أضحكنا سعيد صالح فى مسرحية العيال كبرت بجملة «كل حاجة كويسة بس لوحدها»، عندما حكى لوالده عن سيارته التى أخذها دون علمه.
نفس الشىء، كل حاجة موجودة بالجهاز الإدارى، ولكنها لوحدها.
عندنا وزارة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإدارى.
وعندنا معاهد قومية للإدارة لتدريب الموظفين، ومركز لإعداد القادة بالعجوزة «وحوالى 19 مركزا آخر لإعداد القادة». وإذا أراد الوزير تغيير واحد من المديرين، فهو يستطيع عمل ذلك، ليس عن طريق قانون الخدمة المدنية، ولكن عن طريق القوانين الموجودة منذ عدة سنوات. وعندنا موقع إلكترونى يتم الإعلان فيه عن جميع الوظائف الإدارية الخالية بالدولة ووسيلة التقديم لها (www.jobs.gov.eg). وعندنا وزارة المالية تقرر مصاريف الباب الأول المسؤول عن أجور المديرين وغير المديرين.
ولك أن تعلم أن راتب وكيل أول وزارة الآن حوالى 7700 جنيه شاملا جميع الإيرادات، أى أقل بكثير من الحد الأقصى للأجور (42 ألف جنيه). يزيد هذا الراتب إذا جلس المدير على كرسى مجلس إدارة إحدى الشركات، أو إذا كان من ضمن اللجان بالوزارة، أو إذا سافر إلى أى مأمورية بالخارج.
وعندنا أهم شىء، وهو الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة، المسؤول عن وضع الوصف التوظيفى للوظائف Job description وعن تغيير أى هيكل وظيفى Organogram إذا طلب ذلك الوزير أو المدير لخلق وظيفة جديدة أو إلغاء وظيفة وموجودة. (6- 9 أشهر المدة المتوقعة للموافقة، وقد تزيد)، ويضع الجهاز المركزى أسس تقييم كل وظيفة، ويتابع تقييم المديرين للموظفين، ويعطى دورات تدريبية.
وفوق كل ذلك عندنا بنك للقيادات بالحكومة، يفترض أن به أحسن الكفاءات لشغل أى وظيفة إدارية عليا. بهذا البنك حوالى 1.5 مليون مصرى. المهم أننا عندنا الكثير.
ولكن، كما قال سعيد صالح: «فإن كل حاجة كويسة ولكن لوحدها». ونتيجة ذلك يوجد الكثير من الأشياء التى نفتقدها.
فنحن نعطى رواتب للمديرين أقل بكثير من الحد الأقصى للأجور، ونهمل تدريب المديرين، فأصبح عندنا مديرون بمهارات غير متكافئة مع مهارات المديرين بالدول المنافسة. وإذا أعطينا بعض التدريبات، لا نقيم، ولا نحفز، فنتوقع النجاح والتطوير، لكن الدول الأخرى تسبقنا. ولا يوجد مع كل مدير ميزانية، ولا يوجد حافز إذا نجح، ولكن يوجد الكثير من العقاب إذا فشل.
وفوق كل ذلك نصمم على التعامل بالجوابات، وليس بالإيميلات، كما يتعامل مديرو الدول المتقدمة. فأصبحنا من الدول البطيئة جداً، ويظهر ذلك أننا الآن رقم 131 عالمياً فى مؤشر سهولة أداء الاستثمار، ورقم 94 فى الشفافية، «فالفساد هو نتيجة لعدم وجود أنظمة حديثة يديرها كفاءات، وعليهم مراقبة متابعة جيدة».
بعد كل ذلك، هل يوجد حل؟
نعم، وأقولها ثانياً: نعم يوجد حل. والحل سهل.
لا بد من البحث عن ضابط الإيقاع لكل هذا التضارب الذى يكلفنا خسارة العديد من فرص الاستثمار وخلق الوظائف والأمل لشبابنا. لا بد من البحث عن المايسترو، فبدونه لن ننجح. وكما قلت، فى مقال سابق، إن الصين أنشأت إدارة للموارد البشرية يديرها شخص واحد فقط، ومعه فريق صغير، ولكنه يتبع أعلى سلطة بالدولة، ويدرب، ويقيم، وينقل بناء على ما حققوه من أهداف مرتبطة بخطة الدولة.
علينا أن نبدأ.
سأتحدث فى المقال القادم كيف يمكن تطبيقه فى مصر.