاكه لأسلحة الدمار الشامل.. ثم كان ما كان من تدمير العراق كله كدولة متحدة.. وما نتج عنها من تقسيم العراق ــ فعلياً ــ وأبرز نتائج ذلك قيام دولة كردستان وخروج جنوب العراق, قبل أن يسيطر الشيعة على مقاليد الحكم فى كل العراق.. وها نحن نجد أن بغداد ــ وكانت ثانى أكبر دولة بترولية فى المنطقة ــ لم تعد تستطيع اتخاذ أى قرار دون موافقة طهران.
أما الحلقة الرابعة، فهى ما يجرى الآن فى اليمن.. وما أدراك ما المستنقع اليمنى ــ ليس الآن فقط ــ بل وعبر السنين الطوال. وبسبب أطماع إيران فى الوصول للبحر الأحمر دعمت وساعدت الحوثيين لينقلبوا على السلطة الشرعية وتجد السعودية ــ الهدف الذى يسعى له المخطط الغربى ــ نفسها مضطرة لدخول هذه المعركة دفاعاً عن أرضها وعرضها، بل ووجودها نفسه، ومعها تشترك دول الإمارات والكويت ومصر بحرياً وجوياً، حتى الآن.. وهذه حرب تستهدف ــ أيضاً ــ استنزاف عائدات البترول، وأيضاً استنزاف كل مصادر القوة العربية أو ما بقى منها.
ونصل إلى الحلقة الخامسة.. وهى ما أطلقوا عليها ثورات الربيع العربى التى بدأت بتونس ــ وكانت دولة بترولية.. ثم سياحية متقدمة.. وتصل إلى ليبيا، أكبر دولة بترولية عربية فى أفريقيا كلها، وحتى قبل الجزائر.. وربما تصل إلى السودان، ووضح هذا الاتجاه منذ بدأ ظهور البترول فى أراضيه، سواء فى السودان الشمالى.. أو فى دولة جنوب السودان.. والهدف هنا ــ أيضاً ــ هو مصر!!
أما الحلقة السادسة ــ ولن تكون الأخيرة ــ فهى ما يجرى فى سوريا، التى نالت من التدمير أكثر مما نالته أى دولة من دول الربيع العربى، وها هو تقرير البنك الدولى ــ الذى صدر منذ ساعات ــ يتحدث عن تكاليف فاتورة الحرب هناك وهى حوالى ٥٣ مليار دولار، سوف تتحملها دول المنطقة، وهى بالتحديد العراق ومصر ولبنان والأردن وتركيا.. وبالقطع تأتى فى المقدمة السعودية وأيضاً الإمارات.
ولكن هل هذه الأرقام هى كل فاتورة أزمة سوريا؟ بالقطع لا، لأن مدن سوريا وقراها تم تدميرها تدميراً.. حتى البنية الأساسية من مياه وكهرباء وصرف وطرق.. نالها الكثير، وهنا نتساءل عما تتحمله تلك الدول المشاركة فى هذا الصراع الإقليمى الرهيب، ليس فقط لتغطية أعباء هذه الحرب، ولكن فيما يمكن أن تتحمله عندما تبدأ عملية التعمير وإعادة البناء..
■ والهدف من كل ذلك ــ القديم والجديد ــ هو استنزاف ما بقى من عائدات هذه الدول من البترول.. ليس للجيل الحالى.. ولكن أيضاً لما هو قادم من أجيال.. لأن هذه الدول مثلاً «السعودية والإمارات والكويت وقطر» لديها أرصدة مالية واستثمارات مخصصة للأجيال القادمة.. أى بكل بساطة نجد أن المخطط الغربى يستهدف ألا تنهض المنطقة العربية وبالذات البترولية منها.. ليس الدول القديمة بترولياً مثل السعودية، وباقى دول الخليج فقط.. ولكن أيضا الدول البترولية الجديدة مثل اليمن والسودان.
الهدف هو «إفقار» هذه الدول.. مهما كان الثمن.