لم تعد الكتابة فى مصر أزمة أو مشكلة.. فالكتابة والكلام التليفزيونى والإلكترونى أيضا أصبحت مجرد بحث دائم عن أى أخطاء لانتقادها والسخرية من أصحابها وإهانتهم.. ومن المؤكد أن هناك دائما أخطاء ومن السهل اختراع الأخطاء حتى لو لم نجدها.. وهكذا بدأت أفكر فى الذى يمكن كتابته عن بطولة الأمم الأفريقية الثانية والعشرين لكرة اليد التى بدأت أمس الأول فى القاهرة.. وضبطت نفسى فجأة متلبسا بالبحث عن أى أخطاء سواء فى حفل الافتتاح أو ترتيبات البطولة واستعداداتها وتنظيمها وإعلامها.. ووقتها توقفت متسائلا عن السبب.. وهل فعلا لن تصح أى كتابة إن لم تكن هجوما على أى أحد وأى شىء.. هل سأفقد اهتمام الناس ومتابعتهم إن كانت كتابتى إشادة وشكرا واحتراما لكل الجهد المبذول وكل ذلك التعب والإصرار على النجاح.. وقد تكون هناك أخطاء هنا وهناك.. لكن الذى يعنينى فى المقابل أنها بطولة أفريقية تم افتتاحها فى القاهرة بشكل جميل وأنيق.. وسيتابعها إعلام أفريقى بات مهما جدا لمصر التى بدأت تستعيد مكانتها الأفريقية من جديد وسط ظروف بالغة التعقيد وأمام أعداء لمصر لا يتمنون لها أن ترجع أفريقيًا.. كما أن المباراة الأولى فى تلك البطولة جمعت بين مصر والجزائر.. وفازت مصر بهذه المباراة بفارق أربعة أهداف ولم يكن هذا الفوز هو الأهم إنما كانت الروح المتبادلة بين لاعبى الفريقين.. لا عداء وكراهية وشحنا وغضبا.. وقال المدرب الجزائرى بوشكريو بعد المباراة إنه ليس حزينا للخسارة أمام مصر التى تملك فريقا كبيرا وقويا.. بل هو سعيد باستعادة الجزائر لمستواها القديم وهى لا تزال تواصل طريقها لاستعادة بطولاتها الأفريقية فى كرة اليد.. وفى المقابل قال مروان رجب، مدرب المنتخب المصرى، إنه سعيد جدا بالفوز على فريق قوى تحترمه أفريقيا كلها وتحترم مكانته وانتصاراته الأفريقية.. والأجمل من ذلك كانت تعليقات وكتابات الجزائريين والمصريين بعد المباراة التى خلت لأول مرة منذ وقت طويل من أى سخرية وإهانات متبادلة.. وكأن الكثيرين جدا هنا وهناك اكتشفوا لأول مرة منذ وقت طويل أن البلدين ليسا فى حالة حرب.. وإذا كان هناك من انتقد فرحة الجمهور المصرى بالفوز.. رغم تواتر الأخبار الحزينة عن انفجار الهرم وشهداء الشرطة الذين سقطوا وهم يحاولون حمايتك وحمايتى من الخيانة والغدر والإجرام والإرهاب.. فلا أحد سينسى هؤلاء الشهداء وتضحياتهم.. لكن الحياة ستستمر وبهؤلاء الشهداء وكل هذه الجماهير الطيبة ستنتصر مصر على كل أعدائها والذين يتمنون لها الخراب والفوضى والموت.. وقد كان هناك حدث ثالث أمس الأول أيضا وهو احتفال فى الكرنك بحضور الرئيسين المصرى والصينى.. وتوالت انتقادات وسخرية البعض بسبب إضاءة وملامح صينية فى معبد الكرنك واعتبروا ذلك إهانة للتاريخ.. وفى الحقيقة لم تكن هناك أى إهانة أو قبح.. والذين أدانوا زينة صينية مؤقتة للكرنك كان الأولى بهم الالتفات لمدينة مصرية جميلة تكاد تموت بالفعل نسيانا وإهمالا ويمكن لهذا الحفل الرئاسى أن يصبح أملا فى عودتها للحياة من جديد.