نقيب الصحفيين التونسيين ناجى البجورى: «السبسى» يريد توريث الحكم لابنه (حوار)

كتب: سمر النجار, سوزان عاطف الخميس 04-02-2016 20:23

قال نقيب الصحفيين التونسيين، ناجى البجورى، إن حرية الرأى من أهم المكاسب التى حققتها «ثورة الياسمين»، وإنه لا سبيل للتراجع عنها، لافتا إلى أن الرئيس السبسى «واهم» لأنه يريد توريث الحكم لابنه. وطالب «البجورى» فى حوار لـ«المصرى اليوم»، الحكومة بضرورة تحمل مسؤولياتها، فى حل أزمة البطالة، التى تسببت فى قيام الاحتجاجات الحالية، منوها إلى أنه فى عهد راشد الغنوشى دخلت البلاد فى مهاترات حول الهوية الثقافية، وأمور الدين المعروفة للجميع فضلا عن التخوف من انتقاص حقوق وحريات المرأة. وتابع: «الأوضاع الاقتصادية وانتشار البطالة وغياب محاربة الفساد أسباب اندلاع احتجاجات الجنوب، والاحتجاجات الحالية تسقط الحكومة وليس النظام».. وإلى نص الحوار:

■ فى رأيك هل حققت الثورة مكاسب للتونسيين؟

- طبعا بالنسبة لنا الثورة كلها مكاسب، أعطت للتونسييين الكرامة، التى كانت مفقودة والتى لا يمكن مقارنتها بأى شىء آخر فنحن كنا نعيش تحت وضع عسكرى صعب، وكان يحكمنا ديكتاتور، ومن كانوا يتباكون على زمن ما قبل الثورة هم من كانوا يستفيدون منه، لكن عموم التونسيين يدركون لأى حد فتحت الثورة مجال أمل للمستقبل، من أجل أن نصبح دولة حقيقية، ونحن بها مواطنون، وليس ملفات فى أمن الدولة، نحن الآن نعبر عن آرائنا بكل حرية.

■ معنى ذلك أن حرية الإعلام الآن مطلقة، والسلطة لا تتدخل فيها نهائيا؟

- ليس إلى هذا الحد، لكنها أفضل كثيرا من أيام بن على، وحاليا نحن نرفض محاكمة الصحفيين، حسب قانون الإرهاب، نحن لدينا قانون متقدم جدا، والأخطاء المهنية فى الصحافة يجب أن يتم تصحيحها داخليا، وليس فى أروقة المحاكم، ورئيس الحكومة نفسه صرح مؤخرا، بأن الإعلام مسؤول بشكل كبير عن تفجر الأوضاع فى الجنوب، وأن الإعلام يعيش فى كوكب آخر، لأنه لا يقول ما تريده الحكومة، رغم أننا قمنا بنقل ما يحدث، ولم نتدخل فيه، ورئيس الحكومة بهذه التصريحات يريد أن يعيد الإعلام إلى بيت الطاعة، نحن نعتبر أن حرية الرأى، والتعبير، المكسب الوحيد للثورة، نحن لم نحقق رخاء اقتصاديا، أو مكاسب أخرى، ولن نتنازل عن الحرية تحت أى ضغط.

■ فى رأيك ما هى أسباب اندلاع الاحتجاجات فى الجنوب؟

- هذه الاحتجاجات لها ما يبررها، الأوضاع الاقتصادية المتردية، وانتشار البطالة، وغياب البرامج الحكومية الواضحة لمحاربة الفساد، وتحسين المعيشة من أهم أسباب اندلاع هذه الاحتجاجات، ويجب على الحكومة أن تتحمل مسؤولياتها فى معالجتها.

■ هل تتوقع أن تؤدى هذه الاحتجاجات إلى قيام ثورة أخرى؟

- لا أعتقد أن هذه الاحتجاجات تؤدى إلى ثورة جديدة، لكنها قد تصل إلى إسقاط الحكومة الحالية، لأن هناك فرقا بين الثورة الأولى وبين الاحتجاجات الحالية، الثورة الأولى كانت موجهة ضد نظام استبدادى، ونظام ديكتاتورى، وكانت تطالب بالحرية وإسقاط النظام، أما الاحتجاجات الحالية فليست موجهة ضد نظام، وإنما موجهة ضد سياسات حالية، وهى فشل الحكومة فى توظيفهم وتوفير حياة كريمة لهم.

