أكتب عن السينما منذ 50 سنة كاملة، كنت أحياناً أفكر فى كتابة السيناريوهات، أو إخراج الأفلام، ولكنى منعت نفسى، وتفرغت للنقد والبحث، لأن حياة أى كاتب فى أى مجال لا تكفى لقراءة كل ما يجب قراءته، وفى حالة السينما لا تكفى أيضاً لمشاهدة كل ما يجب مشاهدته من أفلام، وبعد كل هذا العمر أجد نفسى الآن فى مواجهة موقف لم يخطر على بالى فى أى يوم من الأيام.
عندما قرر الفنان فاروق حسنى، وهو وزير للثقافة عام 1995، تكريم فاتن حمامة فى المهرجان القومى، اتصل بى، وقال إنها طلبت لقبول التكريم عدم استخدام الليزر على المسرح، وألا تكون فى «طابور» من المكرمين، وأن أكتب الكتاب التذكارى الذى يصدر عنها بهذه المناسبة، ووافقت على الفور، وتحدثت معها تليفونياً أشكرها على هذا الشرف الكبير، وقلت لها إننى لن أزعجها بإجراء حوار أو طلب مواد أو صور، فكل شىء عنها وعن أفلامها متوفر فى أرشيفها الخاص، وسعدت بذلك، وقالت سوف أقرأ الكتاب عندما يصدر، ولكن أرسل لى أول نسخة.
وعندما بدأت مجلة «نصف الدنيا» الإعداد لعدد خاص عن فاتن حمامة صدر عام 2003، طلبت منى رئيس التحرير، الأستاذة سناء البيسى، أن أكتب مقالاً عن الفنانة، فقمت بتلخيص الكتاب الذى صدر عام 1995 ونشر المقال فى ذلك العدد.
وفى الشهر الماضى، اتصلت بى الزميلة الصحفية فى «الأهرام» زينب عبدالرازق، وقالت إنها تعد كتاباً عن فاتن حمامة، وطلبت الإذن بإعادة نشر المقال المذكور، فوافقت، وإن دهشت لأنها غير مختصة فى السينما. صحيح أنها أجرت أكثر من حوار مع الراحلة الكريمة موضوع الكتاب، ولكن إجراء حوار مع العلامة مجدى يعقوب مثلاً لا يكفى لإصدار كتاب عن جراحة القلب! وقلت لنفسى إن الكتابة عن السينما فى مصر على أى حال لاتزال مباحة لكل من يريد.
وفى الأسبوع الماضى صدر الكتاب عن دار الشروق، وهناك تعليمات لدى عبدالهادى، بائع الصحف والكتب الذى يقرأ جيداً، بأن يحجز لى ما يصدر عن السينما من كتب، فقدم لى الكتاب الذى اشتريته بسبعين جنيهاً، وكانت المفاجأة أن المقال المنشور فيه باسمى لا يمت بأى صلة لمقال «نصف الدنيا»، بل ويمثل إساءة بالغة لرداءة المبنى والمعنى وركاكة الأسلوب الشديدة. وقد طلبت من الناشر سحب الكتاب والاعتذار والتعويض عن الإساءة، ولأن الناشر هو إبراهيم المعلم، الذى جعل من دار الشروق أكبر دور النشر فى مصر، ولا غرابة فى ذلك، وهو ابن محمد المعلم، رحمه الله، مؤسس الدار وصاحب الفضل على الثقافة العربية، استجاب لطلبى وسحب الكتاب وأصدر الاعتذار، والعوض على الله، وكان لابد من هذا المقال حتى يعرف من لا يعرف ويقرأ الكتاب أننى لم أكتب هذا الكلام.