نمط الحياة الأمريكية فى خمسينيات القرن الماضى وما مرت به من تحولات وتغيرات هو محور أحداث الفيلم الأمريكى Revolutionary Road والذى يعرض حاليا فى مصر تحت الاسم التجارى «الطريق الوعر»، ويلعب بطولته «ليوناردو دى كابريو» و«كيت ونسليت» و«كاثى بايتس» و«ويفيد هاربر» و«مايكل شانون»، وأخرجه «سام مندز» - زوج «كيت ونسليت» - عن رواية بالاسم نفسه للكاتب «ريتشارد ياتس» قدم لها المعالجة السيناريست «جاستن هايثى»،
وقد تجاوزت إيرادات الفيلم 20.5 مليون دولار فقط حتى الآن فى الولايات المتحدة، ورشح لثلاث من جوائز الأوسكار كأفضل ديكور وأزياء وممثل مساعد لـ«مايكل شانون»، وأربع من جوائز الأكاديمية البريطانية لفنون السينما والتليفـزيون «بافتا» وهى أفضـل أزياء وتنفيذ إنتـاج وسيناريو مقتبس وممثلة لبطلته "كيت ونسليت".
تدور أحداث الفيلم حول «فرانك» و«أبريل» زوجين يعتبران نفسيهما مختلفين ومميزين عمن حولهما، وحين ينتقلان للإقامة فى منزل جديد بمنطقة «ريفليوشنارى رود» يصممان على أن يعزلا نفسيهما عن التغيرات التى تحيطهما والمستجدات حولهما فى المنطقة حفاظا على هذا التميز، والذى من أجله يخططان للسفر إلى باريس التى يقدمها الفيلم كرمز للشجاعة والحرية والإستقلالية، إلا أن حمل «أبريل» يقتل تلك الخطة.
استغرق تحويل الرواية إلى شاشة السينما رحلة طويلة حوالى 42 عاما حيث نشرت الرواية عام 1961، فقد حاول مخرجون كثيرون العمل على نصوص سينمائية لتقديمها فى فيلم منهم المخرج «فرانك هيمر»، إلا أن أيا من هذه النصوص لم يكن مشجعا ومرضيا لتقديمه على شاشة السينمــا، وبيعـــت حقوق تحويل الرواية إلى المنتج «ألبرت رودى» مقابل 15.5 ألف دولار، والذى باعها بدوره إلى زميله "باتريك أونيل"،
وحاول كاتب الرواية "ريتشارد ياتس" يائسا أن يعيد حقوق الرواية إليه، رغبة منه فى كتابة معالجة لها بنفسه، حيث كان قد كتبها وهو فى الخامسة والثلاثين من عمره، لكنه فشل فى ذلك، وهو ما حاولت تحقيقه أيضا أرملته حين توفى عام 1992، وفى عام 2003 كتب المؤلف «بلاك بيلى» أول سيرة ذاتية عن «ريتشارد ياتس»، مشيرا إلى تميز رواية Revolutionary Road ومضامينها التى تركز على ضرورة الثقة والأمانة مع الذات أولا قبل الغير،
ورأى ضرورة تحويلها إلى فيلم، مستشهدا بمقولة لـ«ياتس» : «أسوأ شىء فى الحياة أن تعيش أكذوبة»، لتعود الرغبة فى تحويل الرواية إلى السينما مجددا وتحديدا لدى السيناريست «جاستن هايثى» والذى استشعر بخطورة المغامرة وصعوبتها حيث قلة تجاربه السينمائية، إلا أن ما دعمه هو مرونة الرواية وطزاجتها ومدى قربها من العصر الحالى وصلاحية تعبيرها عن أى زمان أو مكان، رغم أن أحداثها تدور فى خمسينيات القرن الماضى.
رشح البريطانى «سام مندز» لإخراج الفيلم والذى سبق أن حقق نجاحا فى تقديم نمط الحياة الأمريكية فى أفلامه السابقة مثل «الجمال الأمريكى»، ولم يكن «مندز» قد قرأ الرواية، إلا أنه علم عنها الكثير من خلال السيناريو الذى أرسله السيناريست «جاستن هايثى» إلى زوجته «كيت ونسليت»، والتى رشحت «مندز» لإخراجه، والذى قرأ بدوره الرواية واستشعر كم الفلسفة التى تمتلئ بها ومدى تميز أى عمل سينمائى قد يقدم عنها خاصة أنها تركز على البشر وما يمتلئون به من مشاعر سواء كانوا خيرين أو أشرارا على حد تأكيده.
كان اختيار «مندز» لكل من «كيت ونسليت» و«ليوناردو دى كابريو» نابعا من توافقهما معا على الشاشة منذ ظهورهما وقد كانا فى العشرينيات من عمرهما فى الفيلم الرومانسى الشهير «تيتانيك»، وهى المرة الأولى لـ«دى كابريو» لتقديم دور زوج وأب يعمل بوظيفة روتينية بينما قدمت «كيت» - التى تجسد دور ربة منزل - دور الأم من قبل فى عدة أفلام منها «أطفال صغار» الذى رشحت عنه لأوسكار أحسن ممثلة.
يقول «مندز»: أردت خلال الفيلم خلق نافذة للناس على تلك الفترة الزمنية، ولذلك صورنا فى منزل صغير جدا وقديم أيضا يعود عمره إلى الخمسينيات وبطراز معمارى معبر عن تلك الفترة، واعتمدت على مصادر إضاءة طبيعية تمنح أضواء خفيفة تناسب ما كان سائدا وقتها، وذلك بعد البحث فى صور التقطت فى الخمسينيات فعلا.
وبقدر سهولة تجهيز ملابس «ليوناردو دى كابريو» كانت صعوبة اختيار ملابس «كيت ونسليت» لأن السائد وقتها كان ارتداء النساء ملابس قطنية بسيطة، بينما شخصية «أبريل» التى تجسدها «كيت» محبة للتزين والاعتناء بملابسها وتسريحة شعرها المنسدل، ولذلك اعتمد «مندز» على الملابس المتنوعة وليست قطنية ولا تخلوا من الأناقة واستخدام الإكسسوارات.