خياران للاستفادة من الصين: الاقتراض أو الاستثمار

علي والي الخميس 21-01-2016 21:24

الصين نجحت فى آخر 30 سنة فى خلق معجزة اقتصادية، واستطاعت انتشال الكثير من الصينيين من تحت خط الفقر، وفتح فرص عمل وآفاق مستقبل مشرق للملايين، ومعها الآن احتياطى نقدى كبير يقدر بـ3800 مليار دولار.. كيف يمكن أن نستفيد من أموال التنين الصينى؟

علاقة مصر بالصين جيدة جداً منذ قديم الزمان، فنحن أقدم حضارتين عرفهما التاريخ.. ومصر أول دولة عربية اعترفت بالصين منذ 60 عاماً بعد خروجها من حربها الأهلية، وتولى الحزب الشيوعى الحكم بها.. والصين أنشأت صناعات هائلة تنتج منها صادرات متنوعة لكل دول العالم، مما أدى إلى جذب العملة الصعبة، ومنها جاءت الدولارات إلى الخزانة الصينية.

والآن بعد أن عمرت الصين الكثير من المدن الصينية تريد الحكومة الانفتاح على العالم، واستخدام أموالها فى تمويل مشاريع النقل والطاقة المختلفة.

أمامنا اتجاهان: إما الاقتراض من الصين لعمل مشاريع النقل والطاقة التى نحتاجها فى مصر، أو العمل على أننا شريكان استراتيجيان ونجذب المصنعين الصينيين للاستثمار فى مصر وليس لإقراض حكومتنا.

الطريقان مختلفان جداً.. الأسهل هو الاقتراض. أسهل لهم ولنا. الأصعب هو فتح باب الاستثمار فى بلادنا، ومنه يتم خلق فرص عمل وفتح إيرادات حقيقية لحكومتنا عن طريق الضرائب والرسوم المتنوعة التى تدفعها هذه الشركات من الإنتاجية والمبيعات فى مصر. فكل 100 مليون دولار استثماراً ستؤدى إلى 20 مليون دولار سنوياً تقريباً إيراداً إلى حكومتنا عن طريق ضريبة المبيعات والدخل والأرباح «تختلف طبعاً من قطاع إلى آخر».. ولكن الرسالة الرئيسية أن هذا الإيراد يجعل حكومتنا تستطيع بعد ذلك عمل مشاريع النقل والبنية التحتية، وتعفينا من الاقتراض من الصين أو غيرها.

الخيار الثانى، وهو تشجيع الاستثمارات الصينية، هو الخيار الأصعب ولكنه الأحسن، وهو اختيار صعب لأنه يحتاج حوافز جادة للاستثمار، ويحتاج مناطق صناعية بكامل المرافق، ويحتاج نظاماً قضائياً سريعاً فى الأمور الاقتصادية، ويستطيع فهم الأمور المختلفة، ويحتاج موظفاً بالدولة يجرى لحل المشاكل، وليس لخلق المشاكل، ويحتاج لأنظمة حديثة.. للأسف كل ذلك غير موجود عندنا فى اللحظة الحالية.

ولكن علينا أن نبدأ.

الاقتراض سهل، ولكنه يؤدى إلى نجاح مزيف وفشل محقق فى المستقبل.. طبعاً ليس معنى ذلك ألا نعمل مشروع القطار المكهرب الذى سيكلفنا 1٫6 مليار دولار قرضاً صينياً لعمل هذا الخط الجديد من القاهرة إلى العاشر من رمضان.. ولكن علينا أن نحسب ما هو العائد للدولة من الإيرادات الضريبية لكى نكون مطمئنين أننا اتخذنا القرار الصحيح.

وعلينا أن نبدأ فى إصلاح منظومة الاستثمار والعمل على جذب الشريك الصينى للاستثمار بمصر.. فالناتج القومى لمصر الآن 286 مليار دولار، وإذا أردنا الوصول لدولة مثل تركيا فعلينا إضافة 500 مليار دولار إضافية إلى ناتجنا القومى. أفضل شىء أن نبنى تحالفاً استراتيجياً مع الصين عن طريق الشركات الصينية وجذب 100 ــ 150 مليار دولار على الأقل من استثماراتهم عندنا.

لماذا؟ لأن ذلك يجعل للصين سبباً قوياً فى الدفاع عن مصر، وعن مصالحنا لأنها حماية لمصالحهم.. وذلك يؤمن نمو اقتصادنا من أى معوقات حولنا قد تعوقنا فى المستقبل.

alywally@hotmail.com