طالب الهندسة فى طنطا يؤم الناس فى صلاة العصر، ويستخير الله فى قتل عمته، ثم يعقد العزم ويتوجه إلى شقتها، ويجهز عليها ثم يتوجه إلى المستشفى لعلاج ما أصاب يده من عملية القتل. يعترف المتهم بقتلها لأنها كافرة على الرغم من أنها كانت حريصة على أداء الصلوات، وذهبت للحج أكثر من مرة، حسنة السمعة، وكانت تساعد فى عمل الخير، وتنفق عليه وعلى أسرته. لا تتعجبوا، قبلها بمئات السنين فعلها أجداده من الخوارج، حين قرروا قتل على بن أبى طالب ومعاوية بن أبى سفيان وعمرو بن العاص فقد وجب قتلهم لكفرهم. اعتمروا وطافوا وصلوا واعتكفوا فى المسجد الحرام شهرا، واستخاروا الله، ثم تعاهدوا وأقسموا وافترقوا، فريق إلى الكوفة لقتل على، وفريق إلى دمشق لقتل معاوية وعمرو. قتلوا من يسر لهم قتله وهو على بن أبى طالب، وأفلت من القتل من قدر له أن يفلت منه وهما معاوية بن أبى سفيان وعمرو بن العاص. كلهم حين يضللون باسم الدين، يصلون ويستخيرون ويعتكفون قبل القتل وبعده. طالب الهندسة يقرر كفر عمته ويقرر قتلها لأنها قد أتت ناقضا من نواقض الإسلام العشرة ومن نقض واحدة منها فقد كفر ويستوجب الأمر قتله، ومادام يستوجب الأمر قتله فلا حرج عليه أن يقيم الحد بنفسه عليها دون استئذان الحاكم (كما قرر المشايخ)، لم يغفر لها المسكينة عنده أنها عمته تطعمه وتسقيه وتؤويه وتأتمنه على نفسها ومالها، يظن المسكين أن إرضاء الله تعالى هو أن يسرف فى القتل فى تهشيم رأسها كما يفعل الدواعش فكلهم من معين واحد يشربون وينهلون.
أيها القضاة لا تحاكموا هذا الشاب المسكين المضلل، بل حاكموا الوهابية التى تصول وتجول بنواقض الإسلام العشرة فى بلادنا تكفر من يأتى بها أو بواحد منها وإباحة دمه وماله تعالوا إليها. الأول: الشرك فى عبادة الله، والدليل قوله (إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا).
الثانى: من جعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم ويسألهم الشفاعة، ويتوكل عليهم فقد كفر، والدليل قوله (أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِى مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِى مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ).
الثالث: من لم يكفر المشركين أو شك فى كفرهم أو صحح مذهبهم كفر والدليل قوله (َوقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ ).
الرابع: من اعتقد أن غير هدى النبى أكمل من هديه وأن حكم غيره أحسن من حكمه فهو كافر، والدليل قوله (فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُم).
الخامس: من أبغض شيئا مما جاء به الرسول، ولو عمل به كفر، والدليل قوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَّهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ، ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُم).
السادس: من استهزأ بشىء من دين الرسول أو ثوابه أو عقابه كفر، والدليل قوله (ْولَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ).
السابع: السحر ومنه الصرف والعطف، فمن فعله أو رضى به كفر، والدليل قوله (َواتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُواْ).
الثامن: مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين والدليل قوله ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا).
التاسع: من اعتقد أن بعض الناس يسعه الخروج عن شريعة النبى محمد فهو كافر، والدليل قوله (وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِى الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِين).
العاشر: الإعراض عن دين الله لا يتعلمـه ولا يعمـل به؛ والدليل قوله (مَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلاَّ بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُّسَمًّى وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنذِرُوا مُعْرِضُون).
المسكينة القتيلة والمسكين القاتل ضحية مشايخ الوهابية الذين ضللوا الأمة قرونا، يقتل المسلمون بعضهم بعضا باسم نواقض الإسلام العشرة، ويستحل المسلم دم أخيه المسلم وماله وعرضه سعيدا راضيا طامعا فى فضل الله وكرمه، سيحاسب هؤلاء المشايخ عن كل جريمة قتل ولن يفلت منهم شيخ، ولن يقولوا اجتهدنا وأخطأنا، الجريمة ثابتة الأركان موثقة بشهودها هذا قتيلكم وهذا قاتلكم.
هذا هو ما ننادى به حول تجديد الخطاب الدينى أن نسحب سلطة التكفير من سلطة خلق الله إلى سلطة الله وحده وهذا أول خطوة فى إصلاح الخطاب الدينى.