■ هل ترى أن تونس بوضعها الحالى تتحمل مظاهرات واحتجاجات أخرى؟

- فى اعتقادى أن التظاهر علامة صحية، والخوف الوحيد الذى ينتابنى أنا كصحفى وناشط حقوقى هو أن يتحول البلد إلى ديكتاتورية عسكرية، صحيح أن الإرهاب واقع ويجب أن نحاربه ليس فقط بالأمن والسلاح ولكن يجب أن نحارب الإرهاب فى العقليات إذا كانت نماذج الدراسة عندنا مازالت تشجع الإرهاب والتطرف وكذلك فى الإعلام الذى يدعو إلى دونية المرأة وإلى التفريق بين الأديان والتعصب الفكرى، وفى اعتقادى أن هذا هو المحاربة الحقيقية للإرهاب ويجب على التونسيين أن يحموا بلدهم ليس من الإرهاب لكن أيضا من عودة الفساد.

■ متى تتوقع أن تتوقف الاحتجاجات فى ولايات الجنوب؟

- هذه الاحتجاجات لا يمكن أن تنتهى، لأن الشباب الذى يرى أنه قام بثورة، وانتظر 5 سنوات وأكثر من أجل أن يعمل، ثم يجد نفسه يائسا، ويقف فى نفس المكان الذى كان عليه قبل الثورة، وهو الآن غير متقبل لفكرة الانتظار أكثر من ذلك، لكن الآن الكرة فى ملعب الحكومة، وهناك إجراءات عاجلة يجب أن تقوم بها من بينها: تشغيل شخص من كل عائلة، على الأقل، من غير المقبول أن تكون هناك عائلة بها 4 أو 5 عاطلين، أو من خلال منحة بطالة، كما يجب على الحكومة أن تكون جادة فى محاربة الفساد، فكيف تقوم الآن بالتصالح والتسامح مع رجال أعمال فاسدين، ممن نهبوا ثروات طائلة فى مقابل سجن فقراء لسرقتهم أشياء بسيطة أيام الثورة، مثل تليفزيون أو ثلاجة ما يثير ثورة بين الفقراء والمحتاجين، فكيف تحاسبون هذا وتتركون ذاك، نعم نحن نرفض التخريب والسرقة وقبل أن نحاسب المخرب والسارق الصغير يجب أن نحارب السارقين الكبار، صحيح أن الحكومة ليس لديها عصى سحرية من أجل توفير فرص عمل وإقامة مشاريع تنموية، لكن يجب أن توجه رسائل واضحة وإيجابية على أنك تحارب الفساد.

■ هل هناك اختلاف فى طريقة تعامل قوات الأمن مع المواطنين الآن عما كانت عليه قبل الثورة؟

- قد تكون طريقة تعامل قوات الأمن مع المواطنين أفضل مما كانت عليه قبل الثورة إلا أنه لا يزال هناك قمع وتجاوزات داخل أقسام الشرطة تجاه المواطنين، ولكننا متخوفون من عودة القمع، والدولة البوليسية مرة أخرى، من يحكمون الآن خدموا مع النظام السابق، ويخدمون مع النظام الحالى بنفس العقلية غير الديمقراطية، الديمقراطى لا يتحول إلى ديمقراطى فجأة فى الستين من عمره، بل يكون له تاريخ ديمقراطى وأن يمارس الديمقراطية، وما يحدث فى الاحتجاجات والاعتصامات من تجاوزات لا يكون سببا فى إطلاق يد الأمن على مداها.

■ بعد مرور 5 سنوات على الثورة التونسية.. هل تعتقد أن الفساد لايزال موجودا فى المؤسسات الحكومية التونسية؟

- بالطبع، الفساد لايزال موجودا، ومؤسسة الأمن تعد أكثر المؤسسات فسادا فى الحكومة، والكل يعلم ذلك.

■ أى نوع من الفساد تقصد؟

- أقصد الرشاوى، وهذه المسألة معروفة للقاصى والدانى، ويجب أن تكون هناك أجهزة لمراقبة المؤسسات الحكومية ومنع هذا الفساد.

