يعرض مركز الفنون فى مكتبة الإسكندرية، اليوم، فى إطار ملتقى الأفلام التشكيلية الطويلة، الفيلم الأمريكى «فانتازيا» من روائع والت ديزنى عام 1940، والذى لم تصبح السينما بعده كما كانت قبله، حيث عبر عن عالم الموسيقى وعالم الرسم فى فيلم رائد بكل معنى الكلمة، ومتفرد.
اشترك فى إخراج الفيلم عشرة مخرجين، وقاد الأوركسترا المايسترو ليوبولد ستوكوفسكى، حيث تم التعبير عن مقاطع من أعمال كلاسيكية مثل «كسارة البندق» و«السيمفونية الرعوية» بلغة الأفلام التشكيلية «التحريك»، عندما كان يتم رسم كل كادر من الكادرات الـ24 فى كل ثانية من مدة عرض الفيلم «124 دقيقة».
يعتبر الفيلم التشكيلى من أجناس السينما الثلاثة «روائى- تسجيلى- تشكيلى»، من حيث إنها جميعاً تصنع وتعرض على شريط سينمائى مقاس 35 مللى، أو غيره من المقاسات، وتحمض وتطبع فى نفس المعمل، ولكن الواقع أن كاميرا الأفلام التشكيلية تختلف جذرياً عن الكاميرا التى تصور بها الأفلام الروائية والتسجيلية. وقد اختلف الأمر مع الثورة التكنولوجية فى أواخر القرن العشرين وأوائل القرن الواحد والعشرين حيث لم يعد رسم الكادرات يدوياً، ولكن لايزال هناك من لا يستخدم الكمبيوتر، ويتبع الأسلوب «القديم»، مثل الإيطالى سيمون ماسى.
كان والت ديزنى «1901- 1966»، الذى بدأ حياته فى الفن رساماً فى شركة إعلانات، أول فنان سينمائى جعل الأفلام التشكيلية جزءاً من صناعة السينما فى أمريكا والعالم، وتنسب الأفلام إلى مخرجيها باعتبار المخرج قائد فريق العمل، ولكن والت ديزنى كمنتج كان هو القائد الذى تعبر الأفلام عن رؤيته، سواء أخرج أو اشترك فى الإخراج أو اكتفى بالإنتاج.
وقد أنتج 585 فيلماً منذ عام 1920، منها 563 فيلماً قصيراً و22 فيلماً طويلاً، وأخرج منها 94 فيلماً قصيراً، واشترك فى إخراج 17 فيلماً قصيراً و7 أفلام طويلة، وعرف بابتكاره شخصية «ميكى ماوس» مع صديق عمره الرسام الهولندى الأصل، أوب أيويركس عام 1928، وكانت سلسلة «ميكى ماوس» بداية النجاح الكبير، حتى إنها كانت كلمة السر يوم هجوم الحلفاء ضد القوات النازية فى فرنسا عام 1944 أثناء الحرب العالمية الثانية.
ومن أفلام ديزنى «القارب البخارى ويللى» عام 1929 أول فيلم تشكيلى قصير ناطق فى تاريخ السينما، و«زهور وأشجار» عام 1932 أول فيلم تشكيلى بالألوان، و«سنو وايت والأقزام السبعة» عام 1937 أول فيلم أمريكى تشكيلى طويل، ومنذ عرضه لأول مرة عام 1940 يثير فيلم «فانتازيا» مناقشات جمالية فلسفية عن العلاقة بين الرسم والموسيقى والسينما، وبين التجريد والتجسيد فى الفن، فالموسيقى فن التجريد المطلق، فهل التعبير عنها بالرسم التجسيدى كما فى هذا الفيلم يحد من تجريدها، وبالتالى يحد من خيال المتلقى، أم يزيد من متعة تلقيها؟!