سويسرا دولة قنديلية، أى تشبه قنديل البحر، إذ لها معدة تهضم أعقد الوجبات فى لمح البصر، وتقول: ما شفتش. القنديل شفاف كما نعلم، ولذلك تم تصوير عملية قيامه بهضم كائنات بحرية أو حتى كابوريا بسرعة مذهلة وتحويلها إلى عصارة أمام ناظرينا. سويسرا تفعل نفس الشىء مع أموال الفساد السياسى. بلاد الساعات الدقيقة هى أكثر دقة فى تصميمها لنظام قانونى وقضائى وشرطى يجعل من عاشر المستحيلات إعادة أى أموال دخلتها مهما كان جرم أصحابها.
بنوكها تلتهم اللقمة المالية ثم تأتى الدولة لتغطى ذلك بأن تمثل دور البرىء نقى الذيول عفيف الخطا، كما قال أحمد بك شوقى. وسيلتها هنا هى التجميد. أى تجميد الأموال التى أشبعناها تمجيداً وكأنه حنان سويسرى على ثورتنا. المسارعة بتجميد الأموال تعنى منع أى محاولة للضغط على أصحابها ليعيدوها ببصمة الصوت أو بصمة العين أو اليد، أى من بعد. كلنا يذكر أن الرقابة الإدارية فى عهد أحمد عبدالرحمن استعادت 16.5 مليون دولار من الحباك بعد حيل بأن جعلته يحولها إلى بنك القاهرة ببصمة صوته. بعد التجميد يمتنع على المالك التصرف فى أى قرش منها. ويستفيد البنك- والاقتصاد السويسرى- بلا تكلفة تقريبا. التكلفة الوحيدة التى تتحملها سويسرا هى إيفاد شخصية سياسية أو قضائية- مثل النائب العام مايكل لوبير الذى زارنا منذ أيام- ليمرهم جراحنا أو يعطينا بصيص أمل كاذب وشيكولاته للتحلية. مهما عملت واستكملت كل إجراءات التقاضى لا أمل. لا حل سوى إيلام سويسرا فى مصلحة لها. المهندس إبراهيم محلب عارفها. وجربها كذا يوم. أقترح أنا أيضا مطالبة سويسرا بأن تنقل الأموال إلى المركزى المصرى ليتم تجميدها فى ثلاجتنا نحن ونتعهد لهم بعدم التصرف فيها إلا معاً.. هل سيوافقون؟ أتحدى.