نجت عدة دول عربية من ثورات «الربيع العربى» التي أغرقت غالبية دولها في الفوضى والعنف والإرهاب والتراجع الاقتصادى، وكان على رأس الدول الناجية دول الخليج والجزائر والمغرب والسودان ولبنان والأردن، وبينما يجمع بين غالبية الدول الناجية أنها شهدت مظاهرات واحتجاجات على فترات متتالية بالتزامن مع ثورات الربيع العربى، وخلاله، تطالب بالإصلاح والتغيير، إلا أنها ورغم تباين ظروفها تفادت السقوط في هاوية الدول التي وقعت في براثن الحرب الأهلية كسوريا وليبيا واليمن. وتباينت مظاهر الاحتجاجات ضد الفقر والبطالة والمطالبة بالتغيير والإصلاح وحتى سقوط النظام في بعضها، لكن أنظمتها احتوت المطالب، سواء بالحوافز المالية في الخليج، وتشديد القبضة الأمنية بحق المعارضة، لكن غالبية تلك الدول لاتزال تواجه العديد من المخاطر الداخلية والخارجية المتمثلة في تراجع أسعار النفط وانشغال أنظمتها بالحروب في دول الجوار، واستمرار العوامل التي يمكن أن تهدد استقرارها.
عندما هبت رياح الربيع العربى على الشرق الأوسط أوائل عام 2011 حاملة شعارات التغيير والقضاء على الأنظمة الاستبدادية، استجابت دول لظروف هذه الأجواء وسارت في نفس اتجاه هذه الرياح سواء بالاستجابة والإصلاح مثلما حدث في نموذج ثورة الياسمين في تونس الخضراء، أو تلك التي غرقت في أتون الفوضى والاضطراب الأمنى كالوضع في سوريا والعراق واليمن وليبيا، بينما على الجانب الآخر انبطحت بلدان أمام العاصفة إلى أن تهدأ وتمر بسلام، ولكنها بدأت مرحلة إعادة ترتيب البيت من الداخل تحسبا لموجة ثانية من الربيع العربى قد تضرب أركانها. المزيد
بعد نجاح ثورات الربيع العربى في مصر وتونس عام 2011، خرج اللبنانيون إلى الشوارع بمطالب منها إلغاء نظام المحاصصة الطائفية، وتقنين الزواج المدنى، وحقوق المرأة، وحقوق خدم المنازل الأجانب، والعنف الأسرى، ومعظم تلك الاحتجاجات كانت منظمة بشكل جيد، وكانت في بعضها مدعومة من أحزاب أو شخصيات سياسية، بينما بعضها الآخر يضم متظاهرين من نفس الطائفة الدينية. المزيد
على الرغم من أن موجة الربيع العربى اجتاحت دولاً عديدة كالطوفان، وأطاحت بأنظمة كانت تبدو راسخة مثل نظام بن على في تونس ومبارك في مصر والقذافى في ليبيا، وصالح في اليمن وحتى النظام البعثى في سوريا لم يسلم منها، ولكنها ضربت بشكل محدود أنظمة أخرى بدت أكثر هشاشة، ومنها السودان التي لم تهتز بالاحتجاجات في المنطقة، على الرغم من محاولات عديدة كانت ترغب في دفع السودان للحاق بركب الربيع العربى. المزيد
ما أن فر الرئيس التونسى السابق زين العابدين بن على من وجه ثورة الياسمين، وبدأت طائرته في التحليق بفضاء دول أوروبية طالبة حق الهبوط في محاولة للنجاة من بركان الغضب الذي خلفته ثورة البوعزيزى، إلا وأدركت الشعوب العربية أن حكامها القابعين على عروشهم منذ عقود يمكن أن يرحلوا، وتوالت أمانيهم بنقل التجربة التونسية، لتكون المحطة الثانية لدول الربيع هي الثورة المصرية، وتتبعها، ليبيا، سوريا، اليمن، فالعراق.
المصائبُ هي ظاهرُ ما بعد الربيع العربى، هذا الربيعُ ما غدا الربيعَ الأسودَ في إجماعٍ لا مثيل له كما كان الربيعُ العربى الربيعَ الأبهى عند بزوغه، وليبيا مثلا كانت في البدء نوارة الربيع الزاهى، والآن وهنا أمست «حفرة الدم» للربيع العربى الأسود.المزيد
قبل التظاهرة الكبرى في 25 فبراير، أقمنا ثلاث تظاهرات، الأولى في نهاية شهر كانون الثانى «يناير» 2011 في ساحة الفردوس وسط بغداد، وكان شعارها «نحن أيضاً مصريون»، وكما هو واضح كانت تضامناً مع ثورة الشباب المصرى.المزيد
في مارس 2011 شهد الشارع البحرينى، سلسلة من الاحتجاجات، متأثرًا بموجة الربيع العربى التي اجتاحت دول الشرق الأوسط، إذ ثارت جماعات المعارضة ضد أسرة آل خليفة، وتمركزوا في ساحة اللؤلؤ، بالعاصمة البحرينية، المنامة، مطالبين بالمزيد من الديمقراطية، ووقف التفرقة العنصرية من جانب الأقلية السنية الحاكمة، ضد الأغلبية الشيعية، كما طالب بعض المحتجين بالتحول إلى ملكية دستورية، وناشد آخرون المزيد من المساكن وفرص العمل. المزيد
لم تشهد أي مظاهرات، لكنها شهدت تحركات حكومية لأى استجابة شعبية تجاه موجة الثورات العربية، وقد تضمنت هذه السياسات توقيفات واعتقالات وتضييقات على الناشطين السياسيين وأطياف المُعارضة المُحتملة للنظام الحَاكم.المزيد
مثلت ثورات «الربيع العربى» اختبارا غير متوقع للسعودية التي كانت تتهم إيران بـ«محاولة تصدير ثورتها» لجيرانها، ولكن المملكة فوجئت بمظاهرات ترفع شعارات غير دينية مثل «الشعب يريد إسقاط النظام» و«عيش حرية عدالة اجتماعية»، وتطالب بتغيير الأنظمة.
