على كل لون يا باتستة

كرم كردي الأحد 17-01-2016 21:17

معلش استحملونى شوية فالعشوائيات التى نعيش فيها جعلت الأمثلة الشعبية تكبس على نفسى. فعندما تختفى القوانين واللوائح والأعراف والمبادئ تصبح حياتنا وقراراتنا مثل الباتستة على كل لون. لمن لا يعرف الباتستة هى نوع من القماش الرخيص يستخدم فى أغراض مختلفة وكثيرة ويتواجد فى الأسواق بجميع الألوان. القرارات عندنا فى مصر الآن على العموم، وفى الرياضة، على الخصوص، على جميع الألوان والمقاسات، وما أكثر الترزية زى ما انت عايز، عايز لون أحمر وضيق ماشى، أزرق وطويل ماشى، أخضر ومينى على عينى، بنى وواسع برضه ماشى، المهم يؤدى المطلوب. كل القرارات والألوان موجودة، والذى يتحكم فى القرار هو نفس الشىء الذى يتحكم فى اختيار اللون، المزاج وحب الألوان.

المشكلة عندنا يا سادة أن المسؤولين فى مصر عندما يختارون اللون، آسف عندما يختارون القرار، يتعمدون أن يختفوا وراء الستار، وكأن القرار صادر من أشخاص آخرين، يعنى ممكن تقول إنهم بيعملوا زى النعامة. لابد من المواجهة والمصارحة والشفافية، كفانا قرارات ومؤامرات الأبواب المغلقة. وللأسف معظمها قرارات مغلوطة ومغرضة. من لديه القدرة والشجاعة على اتخاذ القرارات السليمة التى فى المصلحة العامة بصرف النظر عن الأهواء الشخصية هو من نريده، لأنه يكون قادراً على قيادة أى سفينة إلى بر الأمان.

آسف للإطالة فى المقدمة، ولكن الأحداث الأخيرة دفعتنى إلى ذلك، فالرياضة الآن فى مصر ليس بها لوائح تحكمها، وليس هناك من لديه شجاعة اتخاذ القرار لتسييرها، نحن فى مهب الريح لا يمكن أن تتنبأ بقرار، لأنك لا تعلم هوى صاحب القرار، ولأنه ليس هناك قانون للرياضة، وليس هناك لوائح ينفذها من لديهم سلطة إصدار القرار، فالمسؤول يفعل ما يشاء.

قامت الدنيا وقعدت منذ ما يقرب من العامين، وتوصل حكماء ومسؤولو الرياضة لوجود لجنة ثلاثية (أطيح بأحد أفرادها سريعاً) لتدير الرياضة فى مصر، وتعهدت اللجنة ببنود خمسة للجنة الأوليمبية الدولية، ولأننا دائما (نفعل ما نقول) لم يتم تنفيذ أى بند من هذه البنود. كان أهم هذه البنود هو صياغة قانون الرياضة الجديد وخروجه إلى النور فى بضعة شهور، والآن مر اثنان وعشرون شهراً ولم يرَ النور، ومن الواضح أنه لن يرى النور، سواء بسبب البرلمان الجديد، أو بسبب الوزارة الحالية التى لا هم لها إلا إرضاء كل غاضب وكل من صوته عالٍ، أو كل عضو فى البرلمان، والأهم من كل ذلك فعل كل ما يحفظ كرسى الوزارة.

لماذا لم ترد الوزارة حتى الآن على الخمس والثلاثين ملاحظة التى تمت إعادتها من مستشارى مجلس الدولة إلى وزارة الشباب والرياضة. هل اثنان وعشرون شهراً غير كافية لإنهاء قانون الرياضة، ده دستور البلد كلها خلص فى ستين يوما، أم عدم صدوره فى مصلحة أصحاب القرار حتى يتلاعبوا بمصالح الرياضة وأنديتها واتحاداتها كيفما يريدون.

نحن للأسف مصرون على أن نستمر فراعنة نحطم أفعال وإنجازات من قبلنا، لماذا تلغى اللوائح عند قدوم مسؤول جديد، لماذا محاولة فرد العضلات من كل مسؤول مما يدخلنا فى متاهات لن نستطيع الخروج منها بسهولة. لو كانت الوزارة ركزت فى خروج قانون الرياضة إلى النور كما ركزت فى إبعاد أحد الناجحين فى البرلمان عن رئاسة لجنة بعينها، وتقربت إلى جميع أعضاء اللجنة بطريقة أو بأخرى، لكان القانون الجديد صدر وتخلصنا من مشاكل كثيرة ومطبات نقع فيها كل يوم، هل فكر أحدكم لماذا يصر مسؤولو الوزارة على عدم الانتهاء من قانون الرياضة حتى الآن. قد نختلف فى الإجابة عن هذا السؤال، ولكنى أميل إلى أنهم لا يريدون أن يتحملوا نتيجة إصدار هذا القانون، وفضلوا تركه حتى انعقاد البرلمان، وعرضه عليه وإقراره أو عدم إقراره يكون مسؤولية البرلمان، منتهى الشجاعة والمسؤولية.

لو نظرنا إلى مواقف كثيرة فى الرياضة فى الفترة الأخيرة سنجد تغيير المواقف فى أمور متشابهة، وأن اللوائح تطبيقها أو عدم تطبيقها جائز فى كل موضع. وها نحن الآن نعيش فى نفق مظلم بسبب انتخابات النادى الأهلى، ولولا جماهيرية النادى، وخوف المسؤولين من غضب الجماهير والأعضاء، لنفذ الحكم فى تاريخ صدوره كما نفذت الأحكام فى مواضع سابقة، رغم أن الخطأ خطأ الوزارة والقائمين على الانتخابات وليس خطأ المجلس المنتخب الذى أتت به الجمعية العمومية.. متى نحاسب المخطئ، وتكون لدى مسؤولينا الشجاعة لمواجهة المواقف، وعدم التحايل، والمواءمة التى تؤدى دائما إلى كوارث.

نرجو أن يصبح للباتستة لون واحد، لربما ينصلح حال الرياضة فى بلدنا.

tacoegypt@gmail.com