اختتمت قمة الاتحاد الأفريقى الـ26، التى عقدت اليومين الماضيين، فعالياتها، الأحد، فى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، وكان عنوانها الرئيسى حقوق الإنسان فى أفريقيا مع التركيز على حقوق المرأة.
وغادر الرئيس عبدالفتاح السيسى إثيوبيا، الأحد، عقب مشاركته فى القمة التى شارك فيها 35 زعيما ورئيس حكومة فى الدول الأفريقية، وعرض السيسى على القمة تقرير لجنة رؤساء الدول والحكومات الأفارقة الخاصة بتغير المناخ، وتناول ثلاثة موضوعات رئيسية تتمثل فى تقييم نتائج مؤتمر باريس لتغير المناخ والتطورات الخاصة بكل من المبادرتين الأفريقيتين للتكيف والطاقة المتجددة، وذلك فى ضوء القرار الصادر عن القمة الأفريقية الأخيرة فى هذا الشأن.
وقال الرئيس: «حرصت مصر على تعزيز التشاور والتنسيق بين الدول الأفريقية خلال الإعداد لمؤتمر باريس على كافة المستويات بما فـى ذلك المستوى الرئاسى، حيث تناول الاجتماع الأخير للجنة رؤساء الدول والحكومات الأفارقة الخاصة بتغير المناخ، الذى عقد فى سبتمبر الماضى بنيويورك عملية الإعداد للمفاوضات، واعتمد الأولويات الأفريقية بشأن مؤتمر باريس، والتى شكلت أساسا صلبا للموقف الأفريقى التفاوضى المشترك».
وأضاف: «أكدت فى كلمتى أمام مؤتمر باريس على أهمية هذه الأولويات وضرورة الاستجابة لتطلعات أفريقيا والتعامل مع شواغلها فى اتفاق باريس، ما ساهم فى إيصال صوت دول القارة التى شاركت ككتلة تفاوضية واحدة فى المفاوضات، وساعد على التوصل لاتفاق متوازن يراعى أولويات الدول الأفريقية».
وتابع: «على ضوء ما سبق، نجحنا فى أن يأخذ اتفاق باريس بعين الاعتبار الشواغل الأفريقية واستجاب للعديد منها، حيث عكس الجزء الخاص بالحد من الانبعاثات التباين فى الإجراءات ما بين الدول المتقدمة والنامية، ولم يضع الجانبين على قدم المساواة مثلما كانت تدفع بذلك الدول المتقدمة، كما يولى اتفاق باريس اهتماما واضحا بموضـوع التكيف مع آثار تغير المناخ، وقد تم الأخذ، فى هذا الإطار، بمقترح المجموعة الأفريقية بوضع هدف عالمى للتكيف قابل للقياس».
وأوضح الرئيس أنه فيما يتعلق بوسائل التنفيذ أكد الاتفاق التزام الدول المتقدمة بتوفير التمويل للدول النامية، كما شدد على التزامها بتوفير مبلغ 100 مليار دولار بحلول عام 2020، سواء لصندوق المناخ الأخضر أو من خلال غيره من الأطر الثنائية والإقليمية ومتعددة الأطراف، والعمل على زيادة هـذا التمويل اعتبارا من عام 2025.وشدد على «أن البت فى فعالية ما تم التوصل إليه فى اتفاق باريس بالنسبة لأفريقيا سيتوقف على ما إذا كان سيتم تنفيذ ما تضمنه الاتفاق من التزامات وتعهدات بشكل أمين شأن كافة الاتفاقات والقرارات السابقة فى إطار مسار مفاوضات تغير المناخ التى كانت دوما تصطدم بعقبة ترجمتها على أرض الواقع».
وأشار إلى أن توصيات تقرير لجنة رؤساء الدول والحكومات الأفارقة الخاصة بتغير المناخ تضمنت النظر فى سبل تعزيز هيكل التفاوض الأفريقى المكون من اللجنة ومؤتمر وزراء البيئة ومجموعة المفاوضين الأفارقة، بما يواكب التطورات الجديدة ويضمن تنفيذ الاتفاق بما يعود بالنفع على أفريقيا، إلى جانب بحث سبل تعظيم الاستفادة من اتفاق باريس وتحديد الاحتياجات الأفريقية، فيما يتعلق بتنفيذ خطط المساهمات المحددة وطنيا.
ولفت إلى أن ما تضمنه اتفاق باريس يؤكد بُعد نظر اللجنة وصحة رؤيتها المستقبلية، من خلال قيامها بالتركيز على التقدم بمبادرات ملموسة فى مجالى التكيف والطاقة المتجددة ونجاحها فى صياغة وتطوير هذه المبادرات فى وقت قياسى.
وأكد أهمية استثمار العمل المشترك، من أجل تعزيز الجهود، استنادا إلى موقف أفريقى موحد فى مواجهة التحديات التى تفرضها التغيرات المناخية، والعمل على تعظيم القدرات فى التعامل معها، والتى يتصدرها تحقيق التوازن بين توفير المياه والطاقة والغذاء وتحقيق التنمية والقضاء على الفقر.
وعلمت «المصرى اليوم» أن القادة الأفارقة أقروا بالإجماع المبادرتين اللتين طرحهما السيسى بشأن التوسع فى استخدام الطاقة المتجددة فى الدول الأفريقية، وتنويع مصادر تمويل تكيف هذه الدول مع متطلبات مواجهة التغيرات المناخية والحد من انبعاثات الغازات وارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض.
