المسعفون كان لهم دور بارز خلال أحداث ثورة 25 يناير، وما تبعها من أعمال عنف واشتباكات واحتجاجات امتدت لأيام، وهو الدور الذى وصفه الدكتور أحمد الأنصارى، رئيس هيئة الإسعاف، بأنه «بطولى»، مشيرا إلى وفاة مسعف بطلق نارى وإصابة نحو 200 مسعف خلال هذه الأحداث. «المصرى اليوم» التقت «الأنصارى»، للحديث معه عن دور الإسعاف فى الأيام الأولى للثورة والصعوبات التى واجهت المسعفين خلال تلك الفترة، وأثناء اللقاء داخل غرفة العمليات، استقبل رئيس «الإسعاف» بلاغا بالعمل الإرهابى الذى وقع بمنطقة اللبينى بالهرم وأسفر عن استشهاد عدد من ضباط الشرطة خلال مداهمة بؤرة إرهابية، الخميس الماضى، ما دفعه لإنهاء الحوار لمتابعة الموقف الإسعافى لضحايا الحادث، وقبل اللقاء كان هناك اجتماع مع مديرى الإسعاف بالمحافظات لبحث الاستعدادات لذكرى «25 يناير» وكيفية تمركز وتوزيع سيارات الإسعاف، وإلى نص الحوار:
■ ما الذى تمثله ثورة 25 يناير للعاملين فى مرفق الإسعاف؟
- ثورة يناير كانت تحديا كبيرا جدا للعاملين فى الإسعاف، حيث كان ميدان التحرير وغيره من الميادين العامة تشهد احتشادا كبيرا جدا للمواطنين، الأمر الذى شكل عبئا كبيرا على سيارات الإسعاف فى كيفية سرعة وصولها لأماكن الاشتباكات وإسعاف المصابين، والدخول والخروج وسط هذه التجمعات الكبيرة، ومع تكرار المليونيات ازدادت صعوبة المهمة، وتواجد رجال الإسعاف فى الميادين العامة التى يحتشد فيها المواطنون، وكل مسعف شارك لديه قصة معينة شاهدها خلال الأحداث.
■ وكيف تعامل الثوار مع المسعفين فى هذا التوقيت؟
- بعضهم كان متعاونا جدا وآخرون كانوا ينساقون وراء الشائعات التى يروجها البعض بأن المسعفين دورهم غير حيادى.
■ وهل كان دور المسعفين حياديا خلال هذه الأحداث؟
- بالتأكيد، ومن يقل غير ذلك عليه أن يثبت صحة كلامه، فمنذ عام 2011 وحتى الآن شهدت البلاد أكثر من مرحلة انتقالية ولكل منها توجه وانتماء سياسى مغاير للآخر، وخلال هذه المراحل المختلفة ظل المسعفون يقومون بدورهم بكل حياد وهدفهم الأول هو إنقاذ حياة المصاب، أيا كان توجهه السياسى، لأننا نؤدى عملا نبيلا وخدمة إسعافية، واللحظات أو الإجراءات البسيطة التى يقوم بها المسعف قد تنقذ حياة إنسان، بغض النظر هل هذا الإنسان مجرم مدان أو غير ذلك، هذا ليس دورنا، بل دورنا الأساسى هو إنقاذ حياته، وبعد ذلك تحقق الجهات المسؤولة معه، ودعنى أقول لك إننا اتهمنا خلال فترة حكم المجلس العسكرى بأننا معه ضد الثوار، وخلال فترة حكم جماعة الإخوان تم اتهامنا بأننا مع الجماعة ضد الشعب، ومرة ثالثة اتهمنا بأننا مع وزارة الداخلية، ومع مرور الوقت تبدلت الأماكن وفى النهاية نقوم بدورنا فى نقل المصاب بغض النطر عن انتمائه فهو مصاب بالنسبة للمسعف، ودوره إنقاذ حياته فقط.
■ ألا ترى أنه يمكن أن يظهر المسعف انتماءه السياسى خلال الأحداث التى يشارك فيها؟
- غير وارد على الإطلاق، طالما كان المسعف يرتدى زيه المخصص فغير مسموح له بالتعبير عن رأيه، أما إذا تجرد من هذا الزى فله مطلق الحرية فى التعبير عن توجهه السياسى.
■ وماذا لو ثبت عكس ذلك؟
- لو ثبت أن أحدا من المسعفين أظهر انتماءه السياسى خلال الأحداث سيعاقب فورا، ودعنى أؤكد لك أن هذا لم يحدث خلال السنوات الخمس الماضية.
■ هل ممكن أن تستخدم سيارة الإسعاف فى أغراض غير المخصصة لها؟
- استحالة أن يحدث ذلك، سيارة الإسعاف لها لوحة ورقم كودى، وسهل جدا رصد تحركاتها كاملا، وكل ما يثار فى هذا الشأن غير صحيح، وخلال الثورة كان لدينا 2000 سيارة إسعاف جميعها أدت دورها فى إنقاذ المصابين.
