تدشن زيارة رئيس الصين شي جين بينج للقاهرة، الأربعاء، مرحلة جديدة من علاقات الصين مع مصر التي تتطلع إلى آفاق أوسع للتعاون في مجالات عديدة في إطار سياسة خارجية تعمل على إحداث توازن استراتيجي في علاقات مصر مع كافة دول العالم في ظل التحديات الصعبة على الساحتين الإقليمية والدولية في المرحلة الراهنة.
ويولي الرئيس عبدالفتاح السيسي اهتمامًا خاصًا بالزيارة «التاريخية» لنظيره «بينج»، وهى الأولى لرئيس صيني منذ 12 عامًا، وتتزامن مع احتفال البلدين بمرور 60 عامًا على العلاقات الدبلوماسية بينهما هذا العام، حيث تم الإعلان عن تنظيم «العام الثقافي» في كل من القاهرة وبكين.
واستعدت القاهرة لاستقبال ضيفها الصيني بعقد عدة اجتماعات على مدار الأسبوعين الماضين، ترأسها السيسي ورئيس الوزراء، وضمت الوزراء المعنيين بملفات التعاون لتحقيق أقصى استفادة من التجربة الاقتصادية الرائدة للصين من أجل الإسراع بخطي التنمية الاقتصادية في البلاد.
ويري محللون أن الصين تعتبر مصر دولة مهمة ورائدة في الشرق الأوسط، وأنها مفتاح استقرار المنطقة في ظل التحديات الجسمية التي تشهدها الأوضاع في سوريا والعراق واليمن وليبيا، ومن ثم تعمل بكين على دعم مصر سياسيا واقتصاديا في إطار المصالح المشتركة والمنفعة المتبادلة.
وتتوافق الرؤي السياسية لكل من مصر والصين بشأن العديد من قضايا الشرق الأوسط والتأكيد على العمل من أجل نزع السلاح وبخاصة أسلحة الدمار وإدانة الإرهاب بشتى أشكاله والتعاون في مجال مكافحة الأعمال الإرهابية الدولية، فضلا عن أهمية تحقيق السلام الشامل العادل والدائم في منطقة الشرق الأوسط بما يتفق مع المصلحة الأساسية لشعوبها ويخدم أيضًا السلام والتنمية في العالم.
ويولي «التنين الصيني» اهتماما كبيرا بتنفيذ مبادرتي حزام طريق الحرير الاقتصادي وطريق الحرير البحري للقرن الـ21، التي أعلن عنها «بينج» عام 2013 بهدف التقريب بين دول آسيا وأوروبا وأفريقيا عبر شبكات الطرق البرية والبحرية من أجل دفع بناء البنية التحتية والتعاون المالي والتبادل الثقافي في هذه المناطق.
وتري بكين أن هناك ارتباطا بين قناة السويس، التي تعد ممرا تجاريا مهما يربط بين آسيا وأفريقيا وأوروبا، وبين مبادرة استراتيجية طريق الحرير الذي تولي الصين اهتماما بتنفيذها من أجل تطوير ممر تجاري واقتصادي.
كما تري الأوساط السياسية الصينية أن هناك توافقا بين مبادرة «حلم الصين» التي أطلقها الرئيس الصيني والتي تستهدف ازدهار البلد والنهوض بالأمة وإسعاد الشعب الصيني وبين مبادرة «الحلم المصري» التي أعلنها الرئيس عبدالفتاح السيسي العام الماضي، والتي يسعي من خلالها إلى النهوض بالأمة المصرية، وهذا يؤكد المشاركة في نفس الآراء والمفاهيم.
وفي هذا الإطار، كان سفير الصين بالقاهرة، سونج أي قوه، أكد في تصريحات صحفية قبيل زيارة السيسي لبكين في ديسمبر 2014، أهمية هذه الزيارة التي تأتي في التوقيت المناسب في ضوء التطلع إلى دعم العلاقات بين البلدين على أساس المنفعة المتبادلة، والتي ستكون بمثابة ضوء استرشادي حول التوجهات الجديدة لتطوير العلاقات وإيجاد طرق تنموية خاصة وأن الصين تسرع الخطوات نحو دول الغرب، بينما مصر تنفذ استراتيجية التوجه نحو الشرق.
وبالرغم من التوترات السياسية التي شهدتها مصر في السنوات الماضية، إلا أن الاستثمارات الصينية شهدت زيادة، وأن القاهرة تسعى إلى استقطاب الاستثمارات الجديدة بعد القانون الخاص بالاستثمار، وتراهن الحكومة المصرية على زيادة حركة الاستثمار الصيني في مصر، لاسيما أن الصين أصبحت خلال الأعوام القليلة الماضية، نتيجة لما لديها من احتياطي ضخم من النقد الأجنبي «1.9 تريليون دولار»، أحد أهم البلدان الرئيسية المصدرة للاستثمارات، وتشير كافة المؤشرات إلى أن الاستثمارات الصينية الخارجية ستستمر في التزايد في ظل معدلات النمو العالية والمتصلة التي تحققها الصين.