علاء عبدالفتاح من داخل محبسه: فقدت الأمل.. ونادم على بقائي في مصر (حوار)

الناشط: وفاة والدي محنة كبرى.. وأعيش مراجعة لكل شيء في حياتي
كتب: هبة الحنفي الأحد 24-01-2016 22:39

لم يعد الناشط السياسى علاء عبدالفتاح، الذي يقضى عقوبة السجن 5 سنوات في القضية المعروفة إعلاميًا بـ«أحداث مجلس الشورى»، متمسكًا بالأمل، كما كان حاله في 2011، واتخذ قرارًا بالسفر حال خروجه من السجن، لكنه في الوقت نفسه لا يتوقع الإفراج عنه قريبًا.

وقال «عبدالفتاح»، في حوار لـ«المصرى اليوم»، من محبسه بعنبر الزراعي في طرة، إن هناك موجة فاشية تجتاح المنطقة العربية، مرجعًا السبب في ذلك إلى شعارات القومية التي ترفعها الحكومات، مشيرًا إلى أنه بحاجة إلى السفر في مكان خال من الصراعات، كما تحدث عن مستقبله الشخصى، ورأيه فيما يدور بالمنطقة العربية، وكيفية الاحتفال بذكرى ثورة 25 يناير في زنزانته.. وإلى نص الحوار:

■ ما الفرق بين أفكار علاء «المدون» وبين علاء «مسجون الرأى» في 25 يناير 2016؟

- علاء المدون كان عام 2005 وليس 2011، وقبل ثورة 25 يناير لم يشغلنى إطلاقًا السؤال عن الأمل، كنت أتحرك بمنطق «الحركة بركة»، وكل مشاركة كانت تساهم في عجلة التغيير، 2011 «جابت معاها الأمل»، وأصبح فكرة حاضرة وتشغلنى، لكن حاليًا «الأمل اُنتزع منى تمامًا».

■ كيف تقضى يوم 25 يناير في السجن؟، وما الاختلاف بينه وبين أي يوم آخر؟

- كل سنة مختلفة عن الأخرى، يوم 25 يناير 2014، كنت محبوسًا مع رفاقى أحمد دومة، وأحمد ماهر، ومحمد عادل، واحتفلنا وسمعنا أغانى، وكنّا لسّه قادرين نتشارك الحواديت بفخر وسخرية، وكنّا بنهرج على نفسنا، أما 25 يناير 2015 فكنت محبوسًا بعيدا عن زملائى، وكنت في حالة شجن واجترار للذكريات، وبالنسبة لـ٢٥ يناير ٢٠١٦ «عايزه يعدى وخلاص، لأن كل اللى جنبى من المساجين طول الوقت بيتكلموا عن إمكانيات العفو أو إمكانية حدوث أي تغيير يخرجهم من السجون، وأنا مقتنع إن مفيش حاجة من دى هتحصل، وحتى لما بيتكلموا بشكل خيالى عن فتح السجون، أنا عارف كويّس قد إيه فتح السجون كان كابوسًا على المساجين، ومساجين قُتلوا أثناء الفتح، وفيه مساجين مصيرهم كان في إيد اللجان الشعبية»، بالإضافة إلى أن السنة الحالية مختلفة، لأن الجيش من المفترض أن يتسلم السجن في 23 يناير، وفى المطلق كل الإجازات لأى مسجون بتكون تكدير، بيتم غلق باب الزنزانة طوال الإجازة، وبيتحرم المسجون من فترة التريض، أحمد دومة علمنى داخل السجن إن «25 يناير عيد الشرطة، لأن أنا في سجنهم، فده عيدهم».

