تفاصيل «ساعات الرعب» فى «الهرم»

كتب: حمدي دبش الجمعة 22-01-2016 20:40

تحوّل شارع اللبينى بالهرم، مساء الخميس، إلى ثكنة عسكرية، حيث تمركزت عشرات من المدرعات وسيارات الشرطة، وانتشر أكثر من 200 عسكرى فى جميع الشوارع المؤدية إلى العقار 24 شارع ثروت محمد المتفرع من شارع السيسى، الذى شهد الانفجار الذى هزّ أرجاء منطقة الهرم، الذى أسفر عن وفاة 10 أشخاص وإصابة 14 آخرين، معظمهم ضباط وأمناء شرطة.

وعاش أهالى المنطقة أجواء رعب عقب الانفجار، الذى دمّر أسقف وحوائط أربعة طوابق من العقار وحطّم سيارتى ميكروباص تابعتين للأمن الوطنى، وسيارتى ملاكى تصادف وقوفهما أسفل العقار.

ورصدت «المصرى اليوم» تفاصيل 8 ساعات من القلق والرعب والصمت بين سكان المنطقة والأجهزة الأمنية المكلفة بالتعامل مع الحادث، وسيطر الحزن على وجوه رجال الأمن حزناً على زملائهم الذين استُشهدوا والذين أصيبوا فى الحادث، وتساقطت دموع العاملين بالحماية المدنية حزناً وهم يواصلون عملهم على 3 خبراء مفرقعات استُشهدوا خلال الحادث.

حالة من الوجوم ظهرت على وجوه القيادات الأمنية التى تابعت الواقعة، فى مقدمتهم اللواء أحمد حجازى، مدير أمن الجيزة، واللواء خالد شلبى، مدير الإدارة العامة لمباحث الجيزة، واللواء مجدى الشلقانى، مدير إدارة الحماية المدنية، ورفضوا الإدلاء بأى تصريحات عن الحادث، فى المقابل انتاب الحزن والحسرة عددًا كبيرًا من الأهالى على أقاربهم وجيرانهم الذين سقطوا فى الحادث.

بعد دقائق من وقوع الحادث، أخلت الأجهزة الأمنية العقار الذى يتكون من 24 وحدة سكنية، وطالبت الجميع بسرعة الخروج وترك كل متعلقاتهم، وحذّرت الأهالى من الاقتراب من المكان بعد تأكيدات اللجنة الهندسية التابعة لحى الهرم عدم صلاحية العقار للسكن إلا بعد إجراء ترميمات على قواعده، مشددة على أنه معرض للسقوط فى أى لحظة، كما طالبت بإخلاء العقار المجاور له من الناحية اليمنى بسبب تدمير جزء من قواعده أيضاً نتيجة الانفجار.

شارع اللبينى الذى يقع فى منطقة المريوطية نهاية شارع الهرم، أكدت التحريات أنه يعتبر من أكبر معاقل الجماعات التكفيرية بغرب الجيزة، وأن الأجهزة الأمنية سبق وضبطت عدداً كبيراً من القيادات الإخوانية داخله، وذلك منذ سقوط جماعة الإخوان فى عام 2013.

التقت «المصرى اليوم» سكان العقارات المجاورة للحادث، فأنكروا معرفتهم بوجود عناصر إرهابية تعيش بالقرب منهم، وقال أحمد توفيق، أحد سكان العقارات المجاورة، إن هناك علاقة قرابة ومصاهرة وصداقة بين معظم سكان اللبينى، باستثناء قاطنى العقار رقم 24 الذى وقع فيه الانفجار، لأن صاحب العقار كان يقوم بتأجير جميع الشقق بنظام القانون الجديد، مضيفاً أن سكان هذا العقار يتغيرون باستمرار وجميعهم غرباء عن المنطقة.

وأضاف: «لم نلاحظ أن من بين سكان هذا العقار عناصر إرهابية، ولم نشاهد أحداً منهم يتردد على المسجد الذى يقع على بعد 5 أمتار من مسكنهم، ولم يحرض أحد من سكانه الأهالى على الانقلاب على النظام أو يطالبه بالمشاركة فى مظاهرات ذكرى ثورة يناير المقبل»، مشيرًا إلى أن العناصر الإخوانية والإرهابية فى المنطقة معروفة لهم وسبق أن أبلغوا بها أجهزة الأمن وتم القبض على معظمهم والباقى هربوا خارج منطقة اللبينى.

