مثلما أطلق الشاب محمد بوعزيزي، شرارة الثورة ضد نظام زين العابدين بن على الديكتاتوري في 2010، كررّها رضا اليحياوي، (28 عامًا)، الثلاثاء الماضي، في ولاية القصرين، إثر وفاته بصعقة كهربائية بعد تسلق عمود احتجاجًا على سحب اسمه من قائمة توظيف في القطاع العام، لتمتد إلى مدن أخرى بحلول اليوم الخميس.
وتصاعدت الاحتجاجات عقب وفاة «اليحياوي»، إذ اعتصم المئات أمام مقرّ ولاية القصرين، مطالبين بمحاكمة المعتمد الأول، والولي، على تلاعبهما بالقائمة التي ضمت 75 اسمًا، وحصلوا على وعودًا بالتوظيف، لكنّ الشرطة التونسية تدخلت، وفرقت المحتجين، وأصابت 14 شخصًا، وأعلنت السلطات فرض حظر التجوال في المدينة.
استمرت الاحتجاجات في اليوم التالي (الأربعاء) لفرض حظر التجوال، لكن هذه المرة امتدت إلى 8 مدن أخرى، بينها العاصمة تونس، وحمل المتظاهرون صورة «اليحياوي»، وهتفوا «العمل حق».
وكان رد فعل السلطة التونسية مختلفًا هذه المرة، وحاولت السلطة احتواء غضب الشباب، وأعلن الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، أن احتجاجات العاطلين عن العمل مشروعة ويكفلها الدستور، وأن وجود الاحتجاجات ببعض مناطق البلاد هو دليل على احترام تونس لحرية التعبير والتظاهر.
وأعلنت الحكومة التونسية، تكوين لجنة وطنية لتقصي حالات الفساد المثارة، وتحويل الأراضي الاشتراكية بولاية القصرين إلى أراض خاصة، وتكوين حاملي الشهادات العليا لإحداث تسع مقاولات لصيانة والعناية بالطرقات والجسور بالجهة وتخصيص 135 مليون دينار لبناء 1000 مسكن إجتماعي وتهيئة 1000 مقسم إجتماعي، وتوفير طب الاختصاص بولاية القصرين.
وقالت وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني، إن تونس باتت تواجه نكسة على المستوىين الاقتصادي والاجتماعي، بالرغم من نجاحها في الانتقال السياسي عبر إقرار دستور جديد.
وأشارت الوكالة إلى الخلاف، الذي يعصف بحزب «نداء تونس» في الآونة الأخيرة، قائلة إنه ينذر بتبعات سياسية واقتصادية تهدد نموذج النمو في البلاد، بعد مضي 5 سنوات على إسقاط الرئيس السابق، زين العابدين بن على.
وتراجع معدل النمو الاقتصادي في تونس، خلال الفصول الثلاثة الأولى من 2015، إلى 0.7 في المئة، إذ تاثرت كافة القطاعات باستثناء زيت الزيتون التي سجلت موسما قياسا في 2014-2015.
وانخفضت عائدات السياحة في تونس بـ35 %، نهاية 2015، متأثرة بالهجومين الإرهابيين اللذين استهدفا متحف «باردو» في العاصمة التونسية، وفندق «إمبريال مرحبا» في سوسة.
وترى «موديز» أن تونس لم تستفد، على النحو المطلوب، من هبوط أسعار النفط في تحسين عجزها على مستوى الطاقة، بخلاف كثير من الدول المستوردة للمحروقات.