فى ندوة «سد النهضة.. سيناريوهات المخاطر والحلول» التى نظمت فى مقر مؤسسة «سما» تحت إشراف الدكتور حسن راتب بصفته رئيساً لمجلس أمناء جامعة سيناء - طرح الدكتور محمود أبوزيد عدة قضايا من واقع مسؤوليته عن وزارة الموارد المائية والرى لمدة 11 عاماً.. وتناول بالشرح المبادئ العشرة التى وقع عليها الرئيس السيسى، قال - مثلاً - إن مبدأ عدم التسبب فى «ضرر ذى شأن» بدولة المعبر «السودان» ودولة المصب «مصر»، وأن أحد هذه المبادئ تناول قضية «الاستخدام المنصف والمعقول» سواء خلال فترة الملء الأول.. أو الدائم.. ومبدأ بناء الثقة.. ومنها مثلاً أولوية دولة المصب فى شراء الكهرباء الناتجة من محطة سد النهضة.. ومع الاتفاق على مبدأ السيادة.. نجد مبدأ التسوية السلمية للمنازعات.
ويهمنا هنا مشكلة قواعد الملء الأول.. ومعدل التخزين الميت.. ثم الاتفاق على قياس التصرف الطبيعى الدائم وإنشاء هيئة مشتركة لإدارة السد، وطرح الدكتور أبوزيد - ربما للمرة الأولى - قضية اقتسام الخسائر بين مصر والسودان، فيما يحدث خلال فترة الملء الأول، إذ مادمنا نقتسم معاً أى زيادة فى المياه - كما حدث مثلاً فى اتفاقية 1959 وكما كان متفقاً عليه حول حصيلة مشروع قناة جونجلى - فإن أحد المبادئ العشرة وتوابعها هو اقتسام نقص المياه بين الدولتين، مصر والسودان أيضاً وبالذات خلال فترة الملء الأول والتخزين الميت.. ومعنى ذلك أننا نقبل الأمر الواقع، بعد إتمام إثيوبيا بناء السد.
ويجىء أستاذ القانون الدولى - العالم العالمى - الدكتور مفيد شهاب، أحد أبرز أعضاء الفريق المصرى فى مفاوضات طابا، ليلقى الضوء على تساؤلات كل المصريين عن اللجوء إلى المنظمات الدولية.. وأيضاً التحكيم الدولى.. أو قضية تدويل المشكلة.. وقال الدكتور العالم مفيد شهاب إن القضية لها ثلاثة جوانب: فنى، وسياسى، وقانونى.. الأول يتناوله المهندسون، والثانى تتولاه وزارة الخارجية، والثالث.. خبراء القانون الدولى.
وقال: ليست هناك مشاكل لو كان النهر كله يقع داخل دولة.. من منابعه إلى مصبه.. ولكن القضية هى تعدد الدول - على مسار أى نهر - عندما تقع مشاكل بين دول المنابع.. ودول المعبر أو المصب، وهو ما يخصنا، ولذلك فنحن - دولة مصب - نريد المحافظة على مصالحنا، وهنا يقع التناقض بين دول المنابع.. ودول المصب.. هنا يأتى الجانب القانونى.
وقبل أن نتحدث عن اللجوء إلى التحكيم، أو اللجوء إلى المنظمات الدولية نقول إنه لابد من أن تمتلك الدولة - فى هذه الحالة - أى سند قانونى.. لأن هذا هو سندى الشرعى الأساسى فى قضية سد النهضة ونحن نمتلك الكثير من هذه الأسانيد، فى مقدمتها الاتفاقيات الخاصة الثنائية مع دول المنابع مثل اتفاقية روما 1891 إلى اتفاقية 1959 وكلها تتحدث عن حق دول المنابع فى تنفيذ أى مشروعات ولكن بعد إخطارها لدول المعبر ودول المصب.. أى أن هذا السند يسمح لدول المنبع بأى شىء بشرط ألا تضار مصر أو تأثير ذلك على خفض كميات المياه الواصلة لمصر.. بشرط ضرورة الإخطار المسبق.
ولكن المشكلة هنا أن إثيوبيا لا تعترف بكل الاتفاقيات التاريخية الخاصة بمياه النيل.. ولكن منظمة الاتحاد الأفريقى - ومن اليوم الأول - أعلنت التزام كل الدول بكل ما تم من اتفاقيات وبالذات فيما يتعلق بالحدود بين الدول، لأن عدم الاعتراف هنا يعنى اشتعال الحروب والخلافات بين هذه الدول.
وأكد الدكتور شهاب أن قواعد القانون الدولى فى صفنا تماماً بداية من قواعد هلسنكى عام 1966 عن الاستغلال غير الملاحى للأنهار.. وقواعد برلين 2004، وكلها فى إطار الأمم المتحدة وأقرتها أغلبية الدول الأعضاء، وكلها تقرر مبدأ عدم الإضرار بباقى الدول، أى تقر الاستخدام العادل والمنصف. والسؤال: لماذا - مثلاً - تريد إثيوبيا سداً بهذه السعة، ولماذا كل المستهدف من الكهرباء الناتجة عن 74 مليار متر مكعب من المياه بينما سد من 8 أو 14 ملياراً يغطى المطلوب، أى لك الحق فى توليد الكهرباء، ولكن حسب احتياجاتك الحقيقية.. لأن إثيوبيا بذلك تلجأ إلى استخدام غير عادل وغير منصف، أى حسب ما تحتاجه فقط.. هنا نسأل ما هو هدفها الحقيقى الآن؟!
ولابد هنا من تطبيق مبدأ عدم التعسف فى استخدام الحق.. ولابد أن تلتزم بكل الاتفاقيات التاريخية التى تحفظ حقوقنا المائية.. تماماً كما التزمت إثيوبيا، وكل دول أفريقيا باتفاقيات الحدود.. وهى أيضاً اتفاقيات استعمارية!! والقانون الدولى يتحدث عن بقاء كل هذه الاتفاقيات والمعاهدات بغض النظر عن تغير النظام الحاكم.. وبالذات اتفاقيات الأنهار.. ورفض الدكتور شهاب فكرة تدويل القضية.. أو الذهاب إلى الأمم المتحدة، التى تصدر توصيات مادامت القضية لم يحدث فيها «عدوان عسكرى».. شكراً د. حسن راتب، شكراً كل المتحدثين.