قلل خبراء وناشطون سياسيون من أهمية التقرير الذى أصدرته الخارجية الأمريكية، وانتقدت فيه ملف حقوق الإنسان بمصر، مشيرين إلى أن الاهتمام بملف الديمقراطية فى العالم العربى تراجع بالفعل خلال الفترة الأخيرة من ولاية جورج بوش، وأنه سيستمر فى التراجع خلال الفترة المقبلة، وحذروا من التعويل على الولايات المتحدة لنشر الديمقراطية، لأنها «لا تهتم إلا بتحقيق مصالحها».
وتوقع الدكتور وحيد عبدالمجيد، نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، عدم تغير سياسة أوباما عن بوش، مشيرًا إلى أن الاهتمام الأمريكى بقضايا حقوق الإنسان بدأ فى الانحسار منذ عامين وسيستمر فى الفترة المقبلة، لأن الديمقراطية المطروحة أمريكيًا كانت ضمن سياسة متكاملة لتغيير منطقة الشرق الأوسط وظهور شرق أوسط جديد، وأنه ترتب على فشل هذا الموضوع تغيير الأدوات والسياسات التى تستخدمها الولايات المتحدة الأمريكية بالمنطقة، من بينها «أداة الديمقراطية»، لأنها عندما أعلت من شأن موضوع الديمقراطية لم يكن الهدف الديمقراطية فى حد ذاتها.
وأضاف عبدالمجيد أن الولايات المتحدة فى حاجة لمساعدة الدول العربية على الخروج من المستنقع العراقى، وهو ما قد يدفعها لغض البصر عن الكثير من انتهاكات حقوق الإنسان.
وحذر من أن أمريكا قد تبدى اهتماما نسبيا بحريات الأقليات مثل قضية السودان وكيفية تعاملها معها، ولكن إجمالا تدخلها سيكون محدودا.
وقال عمر الهادى، صاحب مدونة «أسد»، إن تلك التقارير غالبا لا يكون لها تأثير مباشر على أرض الواقع، خاصة أنها تصدر من حكومات، موضحا أن التقارير التى يكون لها تأثير بشكل حقيقى هى التى تصدر من منظمات دولية وتشير إلى حدث بذاته، ولكن التقرير الأمريكى ما هو إلا «أرشيف»، معتبرا أن الولايات المتحدة الأمريكية ليست صادقة.. فهم يعملون دائما لمصالحهم الخاصة ويستخدمون قضية حقوق الإنسان لـ«العب» مع الأنظمة العربية الضعيفة والضغط عليها.
وأشار إلى أن التقرير الأمريكى رصد عددًا كبيرًا من الانتهاكات، خاصة إضراب 6 أبريل والاعتقالات التى تعرض لها عدد كبير من المدونين خاصة محمد عادل، صاحب مدونة «ميت»، الذى تم القبض عليه بسبب مدونته وآرائه الشخصية، وليس بسبب أفعال قام بها فى الشارع، بينما تم تسييس الحكم على عبدالكريم سليمان «الذى نختلف معه».
وأشار الهادى إلى أن هذه التقارير تدخل ضمن التدخل الخارجى والهيمنة الأمريكية على دول المنطقة، خاصة أنها تخرج من دولة تعد «الأكبر» فى انتهاكات حقوق الإنسان، فإذا كانت إدارة أوباما تدّعى حرصها على تلك الحقوق فيجب ألا ننسى أن معتقل جوانتانامو لم يتم إغلاقه بعد، وأن أمريكا تحتل حتى الآن بلدين، مضيفا أن الحكومات الأمريكية تدعم الديكتاتوريات العربية لأنها تدعم مصالحها الخاصة بالنفط وبقاء أمن إسرائيل.
وقال بهى الدين حسن، مدير مركز القاهرة، إن التقرير يرصد الهجمة واسعة النطاق على المدونين فى مصر وفى دول عربية كثيرة، كالبحرين وتونس والسعودية وسوريا، وأنه «متوافق مع تقرير سبق أن وصلنا والعديد من المراكز الحقوقية بالمنطقة،
ونشير فيه إلى ازدياد ضحايا العنف من المدونين كإغلاق المواقع أو القبض عليهم أو التحرش بهم، لأن العام الماضى شهد ظهور مجموعات جديدة من (البلوجرز) وقاموا بالعديد من الفعاليات السياسية».
وأضاف حسن: الإدارة الأمريكية ستركز على قضايا حقوق الإنسان من خلف «الأبواب المغلقة» على عكس سياسة بوش.. والإفراج عن أيمن نور كان إحدى نتائجها،
مشيرًا إلى أن بوش الابن لجأ لأسلوب علنى وفرض سياسات بالقوة، كمنح الضوء الأخضر لإعادة احتلال الضفة الغربية والحرب الأخيرة على غزة، وشن خطاب عالمى معاد، متوقعا أن تلجأ إدارة أوباما لمناقشة حقوق الإنسان بشكل علنى فى بعض الحالات الخاصة.