جلْيَطة فى نيويورك

أسامة غريب الثلاثاء 02-02-2016 21:34

توفى إلى رحمة الله فى نيويورك الأستاذ فتحى هيكل، وهو أحد المصريين الناجحين فى أمريكا. كان فتحى يمتلك مطعماً فى مانهاتن اعتُبر وجهة لأصحاب الذوق الرفيع فى الطعام الإيطالى. ولما كان المرحوم صديقاً للمصريين والعرب فى المدينة فقد كان فى وداعه عدد كبير من أصدقائه وعارفى فضله. كان العزاء فى أحد مساجد حى أستوريا الذى يقطنه الكثير من المصريين. توافد على المسجد للقيام بواجب العزاء، الكبير والصغير والغنى والفقير والمسلم والمسيحى، فكلهم يحبون الرجل الذى اختطفه السرطان من أسرته ومحبيه.

كل هذا جميل وطبيعى، لكن ما ليس جميلاً ولا طبيعياً أن السيد إمام المسجد الذى كان يلقى كلمة فى وداع الفقيد خرج على طبيعة البشر الأسوياء وتكلم بما يأباه الذوق واللياقة. فى البداية تحدث باللغة العربية ثم انتقل بعد ذلك إلى الحديث بالإنجليزية التى لا يعرف منها أكثر مما كان العاملون بالأورنس الإنجليزى يعرفون حين كان العمل بالكامب يمنح صاحبه إحساساً زائفاً بمعرفة اللغات الأجنبية!.. وهذه على أى حال مأساة من يهاجرون ويعيشون لعشرات السنين بالخارج داخل جيتو منغلق على أفكار معادية للغرب، بالرغم من أن هذا الغرب هو الذى آواهم وأحسن وفادتهم وأمنهم من جوع ومن خوف بعد أن خرجوا من أوطانهم مضروبين بالحذاء!.. المهم أن الأفندى وصله من بعض الموجودين أن هناك بين الحضور عددا من المسيحيين أصدقاء الفقيد جاءوا إلى المسجد لتقديم واجب العزاء، فما كان منه إلا أن تنحنح وقال: إن المسيحيين ليس لهم بطبيعة الحال أن يدخلوا إلى المسجد لكنه مع هذا يرحب بهم ليضرب لهم مثلاً فى كرم المسلمين وأخلاقهم الحسنة، وحتى تكون لديه فرصة ليعمل على هدايتهم بإسماعهم درساً عله يكون مفيداً فى دخولهم الإسلام ونجاتهم من النار!. أعتقد أنه لا توجد فى الدنيا جليطة أكثر مما سبق.. أناس مجاملون أصحاب مودة وأريحية يأتون للعزاء فى صديق لهم فيتلقفهم نطع غير ذى صفة يحاول أن يحرجهم ويكسب بنطاً وسط بطانته من الكواحيل بحسبانه الداعية الصنديد الذى دعا المسيحيين للدخول فى الإسلام! ياللسخافة ويالقلة الذوق.. هل تصور جنابه أن الدعوة للإسلام تكون هكذا؟ إننى أتصور أن هذا الشخص الجاهل قد عاد إلى بيته فى تلك الليلة متصوراً أنه أدى للإسلام خدمة جليلة، ومن المؤكد أن حوارييه من المتشخرمين فكرياً قد هللوا لفعلته الرخيصة وأثنوا على فظاظته وغلظة قلبه. لكن الحقيقة أن وجود أمثال هذا الرجل بالمساجد هو ما يجعل الناس فى الغرب تخاف من المسلمين وتراهم نوعية من البشر غير قابلة للعيش بسلام مع غيرهم حتى لو كان هذا الغير مسالماً وودوداً. لا يفهم هذا الرجل وأمثاله أن الناس قديماً دخلوا فى الإسلام لإعجابهم بأخلاق المسلمين، أما الآن فإن هذا حتى لم يعد يكفى، فأصحاب الأخلاق الحسنة فى العالم لم يعودوا يجتذبون الناس لدينهم لكن لنموذجهم الحضارى، فما بالك إذا كانت أخلاق الدعاة بهذا الشكل. لا يفهم الأخ أن الناس راضية بأديانها وإلحادها على السواء ولا يوجد من يريد أن يغير دينه، أما بالنسبة للواحد فى المليون من البشر الباحثين عن الحقيقة فلن يفكروا أبداً فى التماسها لدى أحمق متعالم!!!!!!!!!!!!!!!