مرتضى منصور الذى هاجم بضراوة وقسوة الدكتورة منى مينا، وكيل نقابة الأطباء، التى دعت أطباء مستشفى المطرية إلى الإضراب، احتجاجا على اعتداء أمناء الشرطة عليهم.. واتهمها بتخريب البلد، لأن ما تدعو إليه ليس هو الطريقة المناسبة لاستعادة الحقوق، وأنها بتصريحاتها تُشعل فتنة ليس هذا وقتها.. ليس هو بالتأكيد مرتضى منصور، رئيس الزمالك، الذى يرفض قرار الأمن واتحاد الكرة بإقامة مباراة الأهلى والزمالك فى برج العرب.. وتوالت تصريحاته بأن الزمالك لن يذهب أو يلعب فى برج العرب، وسيطلب إقامة مباراة الدور الثانى بين الفريقين فى ليبيا أو اليمن أو سوريا أو العراق حيث تنظيم داعش.. فتصريحات منى مينا بشأن أطباء المطرية هى نفسها تصريحات مرتضى منصور بشأن ملعب مباراة القمة الكروية.. وإذا كان مرتضى منصور يطالب منى مينا بتبنى وسائل أخرى أكثر هدوءاً، احتراماً لظروف البلد التى لم تعد تحتمل ما هو أكثر، فإننا نطالب مرتضى منصور بنفس الهدوء، وأيضاً احتراماً لظروف نفس البلد.. ومرتضى منصور بالمناسبة ليس هو الوحيد الذى يمارس مثل هذه التناقضات.. أصبحنا كلنا نمارس ذلك دون أى استثناء.. لم نعد نتعامل مع أى أمر بموضوعية، إنما نرى الأشياء كلها وفق هوانا ومصالحنا.. وعلى سبيل المثال، وعبر شاشة «النهار»، أقام محمد الدسوقى رشدى حفلة صاخبة للتنكيل بمحمود طاهر، رئيس الأهلى، لأنه استدعى الأمن ليحمى النادى من الجماهير.. وكان الضعف والجبن والفشل والعجز والخيانة هى بعض الصفات التى ألصقها «رشدى» بمحمود طاهر لمجرد أنه خاف من احتمال اقتحام ناديه، فاستجار بالأمن.. وقال «رشدى» إن هذه الجماهير تحب ناديها وهى الباقية وليس الرئيس الضعيف الخائن الذى يحتمى بالأمن.. وكأن الأمن أصبح فجأة رفاهية أو أنه مادام توافر الحب فلا داعى لوجود الأمن.. إنه المنطق الذى ظهر فجأة بعد ثورة يناير، داعياً إلى الاستغناء عن وزارة الداخلية، وأن نحمى بأنفسنا بيوتنا وشوارعنا.. أو أن الرئيس السيسى مثلا الذى يحظى بحب الملايين واحترامهم ليس فى حاجة لحرس جمهورى وحماية الأمن له وكل مقاره ورحلاته.. كما أن «طاهر» لم يطلب الأمن إلا لأنه خاف من اقتحام بعض أفراد الألتراس للنادى الممتلئ بالسيدات والأطفال وكبار السن.. وهى ليست خطيئة أو فضيحة.. ولو كان من حق جماهير عاشقة لناديها أن تدخل النادى دون قيود فلماذا كانت عضوية الأندية أصلا أو أبوابها، ولماذا الأبواب كلها أساسا، وتنظيم الدخول إلى أى مؤسسة مدنية وعسكرية ورياضية مادمنا سنتعامل بقوانين الحب والانتماء؟!.. من الواضح أننا أصبحنا كلنا ضحايا للتناقض والهوى الشخصى وخلط الحسابات والأوراق.. كلنا بلا استثناء، بمن فيهم أنا وأى وكل أحد آخر.. ولهذا أختلف مع مرتضى منصور ومحمد الدسوقى رشدى بكل احترام ودون أى سخرية أو تجريح أو إهانة، لأن هذا الأسلوب لم يعد هو الحل.. فقد أصبحنا نحتاج لوقفة حاسمة مع أنفسنا أولاً، ثم مع المجتمع كله.. وقفة أتمنى أن نصل إليها بقرارنا واختيارنا قبل أن تفرضها علينا ظروف وفوضى قد لا نقبلها أو نحتملها.