شرم التى تحولت إلى بلطيم

رجب جلال الخميس 21-01-2016 21:27

حكى صديقان عادا هذا الأسبوع من شرم الشيخ عما فعلته مبادرات دعم السياحة بالمدينة الساحرة، فالمجموعات التى ترسلها وزارة الشباب والرياضة بأسعار رخيصة أضَرَّت بالمنتجع كثيراً، رغم أن الوزارة كانت حسنة النية وتهدف للإبقاء على حركة المدينة، بعد حالة الركود التى غطتها فى أعقاب سقوط الطائرة الروسية فى 31 ديسمبر الماضى.

قال الصديقان إنهما شاهدا تزاحم نزلاء الفنادق من هذه الأفواج على موائد الطعام، وسوء التنظيم فى حصول كل شخص على ما يريده، فيخالف الجميع نقطة بدء المرور على الموائد، ما يؤدى إلى سقوط الطعام على الأرض، أو نفاد نوع معين منه، أو سوء استخدام الأدوات، ما يؤدى لتحطم أو تلف بعضها، وسط حالة شديدة من الضيق والتذمر من العاملين، بسبب عدم استجابة النزلاء لتعليماتهم، ما اضطر إدارات بعض الفنادق، بداية من اليوم التالى لوصول «أفواج الدعم»، إلى تغيير طريقة الطعام، مثلا من البوفيه المفتوح إلى التوزيع، ورفع ماكينة المشروبات بعد تلفها، وإلغاء شاى الصباح نتيجة إقدام البعض على اصطحاب عبوات من الشاى والسكر و«النسكافيه» إلى غرفهم، واضطرت فنادق إلى تكليف موظفين بالوقوف أمام أبواب المطاعم لمنع اصطحاب الطعام إلى الغرف، وكانوا يواجهون صعوبة فى إقناع النزلاء بذلك، خاصة أن بعضهم كان يرد بجملة مستفزة: «عندنا أطفال بيجوعوا بالليل»، كما اضطرت إدارات الفنادق إلى تخصيص عدد أكبر من الموظفين لمراقبة حمامات السباحة، بعد اكتشاف استعماله بملابس قطنية ممنوعة، أو بنطلونات، أو «عبايات» ونقاب بالنسبة للسيدات، فضلا عن تنظيم مسابقات سباحة ولعب كرة وجرى حول الحمام، ليصرخ مدير أحد الفنادق الشهيرة بخليج نعمة، قائلاً: «شرم تحولت لبلطيم!».

هذا بالنسبة للفنادق، أما بالنسبة للمدينة نفسها فلم تتأثر على الإطلاق بوجود كل هذه الأعداد الغفيرة التى تُحدث ضجة فى شوارعها دون فائدة تجارية، فلا أحد من المشاركين فى رحلات الوزارة يقدم على اصطحاب أسرته أو أصدقائه إلى «كافيه» فى منطقة خليج نعمة، أو «سوهو سكوير»، لأنه لن يدفع 500 جنيه مثلاً، خاصة أنه لم يدفع سوى 270 جنيهاً فى الرحلة، شاملة الانتقالات والإقامة والإعاشة، ولم تفكر مجموعة فى تنظيم رحلة غطس أو سفارى، لتكلفتها المرتفعة مقارنة بتكلفة الرحلة كلها، ولم يشهد أى محل هدايا تذكارية أو مطعم بيع سلعة أو وجبة للمصريين، بل أصبح الباعة وأصحاب الكافيهات والمطاعم فى السوق القديمة، أو خليج نعمة، أو «سوهو سكوير» يتذمرون من كثرة تجول المصريين فى الشوارع لمجرد «الفرجة»، وباتوا يتمنون انتهاء إجازة منتصف العام الدراسى بسرعة، وأصبحوا يبحثون وسط هذا الزحام عن أى فوج أجنبى، ولو كان قليلاً، ينعش الحركة الراكدة، وبمجرد رؤيته يهتف عامل استقبال بأحد مقاهى «نعمة باى»، متنهداً بقوله: «ابتدت تندع».

هل هذا هو الدعم الذى تريده وزارة الشباب والرياضة إذا كانت الصورة التى نقلها لى صديقاى صحيحة؟ وهل كل ما تريده هو إظهار أن مدينة السلام لاتزال تضج بالزائرين ولم تتأثر بحادث الطائرة؟ ألا تخشى من تأثر البنية التحتية للفنادق والشواطئ والشوارع بهذه السلوكيات التى لا يرتقى أصحابها بها إلى مستوى المكان؟ لا أقول كما طالب كثيرون إنه يجب منع هذه الفئات من دخول المدينة، فتلك عنصرية لا أقبلها، وأدافع عن حق كل مواطن- مهما كان تعليمه وثقافته ومستواه الاقتصادى والاجتماعى- فى زيارة أى مكان فى وطنه والاستمتاع به، لكن ألا توجد لدى خبراء السياحة- ولست منهم- أى طريقة لدعم المدينة بعيداً عن «شحن» المواطنين فى أتوبيسات لمجرد إظهار أن المدينة زاخرة؟! أتمنى الإجابة من خبراء السياحة، حتى لا نقتل شرم ونحن نتصور أننا نحبها.