جشع الحكومة

ناجي عبد العزيز الأربعاء 03-02-2016 21:46

ليس هناك تفسير منطقى لكل الإجراءات التى اتخذتها الحكومة مؤخراً سوى «الجشع» الذى طالما اتهمت به آخرين.. الحكومة عادت للسلوك القديم بتمييز فئة على حساب أخرى بالقرارات التى اتخذتها مؤخراً، بدءاً بسجل المصانع الموردة للمنتجات من الخارج، مروراً بالتعديلات التى أقرتها مؤخراً على التعريفة الجمركية، وهى قرارات ستتسبب حتماً فى زيادات جديدة فى الأسعار «المنخفضة عالمياً».

الحكومة قررت أن تعالج مشاكلها على حساب المستهلك وعلى حساب المستقبل، فلا هى تحل المشاكل وفق رؤية يمكن من خلالها تعظيم المكاسب بتحويل التحديات إلى فرص وتلتزم بنظرية إطفاء الحرائق دون أن تكون لديها رؤية لمنعها أو على الأقل الحد منها، فتحولت إلى «الدبة التى تقتل صاحبها كل يوم».. لم تستطع بكل قراراتها أن تفعل شيئاً سوى التضحية بالمستهلك وبالمستقبل لأنها تنظر دائما تحت قدميها.. والأدلة كثيرة، منها- على سبيل المثال- قرار تسجيل المصانع الموردة الذى تضمن سلعا معينة، منها مثلا الدراجات والساعات وغيرهما، وقدم مبررات عديدة بعيدة تماما عن المبرر الرئيسى الذى هو تقييد الاستيراد، ولم يقدم خطة لتوطين صناعة محلية أو حتى أجنبية لمثل هذه المنتجات محليا.

وذكر وزير الصناعة أن قراره هدفه الحد من المنتجات العشوائية وحماية المستهلك، ولم يذكر أنه هو المسؤول عن منع وإدخال كل السلع بالأسواق لأنه يتحكم فى الموانى ويصدر المواصفات القياسية... لم تتحدث خطط الحكومة فى مكافحة التهريب الذى حتما سيزدهر بسبب قراراته.. فالممنوع دائما مرغوب.

أنتقل إلى وزير المالية الذى تحدث عن الزيادات الجمركية وأثرها على موارد الدولة، ولم يوضح للرأى العام أن الجمارك التى تم رفعها جزء مهم منها يأتى من دول معروف أنها معفاة جمركيا عندما تدخل مصر، ومن ثم تتراجع حصيلة الدولة، بينما يتحمل المستهلك قيمة الزيادة الجمركية.. لم يتحدث وزير المالية عن خفض الإنفاق الحكومى أو عن حرق ميزانيات الهيئات والمؤسسات لمخصصاتها كل عام، تجنبا لإعادة فوائضها لخزانة الدولة.. ولم يتحدث عن... وعن... وعن... فى معظم الوزارات «إلا القليل منها»، الذين فشلوا فى الدفاع عن القوانين الجديدة أو قدموا قوانين مشوهة، أو لم يعدوا مشاريع قوانين أو رؤية جديدة لمستقبل أفضل، وكلنا يعلم أن هذا البلد لديه موارد متنوعة تبنى اقتصادا قويا.

يا سادة.. عندما تحتاجون إلى موارد أكثر لا تأخذوها من جيوب الناس، لأنهم فى النهاية هم من يدفع.. ابدأوا بأنفسكم أولاً حتى لا يتهموكم بالجشع.