الدساتير لا تُداس بالأقدام!

سليمان جودة السبت 30-01-2016 21:39

الهدف الطبيعى من وراء إقرار الدستور الحالى، فى يناير 2014، هو أن نطبّقه، ونحترمه، ونضع مواده موضع التنفيذ مادة، مادة.. لا أن نظل نباهى به ونفخر وفقط!

إن المادة 46 منه، على سبيل المثال، تلزم الحكومة بعرض برنامجها على مجلس النواب، لتنال ثقة المجلس أو عدم ثقته بالطبع، خلال 30 يوماً من انعقاده، لا أكثر!

فماذا حدث؟!.. فض المجلس جلساته، يوم الخميس قبل الماضى، على أن يعود لينعقد يوم 7 فبراير!.. ومن قبل، كان انعقاد المجلس لأول مرة قد جرى يوم 10 يناير!

فما معنى هذا؟!.. معناه أن الحكومة لن يكون أمامها سوى أربعة أيام، تعرض خلالها برنامجها على المجلس، لتنال ثقته أو عدم ثقته، حين ينعقد يوم 7 فبراير، لأن آخر موعد للثقة منه أو عدمها، فى برنامج الحكومة، هو 10 فبراير، وليس بعد ذلك بيوم واحد، بحسب نص الدستور!

هل تكفى أربعة أيام، لا غير، لعرض برنامج حكومى متكامل على برلمان، ثم مناقشته بنداً، بنداً، ثم الموافقة أو عدم الموافقة عليه؟!

كنا قبل انعقاد البرلمان، لأول مرة، فى العاشر من هذا الشهر، نسمع أن الحكومة انتهت من برنامجها وأنه جاهز للعرض على البرلمان، وكنا نرى رئيس الحكومة وهو يروح ويجىء، بين الوزارات، ليتكلم مع الوزراء، حول البرنامج، فأين هو إذن البرنامج الجاهز، وأى برنامج هذا الذى تكفى أربعة أيام لعرضه وقراءته ومناقشته وإقراره أو عدم إقراره؟!

ليس هناك تفسير لهذه الاستهانة بالموضوع كله على بعضه إلا أن الحكومة واثقة من إقرار برنامجها، فى ساعة، دون مناقشة ولا يحزنون، أو أن المجلس سوف يتعامل معه، كما حدث وتعامل من قبل، مع كل القوانين التى صدرت بقرارات، طوال فترة الرئيس عدلى منصور، ثم خلال الفترة من بدء تولى الرئيس السيسى السلطة، إلى أن انعقد المجلس!

لقد كنا جميعاً نشفق على البرلمان، وكنا نتساءل فى حيرة: كيف يمكن له أن يعرض ويناقش ويقرّ ما يقرب من 400 قانون خلال 15 يوماً من انعقاده، كحد أقصى، كما يقول الدستور فى إحدى مواده؟!.. فإذا بهذه القوانين كلها لا تأخذ معه «غلوة»! وإذا بها كلها يجرى تمريرها على طريقة: «الموافق يتفضل يرفع يده.. موافقة».. وإذا به، كبرلمان، يرفض أهم قانون معروض عليه منها، وهو قانون الخدمة المدنية، ثم يمرر كل ما عداه فى سهولة بالغة!.. وكأن القصد منه، هو أن يعرقل الدولة، ويعطلها، ويوقف كل المراكب السائرة فيها!.

الدستور بالنسبة لنا، لا يزال مجرد كلام على ورق، وأمامنا زمن طويل، لنعرف أن الدستور يوضع ليحترمه أصحابه، لا ليدوسوا فوقه بالأقدام، كما ترى!