وأكد عاطف فتحى، صاحب محل بقالة بالمنطقة، أنه فوجئ بوقوف سيارتى ميكروباص أمام العقار الذى انفجر، وقطعتا الطريق أمام حركة السيارات ونزل منهما عدد كبير من قوات الأمن إلى العقار، معظمهم يرتدى ملابس مدنية، بينما ظل 4 منهم داخل السيارتين، وبعد عشر دقائق، سمع أهالى المنطقة صوت انفجار ضخم تسبب فى سقوط أجزاء من جدران وأسقف العقار على سيارتى الأمن وإصابة جميع من فيها، بالإضافة إلى تدمير سيارتى ملاكى تابعتين لاثنين من سكان العقار.

وأضاف أن أهالى المنطقة استخرجوا جثث الضحايا من داخل المبنى والسيارات وسط صرخات واستغاثات مستمرة من نساء وأطفال العقار، وتم نقلهم إلى المستشفى، مؤكداً أن أهالى المنطقة فتحوا منازلهم أمام الأسر المتضررة من الانفجار، واستضافوا عددًا كبيرًا منهم داخل شققهم، بعد إخلاء العقار بالكامل.

وأكد عاطف أن عددًا كبيرًا من سكان العقار الذى وقع به الحادث يشترون احتياجاتهم المنزلية منه، وأنه لم يكن يعرف انتماءهم إلى جماعات إرهابية، مؤكداً وجود عناصر من جماعات تكفيرية فى المنطقة وأن الشرطة تلقى القبض عليهم بشكل مستمر بمساعدة الأهالى.

وقال شاهد عيان فى العقار المجاور، طلب عدم نشر اسمه، إن الانفجار تسبّب فى تدمير جزء من منزله الذى يقع على بعد أمتار من العقار المنفجر، مشيرًا إلى أنه فوجئ بوقوع الحادث بعد دقائق من انتهاء صلاة المغرب، مؤكدًا أن العناية الإلهية أنقذت المصلين بالمسجد من الموت المحقق فى حالة انهيار العقار أثناء خروجهم من المسجد الذى يقع على بُعد 4 أمتار من مكان الحادث.

وذكر أن منطقة اللبينى مليئة بالعناصر الإرهابية، وأن سكان المنطقة سبق أن أرشدوا الجهات الأمنية عنهم، مؤكداً أن العناصر التى تسببت فى وقوع هذا الحادث لم يشاهدوهم من قبل.

وقال سعيد عبدالتواب، حارس عقار مجاور من الناحية اليمنى للحادث: «لقيت نفسى وقعت من على الكرسى على الأرض، ومراتى اتصابت فى الحادث، وقع على دماغها قالب طوب ونقلناها مستشفى الهرم».

وأثناء إجراء معاينة النيابة العامة ورفع الأدلة الجنائية لبصمات وعينات الحادث، ارتفعت الأصوات وتحرّك عدد كبير من قوات الأمن تجاه شارع «السيسى» بالقرب من مكان الحادث، وبعد دقائق حضرت القوات بعد ضبط شخص، قال أهالى المنطقة إنه أحد المترددين على الشقة التى كان يسكنها الإرهابيون.

وأضاف أحد الأشخاص الذى ساعد الأمن فى القبض على المشتبه فيه، أنه سبق وشاهد هذا الشخص يتردد على سكان الشقة التى انفجرت، وأنه عندما شاهده بالقرب من الحادث، صرخ بصوت مرتفع وأمسك به بمساعدة الأهالى، لحين وصول الشرطة التى ألقت القبض عليه.

وتحفظت أجهزة الأمن ومباحث الأمن الوطنى على المشتبه فيه داخل أحد العقارات المجاورة، وتم استجوابه لمعرفة علاقته بالعناصر الإرهابية التى كانت تسكن الشقة.