«والله مابزعل من حد، لأن مافيش حاجة اسمها بشر على قلب واحد».. هكذا قال الرئيس عبدالفتاح السيسى فى مداخلته الهاتفية المفاجئة أمس الأول مع الزميل عمرو أديب..!
أعرف أنك صادق - سيادة الرئيس - لأننى أعرفك إنساناً.. ورئيساً.. اقتربت منك كثيراً، فرأيت فى عينيك نقاء المصرى وحبه للوطن ومن عليه.. فالإنسان داخلك يطغى بحلمه على «سلطان الحاكم».. مازلت «عبدالفتاح» الإنسان الذى تربى فى «الجمالية».. لذا كن واثقاً أن حب المصريين هو شرعيتك الحقيقية.. شرعية صناديق الانتخابات الرئاسية أربع سنوات.. أما القلوب فشرعيتها للأبد..!
كن أنت.. ولا تتغير.. لا تغضب من ابنك إسلام جاويش لأنه يحلم ثم يرسم.. ربِّت على كتفيه، وكفكف دموع الحبس.. وقل له «أطلق خيالك يا إسلام.. حلق على جناح ريشتك.. لن أسمح لأحد بأن ينتف ريش عصفور يسعى للتحليق فى السماء»..!
قل له بحبك الجارف «تعلم يا فتى من جدك أحمد شوقى حين قال: شباب قنَّعُ لا خير فيهم.. وبورك بالشباب الطامحينا.. وتعلم من جوته: يتوقف مصير كل أمة على شبابها.. لن أغضب يا فتى.. لأننى أسير على سنة رسول الله، صلى الله عليه وسلم: لا تغضب.. ولأننى أحفظ القول المأثور لغاندى: الغضب والتعصب يعميان الإنسان عن الفهم الصحيح»..!
أنا شخصياً - سيادة الرئيس - سمعت كلماتك فاطمأن قلبى وهدأ قلمى.. غير أننى تمنيت أن تسرى دماء التسامح وحُلم الكبار فى عروق وشرايين الدولة.. تمنيت أن يتعلم المسؤولون والدوائر المحيطة بك أن الغضب يعصب العين ويلجم العقل، فلا يرى المرء سوى شهوة الانتقام.. وفى الانتقام نار تحرق «صفوف الأصدقاء»..!
قل لهم - سيادة الرئيس - «الكلمة شرف.. والأكثر شرفاً هو من يحمى صاحبها».. أعد على مسامعهم ما قاله عباس محمود العقاد: «الكلمة تختلف معانيها باختلاف قائلها.. فإن قالها صديق وأصاب فله أجران.. وإن قالها وأخطأ فله أجر.. فلا تصوروا للناس أننى أغضب.. فقد أجبرونى على تحمل المسؤولية بالحب.. والحب بينى وبينهم كلمة.. كلمة فى الميدان.. كلمة فى الصناديق.. وكلمة شرف وأمانة أمام الله عز وجل.. فكيف أغضب من مُحب حتى وإن خانته الكلمة وزل قلمه أو لسانه أو ريشته»..!
عرفناك - سيادة الرئيس - شجاعاً حين حملت رأسك على كفك لإنقاذ مصر من السقوط.. فليس أقل من أن يتحلى وزراؤك بمسحة شجاعة فى مواجهة الواقع الصعب.. وعرفناك منصفاً حريصاً على شعبك.. فهل كثير علينا أن نأمن «غضب» من لم يدركوا بعد أن الوطن لايزال يدمى من جراح الماضى؟!.. عرفنا دموعك وألفناها وأنت تبكى شهداءً يفتحون صدورهم للموت الشريف.. بينما البعض يفجر دموع الألم والظلم فى أعين المحبين..!
أصارحك القول - سيادة الرئيس - بأن كلماتك التلقائية وعباراتك الصادقة فى تلك المداخلة أعادت الهدوء إلى الصدور الخائفة.. فثمة مفارقة تدركها حتماً ونلمسها مثلك: الدولة المصرية لا تنتهى حدودها عند أسوار قصر الرئاسة.. فإن كان فى هذه المؤسسة رجال حولك يركضون فى حلبة سباق بلا نهاية.. فإن خارجها دوائر وأشخاصاً يجيدون زرع المطبات والعوائق فى كل الطرق.. أرى فى عينيك دائماً حزناً على أسى من «بقايا وأشلاء» دولة الماضى.. أعرف أنك تعرف أننا نعرف.. الحقيقة ساطعة كالشمس: الدولة بحاجة إلى دولة.. أنت تريد أن تقفز بالبلد على صاروخ، وهم يتحركون كالسلحفاة.. لا أنت لديك رفاهية الوقت لتنظر إلى الخلف، ولا هم لديهم القدرة على السير للأمام.. أنت تتكلم عربى وهم يفهمون هندى.. والمحصلة أنك - سيادة الرئيس - تتابع كل شىء وأى شىء بالتفاصيل الدقيقة.. ثم تنتفض فى كل لحظة وأى لحظة لتطفئ ناراً اشتعلت بفعل فاعل: والفاعل هنا إما جاهل أو مغرض.. أو حتى بلا ضمير..!
لا تجعل البعض - سيادة الرئيس - يقامر بشعبيتك وشرعية الحب التى تحكم مصر بها.. اجمعهم فى قاعة كبرى وضع سبورة على الجدار وعلمهم الدرس الأول فى «كتاب الحكم»: لا تغضب.. لا تنتقم.. افتح صدرك للمختلف معك أكثر من المتفق.. أو كما قال الراحل أنيس منصور «أسهل طريقة لكسب خصومك أن تستمع إليهم».. قل لهم ما بداخلك «أنا أحكم بالحب.. رأس مالى الحب.. وإن جف الحب فى بر مصر بارت الأرض وقست القلوب»..!
سوف يرفع أحدهم أصبعه ويقول «أنت الزعيم».. قل له «أنا مصرى».. سيقول آخر «لا تأخذك بهم رحمة».. قل «إن الله غفور رحيم».. سيقول ثالث «لنقذف بهم فى السجون».. قل «لنضعهم فى القلوب»!
صدقنى يا سيادة الرئيس.. ليس أجمل من أن تأخذ أبناءك جميعاً فى حضنك.. هذا قدرك.. ونحن نستحق ذلك..!