■ هل اختلف السجن بالنسبة لك بعد وفاة والدك؟

- وفاة والدى محنة كبرى، ولا أعتقد أن آثارها على كانت هتكون أقل لو أنا خارج السجن، والدى هو الشخص الوحيد اللى كان قريّب منى، وقضى فترة حبس طويلة، وكنت عايز أفهم منه إزاى قدّر يمر بده ويعديه من غير ما حاجة من روحه تموت، بالإضافة إلى أن ساحة أساسية من ساحات معاركى كانت القانون والمحاكم، وإزاى ممكن تدفع القضاء إنه يعترف بالحق حتى لو منحاز ضده، المعارك دى كان والدى هو اللى بيديرها بمقدرة كبيرة، بعد وفاته مبقتش حاسس إنى أقدر أخوضها.

■ قلت في يوم ما «مفيش حاجة تستاهل الحبسة اللى أنا فيها».. ماذا تقصد؟

- «حبساتى اللى قبل كده كانت بتحرك ردود فعل تفيد معاركنا، ودى كانت قيمتها، النهارده الوضع اختلف، ده اللى كنت أقصده»، من ناحية أخرى، أنا دلوقتى مدرك إن حبستى ليها قيمة مختلفة بعد «مذبحة رابعة»، كان مهم جدًا إن ناس من اللى ضد الإخوان ومن خارج التيارات الإسلامية ترفض «المذبحة»، وتعادى السلطة اللى ارتكبتها، وتقول بوضوح وصراحة إنها «سلطة مجرمة»، صحيح اللى عملوا ده من أول لحظة كانوا أقلية صغيرة جدًا وموقفها مكنش هيأثر في سير الأحداث ودفعوا ثمن غالى مش باين له أي مردود على الأرض، لكن الموقف ده والثمن اللى بيندفع نتيجة له بيبقى له أثر في المستقبل لما المجتمع يُنقل لمرحلة أخرى، ويبقى عايز يتصالح مع ماضيه، أنا شفت حاجة زى كده في جنوب أفريقيا، إزاى إن البيض اللى ساندوا حركة مناهضة للعنصرية، واللى كانوا أقلية صغيرة جدًا ومش مؤثرين بالمرة في الصراع، لما انهار النظام العنصرى موقفهم كان واحد من أهم الأسباب اللى مكنت «مانديلا» والقيادات اللى معاه إنها تحقق الانتقال الديمقراطى من غير ما تحصل عمليات انتقامية واسعة ضد البيض.. مشكلتى الحقيقية إن ده خارج سياق أي دور، أنا كنت شايفه لنفسى، هو فقط موقف تطهرى قائم على إحساس الضمير الشخصى فرضته على الأحداث، ومكنتش عامل حسابه.

الحاجة كمان المختلفة جدًا في الحبسة دى، إن أول مرة يبقى عندى إحساس حقيقى بالندم، ندم إنه في 2013 لما اترفع اسمى من على قرار المنع من السفر، تقريبًا كان في شهر يوليو، لم أسافر للخارج.

■ كيف ترى مستقبلك الشخصى في ظل النظام الحالى؟

- أنا في مرحلة مراجعة لكل حاجة في حياتى، وهذا لا يعود فقط لكل اللى بيحصل في مصر، لكن عشان اللى بيحصل في المنطقة والعالم كله، وخاصة دول الجنوب، هناك موجة تجتاح أكثر من دولة من اللى كانت مصدر أمل زى جنوب أفريقيا والبرازيل، وهناك «موجة فاشية» تجتاح منطقتنا، أنا كنت مدرك من زمان إن شعارات القومية العربية لما بترفعها الحكومات العربية بتكون تعبير عن الفاشية، لكن كنت متصور إن المشاعر القومية عند الشعوب شىء مختلف قائم على مشترك ثقافى، وعلى الشعور الواسع بالتضامن مع القضية الفلسطينية، وجزء كبير من شغلى المهنى في البرمجيات كان مرتبط بده، النهارده بشوف إزاى إن المشاعر القومية عند الشعوب بتتحول إلى أساس للفاشية، لما أخرج- اللى هو مش قريب خالص- عايز أسافر بره، بعيد عن منطقتنا ودول الجنوب وأى مكان ممكن انشغل فيه بصراعات قائمة، لأنى محتاج فترة مراجعة كاملة أفهم منها أنا عايز أعمل إيه في حياتى وشغلى.