■ فى رأيك ما أسباب سقوط حكم الإخوان فى تونس؟

- فى عهد راشد الغنوشى، دخلت البلاد فى مهاترات حول الهوية الثقافية وأمور الدين المعروفة للجميع فضلا عن التخوف من انتقاص حقوق وحريات المرأة واليساريين التى تم اكتسابها عبر سنوات، ما جعل المواطنين يتجهون لانتخاب الرئيس الحالى.

■ الرئيس التونسى قال إن النساء هن من ساعدنه فى الوصول للرئاسة.. فما الذى دفع النساء للتصويت له من وجهة نظرك؟

- فى الواقع، هناك عاملان ساعدا السبسى فى الوصول إلى كرسى الرئاسة، الأول: النساء، والثانى: الحركات اليسارية والعلمانية التى تخوفت من بقاء الإسلاميين فى الحكم، وبالتالى الانتقاص من مكاسب كل منهما وربما فى فترة ما قبل الانتخابات، قام جزء من الإعلام بالتخويف كثيرا من حركة النهضة، والسبسى جنى ثمار هذا التخويف، ونقطة التخويف كانت أن حركة النهضة فى حالة فوزها مرة أخرى قد تمس من مكاسب المرأة أو تعيدها إلى الوراء رغم أن حركة النهضة الإسلامية سواء من خلال رئيسها راشد الغنوشى أو من خلال قادتها دائما يؤكدون أن حركتهم ملتزمة بعدم تعدد الزوجات أو الانتقاص من حرية المرأة إلا أن ذلك لم يكن مطمئنا كفاية، لذلك كان تصويت النساء للسبسى كبيرا جدا، وحسب مراكز البحث واستطلاع الرأى فإن ما يقرب من مليون امرأة صوتت للسبسى، وهذا بالطبع لن يكون فى المستقبل لأن هناك صدمة وهناك إحباط لأن من صوتوا لصالح السبسى صوتوا باعتباره بديلا عن الإسلاميين، لكن ما حدث أنه أخذ الأصوات ثم تحالف مع الإسلاميين، ثم هناك جانب آخر، وهو أن هناك تشنجا بين الطرف الحاكم والقوى اليسارية، وهناك تصريح للسبسى قال فيه إن التطرف اليسارى ليس مختلفا عن التطرف اليمينى، ما أثار استياء حلفاء الأمس الذين ساهموا فى إسقاط حركة النهضة، وإيصاله إلى الحكم.

■ ما هى مطالبكم من الحكومة الحالية؟

- إقرار قانون حرية تداول المعلومات، وألا تتدخل الدولة فى الإعلام الحكومى، وفى تعيين المسؤولين فيه، بل يتم ذلك عن طريق هيئة مستقلة عن الحكومة، وعن الأحزاب، لكن ما حدث منذ شهرين سابقة خطيرة جدا، وهى أن رئيس الحكومة تدخل وأقال رئيس التليفزيون، وتعيين شخص آخر، نحن لا نريد للحكومة أن تعين أشخاصا مقربين منها، ونحن لا نريد أن نتراجع للوراء بل بالعكس، نحن نريد أن نرسخ لقانون الحريات.

■ هل تتوقع أن يكون الرئيس الحالى لديه نية لتوريث ابنه الحكم؟

- الرئيس الحالى لديه النية بالفعل لكنه لا يستطيع طالما نحن موجودون فى هذا البلد، هو يدعم ابنه فى حزب نداء تونس، وهذا شأنه ويخص المنتسبين لنداء تونس، لكن أنا أقول له: «لو فكرت يوما فى أن تضع ابنك على الكرسى، فلن يكون هذا متاحا، ولن يكون ممكنا»، والسبسى انتخب لمدة 5 سنوات، ولا أعتقد أن التونسيين سينتخبونه مرة أخرى، حتى فى حالة ترشحه، لأن عمره الحالى 88 سنة، وهذه مفارقة، ثورة يقوم بها شباب فى العشرينيات، ويحكمها شيوخ فى التسعينيات، لكن فى كل الأحوال المهم لنا هو استمرار التجربة الديمقراطية.