ألقى الدكتور إسماعيل سراج الدين، مدير مكتبة الإسكندرية، محاضرة في معرض القاهرة الدولي للكتاب، تحدث خلالها عن آخر مؤلفاته، كتاب (التحدي- رؤية ثقافية لمجابهة التطرف والعنف)، وتحدث في المحاضرة أيضاً الدكتور محمود الضبع، نائب رئيس هيئة الكتاب، وأدارها الدكتور نبيل العيسوي.
بدأت الندوة بعرض مُبسط من جانب الدكتور محمود الضبع لكتاب التحدي، وتحدث خلالها عن الكتاب ومكوناته، وأهميته، خاصة في ظل الأوضاع الراهنة التي تمر بها المنطقة من تطرف وصراعات وإرهاب، واعتبره الدكتور بمثابة نبراسًا يهدينا إلى طريق الخروج من هذا الوضع المأسوي المتأزم، ثم جاءت كلمة الدكتور إسماعيل سراج الدين، والذي أشار فيها إلى أن ما يعانيه العالم العربي من توتر ألقى بظلاله العنيفة على دول كثيرة، وأن ما يحدث في العراق وسوريا والصومال وليبيا ومؤخرًا اليمن، يؤكد ضرورة أن نسائل أنفسنا مساءلة نقدية: لماذا أصبحت بلادنا- بلاد العرب والمسلمين- أرضًا خصبة للفكر المتطرف والعنف؟
وقال: «يجب أن نحاسب أنفسنا على ما فعلناه وما كان يجب أن نفعله ولم نفعله، حيث إننا المسؤولون عن الأوضاع في مجتمعاتنا، وأنه يجب أن نغير أنفسنا قبل أن نغير الواقع المحيط بنا، كما قال الله تعالى في كتابه العزيز«إن الله لا يُغيرُ ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم».
وأشار إلى أن التطرف هو رفض إمكانية تغيير الرأي، وأن التطرف ليس دينيًّا فقط، ولكن هناك تطرفا علمانيا أيضًا، وأن التطرف الديني موجود منذ القدم وخير مثال على ذلك محاكم التفتيش في أوروبا في العصور الوسطى. وأكد أيضًا ضرورة المواجهة الفكرية للتطرف، فمواجهة التطرف ليست عسكرية وامنية فقط، ولكن يجب ان تكون هناك مواجهة فكرية وثقافية.
وأوضح «سراج الدين» أن أزمة مجتمعاتنا العربية تكمن في عدم وجود رؤية مجتمعية أو مستقبلية، يشارك العامة في وضعها والعمل على تحقيق أهدافها، كما يجب ان نتحول من مجتمعات مستهلكة للمعرفة والتكنولوجيا إلى مجتمعات منتجة لها.
وأشار إلى أن انفتاحنا على هذه الثورة المعرفية والثقافات الجديدة أدى إلى تواصل شباب مجتمعاتنا مع هذه الثقافات والمعارف، الأمر الذي يحتم علينا إشراك الشباب في وضع الرؤية المستقبلية لمجتمعاتهم ودعمهم في ذلك.
وأكد أن ثقته في شباب الوطن لم تهتز قيد أنملة، وثقته في قدراتهم الخلاقة، ووطنيتهم الصادقة، وطموحاتهم الشامخة لأنفسهم وبلدهم ومجتمعهم حيث قال «إنني واثق من أن هذه القدرات الهائلة موجودة ولكنها نائمة، راكدة، تنتظر الشرارة التي تفجر طاقاتها، وتجند إمكاناتها، والدعوة التي توجه مسارها نحو الإقدام والتقدم، فينطلق جيل جديد من المصريين بناة مستقبل مصر القرن الحادي والعشرين، بنفس الحماس الذي قامت به قيادات شابة منذ قرون من الزمان، وبنفس العزيمة التي أطلقت في مصر عنان الفكر والإبداع، وفتحت أبواب البناء والتعمير، وأصرت على الاستقلال من المستعمر الغاشم، وبنت الجامعة المصرية، وأسست الاقتصاد الوطني، وأرست قواعد العمل النيابي الديمقراطي وغير ذلك».
وفي نهاية حديثه أكد سراج الدين أن مجابهة الإرهاب وعنف المتطرفين يحتاج إلى استعمال القوة العادلة لإعادة هيبة الدولة، وسيادة القانون، وضمان حقوق المواطنين والسلام، لذا فإن الفكر المتطرف الذي يولد العنف تجب مجابهته بالفكر، وأن هذا هو التحدي.