■ من الوارد أن يستغل أحد المسعفين السيارة فى أمور أخرى كما حدث فى واقعة مرشد الإخوان أثناء فض اعتصام رابعة العدوية؟
- واقعة المرشد لم تحدث داخل سيارة إسعاف تابعة للهيئة، وهذه السيارات ليس لنا رقابة عليها، أما من يفكر فى أن يبيع ضميره ويسخر سيارة الإسعاف فى غير المخصص لها نستطيع بكل سهولة الوصول إليه لأن السيارة مراقبة بكافة الوسائل ونستطيع تحديد خط سيرها ومن دخل وخرج منها بكل بساطة، وجهاز اللاسلكى الموجود مع السائق يسجل كل الإخطارات التى استقبلها.
■ يفهم من حديثك أن السيارات مراقبة بوسائل حديثة.. فما طبيعة هذه الأجهزة؟
- السيارة بها مسعف وسائق مدرب ومراقبة بالكامل وبوسائل معلومة لنا، لكنى لا أستطيع الإعلان عنها، ومن السهل جدا الوصول إليها فى أى وقت.
■ هل بعض المسعفين رفضوا الاستمرار فى عملهم خلال الاشتباكات خوفا على حياتهم؟
- لم يحدث ذلك، بل على العكس فى أماكن الاشتباكات والمناطق الساخنة مثل شمال سيناء، فبعض المسعفين الذين تعرضوا لإصابات كثيرة بعد علاجهم أصروا على الاستمرار فى أماكنهم دون تركها، لأنهم يدركون جيداً أن مهنة الإسعاف فيها نبل ودورها إنسانى بالمقام الأول، وأكثر شائعة أثرت فى المسعفين هى التخوين وأننا ندخل سلاحا، ولمن يدعى ذلك أقول له «امسك العربية وطلع اللى جواها»، واتهام المسعفين بالتخوين يؤلمنا، فنحن نضحى بعمرنا ونقضى معظم أوقاتنا فى الشوارع والمظاهرات، وكان من الممكن أن نقف بعيدا وننتظر وصول المصاب دون الدخول لمنطقة الاشتباكات.
■ ما هى أكثر المستشفيات التى استقبلت مصابين خلال فترة الثورة؟
- المنيرة والهلال وقصر العينى، بالفعل تحملت العبء الأكبر خلال الثورة، وتوزيع المصابين يتم لأقرب مستشفى، وإذا كان الأقرب مستشفى خاصا يستقبل المصاب ولو وجد أحد أقارب المصاب وله رغبة فى نقله لمستشفى معين نتحرك معه وفقا لطلبه، ولو المستشفى ليس به مكان فهناك قرار من مجلس الوزراء يلزمه بالتنسيق مع مستشفى آخر لتوفير مكان لاستقبال المصاب.
■ هل تعرض أى من المسعفين لإصابات خلال الثورة أو استشهد أى منهم خلال عمله؟
- العديد من المسعفين تعرضوا لإصابات باختناق، كما فقد مسعف حياته نتيجة إصابته بطلق نارى، فيما تتراوح الإصابات بين 150 و200 مسعف خلال الثورة، وتعرضت أكثر من 100 سيارة للتخريب سواء عن قصد أو بالمصادفة خلال الفترات الماضية، معظمها كان وقت الثورة.
■ هل هناك بوليصة تأمين على حياة المسعفين؟
- حتى الآن لا توجد، لكن هناك صندوق تكافل، المسعف يدفع جزءا والهيئة تدفع الجزء الأكبر مع وضع اعتبارات أخرى مثل مدة العمل، وحاليا تتم الدراسة الاكتوارية له وهى أفضل بكثير من شركات التأمين التى تطلب مقابلا ماديا كبيرا، وللعلم المسعف يفترض ألا يدخل منطقة الاشتباكات وأمانه الشخصى هو الأهم ويبتعد قدر الإمكان عن الاحتشاد، فهذا هو النموذج المتبع عالميا.
■ كم تصل قيمة التعويض المادى للمسعف الذى يفقد حياته؟
- 20 ألف جنيه قيمة التعويض من الهيئة للمتوفى أثناء العمل، والمصاب يتم علاجه بالكامل دون تحمله أى تكاليف.
■ ما هى أصعب الأحداث على المسعفين خلال فترة الثورة؟
- أحداث شارع محمد محمود من أصعب الفترات التى واجهت المسعفين، حيث كان الحشد كبيرا داخل الميدان ما يصعب من مهمة الوصول إلى مكان الاشتباكات، لذا قمنا بالمشى على الأقدام فى اليوم الأول لفتح مسار للسيارات وسط الثوار وهو ما حدث بالفعل واستمر الوضع كما هو لمدة 7 أيام من الاشتباكات المتواصلة، ويمكن وصف دور المسعف خلال فترة الثورة بأنه عمل بطولى.
■ حدثنا عن خطة مرفق الإسعاف خلال الذكرى الخامسة لثورة 25 يناير؟
- وضعنا خطة متكاملة للاستعداد لذكرى يناير، وعقدت اجتماعا مع مديرى الإسعاف بالمحافظات لمراجعة خطة العمل والمرور على السيارات ورفع القدرة الإسعافية، وقررنا وقف إجراء تمركز عدد من السيارات فى أماكن معينة بجوار التجمعات، واستبدالها بإجراء آخر وهو أن تكون السيارات على وضعية استعداد عالية وتتحرك أقرب سيارة وفقا لطبيعة الحدث.