مناسبة هذا الكلام- مثلاً- أن يخرج علينا من عمل يوماً سفيراً لمصر في إثيوبيا.. وكان يقضى ساعات عمله كلها داخل مبنى السفارة.. وربما لم يدخل يوماً القصر الإمبراطورى البنى اللون الذي كانت تمرح فيه الأسود حرة أيام الإمبراطور هيلاسيلاسى آخر أباطرة إثيوبيا من الأحباش.. وهات يا كلام «ولت وعجن» ولكنه مثلاً لم يتجول بين بيوت الصفيح حول العاصمة أديس أبابا خوفاً من عصابات اللصوص.. وهذا «اللواء» الذي يدعو إلى الحرب ضد إثيوبيا دون أن يعرف عواقبها.. وأنه من السهل أن تدخل حرباً.. ثم تعجز عن الخروج منها، بأقل الخسائر!! وهل مصر مستعدة عملياً لخوض حرب ضد إثيوبيا مثلاً بسبب سد النهضة، حتى لو كان الشعب مهيأ لذلك معنوياً.
الخلاصة أنه ليس كل من عمل في قطاع يستطيع أن يتحدث فيه حديث العلماء والعارفين، وأتذكر هنا أحمد بك شوقى الذي كان لا يستطيع أن يقرأ أشعاره وهو من هو، وهو أمير للشعراء العرب.. بسبب صوته أحياناً.. وخجله أحياناً أخرى وكان ينتقى من حوارييه من يلقى أشعاره هو، نيابة عنه، في المحافل الأدبية والمناسبات العامة.. وليس كل من يحسن الكتابة.. يصلح خطيباً مفوهاً.. ويكفى هنا أن نجد من يخطئ ويخلط بين الدكتور محمد حسين هيكل باشا.. والأستاذ محمد حسنين هيكل، رغم شهرة الاثنين، فالأول كان رئيساً لحزب الأحرار الدستوريين وصحفياً كبيراً، بل كان رئيساً لتحرير أكبر صحيفة مصرية في بدايات القرن العشرين.. وكان رئيساً لمجلس الشيوخ.. والثانى هو الذي قفز بجريدة الأهرام وجعلها واحدة من أفضل 10 صحف في العالم كله.. إنما يبدو أنه «كله» هيكل.. وخلاص.. ومنهم من لا يعرف الاسم الصحيح للدكتور السنهورى باشا أشهر قانونى ورئيس لمجلس الدولة.. فهل هو: عبدالرازق.. أم الصواب عبدالرزاق.
إذن ما نراه من فوضى الألقاب يجب أن يتوقف، فهذا ضابط خرج من الخدمة عند رتبة بكباشى، أي مقدم، ولكنه يبحث عن «دفعته» ومن وصل منهم إلى رتبة اللواء، أو الفريق، ليمنحها لنفسه.. بنفسه.
وأشك كثيراً في أن كل من ذكرت يصلح ليصبح كما كتبت في مقدمة هذا المقال.. وإن كان منهم من يصلح بالفعل.. والباقى خبراء أونطة ولكنها لقمة العيش.. أو السعى وراء الشهرة، ربما أمام الأبناء والأحفاء.
ويبقى أن نقف في ميدان التحرير ونطلق عليهم: خبراء أونطة.. يا أولاد الحلال!!