من غير المنطقى أن تكون الحياة وقت الحرب مثل الحياة وقت السلم، ومن المنطقى أن تحد حالة الحرب من الحريات، وإن كانت لا تبرر القمع، فتوحش الإرهاب لا يعنى أن تتوحش الدولة، وقد عرفت فرنسا دائماً بلد الحريات، وعرفت عاصمتها باريس بمدينة النور، ولكن، وبعد تفجيرات باريس فى نوفمبر الماضى لم تعد الحياة فيها كما كانت قبلها.
شركة توزيع الفيلم الروائى «صنع فى فرنسا» عن المتطرفين الفرنسيين أجلت عرض الفيلم الذى كان من المقرر عرضه فى يناير، ويوم الأربعاء 27 يناير أصدر وزير الثقافة الفرنسى فلور بيليران قراراً بعرض الفيلم التسجيلى «سلفيون» الذى أخرجه فرنسوا مارجولين، بالتعاون مع الصحفى الموريتانى ليمين ولد سالم، للكبار فقط «أكثر من 18 سنة»، واتفق فى ذلك مع المركز الوطنى للسينما الذى يتولى تصنيف الأفلام فى أن الفيلم لم يطرح وجهة نظر مضادة للمتطرفين.
كان من المقرر عرض الفيلم فى مهرجان البرامج المسموعة والمرئية فى ميارتيز جنوب غرب فرنسا، ولكن المركز الوطنى للسينما طلب من إدارة المهرجان عرضه على النقاد والصحفيين فقط لأنه «يحط من الكرامة الإنسانية» فى مشهد ضابط الشرطة الذى قتل فى الهجوم على صحيفة «شارلى إيبدو» الساخرة فى يناير 2015، وقد حذف مارجولين وولد سالم المشهد، وقدما النسخة الجديدة من الفيلم يوم الثلاثاء 26 يناير، ومع ذلك صدر القرار فى اليوم التالى.
قال مارجولين، فى تصريح لصحيفة «نيويورك تايمز»، إنه لم يكن يتوقع أن يقتصر عرض الفيلم على فئة عمرية معينة، وأضاف أن «المقابلات تشرح أيديولوجية هؤلاء الأشخاص، وتكشف الصور الدعائية كيفية تطبيق أفكارهم على أرض الواقع، وأعتقد أن الناس أذكياء بما يكفى لأن يتفهموا التضاد».
ومن الجدير بالذكر أن قرار قصر عرض فيلم على من هم أكثر من 18 سنة فى فرنسا يرتبط بمحتويات إباحية أو مشاهد شديدة العنف، ونادراً ما طبق على فيلم تسجيلى، وتبذل الدولة الفرنسية بعد تفجيرات نوفمبر جهوداً مضنية للتوفيق بين حرية التعبير ومتطلبات الأمن الوطنى، وتبذل الدولة المصرية جهدها أيضاً لتحقيق هذا التوفيق، والشهداء يصعدون كل يوم من الجيش والشرطة والمدنيين، ولا يجب أن تتوقف هذه الجهود، وإنما تزيد، فهم شهداء من أجل حرية الوطن والمواطن.