ظلت الكويت، صاحبة أقدم تجربة دستورية وديمقراطية في الخليج العربى، فضلا عن امتلاكها أكبر محفظة سيادية بـ 300 مليار دولار، وكانت الاضطرابات التي شهدتها الكويت بسبب الصراع السياسى القائم بين الأسرة الحاكمة والبرلمان، وعلى الرغم من أن الحراك الاجتماعى والسياسى في الدولة يتميز بوجود تيارات سياسية، ومعارضة قوية، فإن البعض استغل الربيع العربى للدعوة لإصلاحات سياسية وتصفية حسابات داخلية ضد رئيس الوزراء والدعوة للإطاحة بحكومته، في احتجاجات شعبية متفرقة فيما عرف بـ«ساحة الصفاة وساحة الإرادة»، تطالب بملكية دستورية وحكومة منتخبة وتشكيل أحزاب سياسية وتجاوزت هذه الاحتجاجات في لحظة من اللحظات الخطوط الحمراء، عندما اقتحم البعض مبنى مجلس الأمة الكويتى، للمطالبة باستقالة رئيس الوزراء.المزيد
يطلق بعض المراقبين على سلطنة عمان لقب «سويسرا الخليج» بسبب سياسة الحياد، التي تتبعها في علاقتها بجيرانها، خاصة السعودية وإيران المتنافستين، حيث إن السلطنة تشغل موقِعا استراتيجيا في أقصى جنوب الجزيرة العربية على ساحل خليج عُمان، ومضيق هُرمز في مقابل السواحل الإيرانية، ويوجد قِسم من أراضيها في الإمارات، خاصة جزيرة المصيرة، حيث أقامت الولايات المتحدة قاعدة للأسطول السابع، بناءً على اتفاق يعود إلى 1980، وهو ما فرض عليها أن تقيم علاقات بين طهران والرياض، ورغم ذلك لم تنحز لأى منهما، وجنبها ذلك أن تكون مسرحا للتنافس بين الدولتين، خاصة أن غالبية المواطنين (75%) تعتنق المذهب الإباضى، وبذلك فهى الدولة العربية الوحيدة التي لا يدين سكّانها بالمذهب السُنى ولا الشِّيعى. المزيد
لم يكن الأردن في مأمن من موجة الاضطرابات المؤيدة للديمقراطية التي اجتاحت العالم العربى مطلع 2011. ونشط في حركة الاحتجاج بشكل خاص، التي بدأت في منتصف يناير، كل من جبهة العمل الإسلامى (الجناح السياسى لجماعة الإخوان المسلمين الأردنية)، والاتحادات العمالية واليساريين والقوميين، وكان التجمع يوم الجمعة بعد الصلاة في المساجد هو أسلوب المحتجين، لتكون عمان مركز النشاط الرئيسى، حيث الاحتجاجات المشتعلة المطالبة بالإصلاحات السياسية والحد من البطالة ووقف الارتفاع السريع في تكاليف المعيشة والتصدى للفساد. المزيد
استطاعت قطر خلال ثورات «الربيع العربى» تطوير دورها في المنطقة من دولة غنية بموارد النفط إلى لاعب إقليمى من خلال قناة «الجزيرة» الممولة من الحكومة القطرية، والتى كانت الشاشة المفضلة للعرب خلال تلك الفترة لتغطيتها الاحتجاجات منذ بدايتها في تونس ثم في مصر وليبيا وسوريا واليمن، ومن خلال دعمها لجماعة «الإخوان المسلمين» التي وصلت لسدة الحكم في مصر وتونس. ورغم أن قطر ظلت تدعم الاحتجاجات التي طالبت بإسقاط الأنظمة، إلا أنها ظلت بمنأى عن «الربيع العربى»، وذلك لأسباب عددها الباحث الأمريكى في شؤون الخليج، جاستن جينجلر، في مقال بمجلة «مشروع بحث ومعلومات الشرق الأوسط»، حيث اعتبر أنها أصغر دولة خليجية من حيث السكان الأصليين، حيث يبلغ عدد القطريين 15% فقط من عدد السكان البالغ نحو 2 مليون نسمة، وهى بذلك تعد أقل من البحرين، التي يبلغ عدد سكانها، حسب إحصائيات 2010، نحو 600 ألف بحرينى يشكلون 46% من السكان، ولذلك تمتاز بتجانس سكانى كبير ساعد عليه قلة عدد السكان البالغ فقط ربع مليون قطرى، وغياب الصراع الطائفى ما بين الشيعة والسنة، الذي في البحرين والكويت والسعودية. المزيد