غداً ذكرى الثورة، فاذكروا محاسن موتاكم.. تسلسل أحداث يناير يكشف لنا بسهولة طبيعتها ويوضح أن ما يحدث الآن هو مناقشات طفولية من أناس لا يريدون العمل للمستقبل ويفضلون الظهور الإعلامى والشهرة الزائفة على منطق العقل الذى لو استخدمه الناس لأصبح هؤلاء العابثون أول المنبوذين.
بالمقارنة الساذجة بين ثورتى 25 يناير و30 يونيو، يحاول البعض إدخالنا فى إشكالية «بتحب بابا أكثر ولا ماما»، ونحن شعوب لا تفضل التفكير فما بالك لو كان تفكيراً مركباً؛ فمن يحب الأهلى يكره الزمالك، ومن يعشق «طلال مداح» يبتعد عن «محمد عبده» وهكذا، وكأن «ليلى مراد» هى الوحيدة التى تحب اتنين سوا!! خمس ملاحظات أطرحها سريعاً فيما يلى:
1- بدأت يناير كمظاهرات عادية. ثم تجلت الأعمال التآمرية المدبرة بوضوح فى «محرقة أقسام الشرطة» يوم جمعة الغضب (انضمت لها بالفعل قطاعات من الشعب أصحاب الثأر مع أجهزة الدولة).. وكذلك موقعة الجمل أوائل فبراير لإجهاض الآثار الإيجابية لخطاب مبارك العاطفى.. بعدها، وطوال فبراير، كنا بصدد الحديث عن ثورة شاركت بها نسبة بنقاء نفس، ونسبة أخرى بغرض الانقضاض على الدولة باستخدام النسبة الأولى.. مثلت ثورة يناير لبعض التيارات كلمة حق يراد بها باطل.
2- يناير هى ثورة شعبية لم يشارك بها بالفعل غالبية الشعب، وهذا طبيعى فى أى ثورة؛ حيث تقوم بها فى البداية طليعة من الشعب إلى أن ينضم لها الأغلبية (قارن بين أعداد المصريين فى الشوارع يوم التنحى وقبله بيوم واحد).. كما أنها لم تفرز أى شىء سيئ ولكنها كشفت النقاب عما كان موجوداً أصلاً، تماماً مثل رفع غطاء «حلة الضغط» أثناء طهو الطعام.
3- انتهت الثورة وفسدت، فى تقديرى، حين شربت «حاجة صفرا» اسمها استفتاء مارس، وتوالت بعدها المسكنات على طريقة خوازيق «سليمان الحلبى»، وأصبحت الثورة «سكرانة»، وأصبح شعار «الثورة مستمرة» معادلاً موضوعياً لصيحة «أنا جدع»!
4- الدولة الآن ليست من محبى ثورة يناير؛ فهى لا تعادى أبداً تيارها العام الذى هو ضد الثورة بفضل حملات التشوية.. اختيارات السلطة تحددها تفضيلات مؤيديها؛ ولذلك، مثلاً، تم استبعاد «أحمد عز» من الانتخابات البرلمانية مع السماح للعشرات ممن هم على شاكلته بخوضها؛ وذلك لأنه استقر فى ذهنية الغالبية المؤيدة للنظام الحالى أن «عز» بذاته هو سبب خراب البلد.. راجع أيضاً أسماء المعينين بمجلس النواب لتعرف انحيازات الدولة مع أم ضد ثورة يناير.
5- أهم سبوبتين الآن، لكل الأطراف، هما نفاق ثورة يناير وشتمها.