وفى سياق آخر، التقى الرئيس، بمقر الاتحاد الأفريقى فى أديس أبابا، الأحد، رئيس البنك الأفريقى للتنمية أكينومى أديسينا. وقال السفير علاء يوسف، المتحدث باسم رئاسة الجمهورية، إن الرئيس أكد خلال اللقاء تقدير مصر للتعاون مع البنك، مشيداً بالمشروعات التنموية التى يمولها فى القارة الأفريقية، كما عبر عن تطلع القاهرة لتوسيع مجالات التعاون مع البنك الأفريقى واستكشاف مزيد من البرامج والمشروعات التى يمكن للبنك المساهمة فى تمويلها بمصر، فى ضوء عملية التنمية الشاملة الجارى تنفيذها وإطلاق مشروعات جديدة فى مجالات دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، إضافة إلى قطاعات الطاقة الجديدة والمتجددة والزراعة والبنية التحتية، بهدف الارتقاء بمستوى معيشة المواطنين وتوفير فرص عمل جديدة، واقترح الرئيس قيام البنك بتمويل مشروعات مشتركة تخدم عدة دول، خاصة فى مجالات النقل والزراعة.
وأوضح «يوسف» أن رئيس البنك الأفريقى للتنمية عبر عن اعتزاز البنك بعلاقات التعاون الوثيقة مع مصر ومؤسساتها المالية، مشيداً بما تتخذه الحكومة المصرية من إصلاحات اقتصادية ساهمت فى تعافى الاقتصاد وارتفاع معدلات النمو، بالإضافة إلى زيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
وتابع أن «أديسينا» استعرض خطة البنك للمشروعات والبرامج التى سينفذها خلال السنوات العشرة المقبلة، وتطلع البنك لتوسيع أنشطته فى مصر والعمل مع الحكومة على تنفيذ مزيد من المشروعات التنموية التى تهدف إلى توفير فرص عمل جديدة. ورحب رئيس البنك بمقترح السيسى حول قيام البنك بتمويل مشروعات مشتركة تخدم عدة دول، معرباً عن استعداد البنك لدراسة سبل مساهمته فى المشروعات التى أشار إليها الرئيس، وأعرب عن اعتزام البنك القيام بدور رئيسٍ لتنفيذ المبادرة الأفريقية للطاقة المتجددة التى قدمها السيسى أثناء مؤتمر باريس لتغير المناخ، وتوفير التمويل اللازم لها، مشيدا بدور مصر الفاعل لقيادة المجموعة الأفريقية أثناء مفاوضات مؤتمر باريس، وبرئاسة السيسى للجنة رؤساء الدول والحكومات الأفارقة المعنية بتغير المناخ، وما حققته من مكاسب للقارة الأفريقية.
والتقى السيسى بكل من رئيس فريق المفاوضين لجنوب السودان نيال دينج نيال، ووزير خارجية جنوب السودان، برنابا بنيامين. وقال السفير علاء يوسف، إن نيال استعرض خلال اللقاء آخر تطورات تنفيذ اتفاق التسوية السلمية للأزمة فى جنوب السودان الذى تم توقيعه فى أغسطس 2015، معرباً عن تطلع بلاده لمساهمة مصر فى جهود تحقيق السلام وفقاً لما ينص عليه الاتفاق، كما أعرب عن تقديره لمواقف مصر المؤيدة والمساندة لجنوب السودان فى المحافل الإقليمية والدولية، فضلاً عما تقدمه القاهرة من برامج تنموية لبلاده فى عدد من المجالات، معرباً عن الأمل فى مواصلة تعزيز التعاون مع مصر بمختلف المجالات.وأضاف المتحدث باسم الرئاسة أن الرئيس أكد، خلال اللقاء، دعم مصر كافة الجهود المبذولة لإعادة السلام والاستقرار بجنوب السودان، مشيراً إلى خصوصية العلاقات التاريخية التى تربط البلدين والروابط المشتركة التى تجمعهما.
وأكد الرئيس أن مصر تدعم جهود الوفاق الوطنى من أجل تدشين الحكومة الانتقالية، بما يعيد الأمن والاستقرار لجنوب السودان، واستمرار القاهرة فى مساندة الجهود التنموية فى جوبا، معرباً عن تطلعه إلى نجاح قيادات جنوب السودان فى التوصل إلى تفاهمات تؤدى إلى تدشين مرحلة جديدة تُحقق النهضة التنموية التى يتطلع إليها شعب جنوب السودان.
من جهة أخرى سيطرت الأوضاع فى ليبيا خاصة التهديدات الإرهابية التى يشكلها تنظيم داعش على فعاليات القمة، وقالت مصادر دبلوماسية عربية وأفريقية لـ«المصرى اليوم»: القادة الأفارقة قرروا تشكيل لجنة تضم عددا من الرؤساء الأفارقة تكون معنية بالوضع فى ليبيا وبحث سبل إحلال السلام فيها.وأكدت المصادر ردا على سؤال حول ما ذكرته تقارير إعلامية عن استعدادات غربية للتدخل العسكرى فى ليبيا، أنه لن يحدث أى تدخل عسكرى أجنبى فى ليبيا دون موافقة الاتحاد الأفريقى وجامعة الدول العربية والليبيين، مشيرة إلى تأكيدات وزير الخارجية الإيطالى قبل أيام فى اجتماع مجموعة الاتصال الدولية حول ليبيا الذى عقد بمقر الاتحاد الأفريقى «أنه لا توجد نية لإيطاليا للتدخل عسكريا فى ليبيا».