أسئلة مهمة قبل استجواب جنينة

عمرو هاشم ربيع الأحد 17-01-2016 21:38

فى 21 ديسمبر الماضى وبناء على دعوة منا، حضر المستشار هشام جنينة إلى مركز الدراسات السياسية بالأهرام ليحاضر أمام النواب الجدد حول كيفية قراءة النواب لتقارير الجهاز المركزى للمحاسبات. يومها قال ما قاله بشأن حجم الفساد فى مصر، فظن البعض أن الرجل أسقط فى يدهم، وراح نفر من الناس الممالئين بطبعهم للسلطة يتبارون تقطيعًا ونهشًا دون أن يكلف بعضهم عناء سماع الرأى الآخر، الذى من الممكن أن يكون محقًا أو مخطئًا. هنا يتحتم التوقف أمام عدة أمور يجب الإجابة عنها.

فمن حيث الشكل، من هو صاحب فكرة تشكيل لجنة تقصى الحقائق الرئاسية؟ بمعنى من أوعز إلى الرئيس بتشكيلها؟ فى أى مادة فى الدستور يحق للرئيس ذلك؟ لقد وردت كلمة تقصى حقائق مرة واحدة فى المادة 135 من الدستور، عندما أعطى هذا الحق لمجلس النواب وحده. بعبارة أخرى، أنه إذا صح حديثنا حول نقض تشكيل اللجنة، يكون ما جاءت به اللجنة لا أساس له من الصحة أمام أى جهه تحقيق، لانعدام دستوريتها من حيث الشكل. السؤال الآخر، ما هى علاقة وزارة التخطيط بتقرير جنينة، هل التقرير وضعته فى الأصل وزارة التخطيط ثم قام جنينة فقط بتنقيحه وتحديثه بناء على طلبها؟.

ومن حيث المضمون، كيف للجنة تقصى حقائق تتألف من وزارات العدل والتخطيط والمالية والداخلية وغيرها أن تراقب من هو يراقب عملها؟. بمعنى آخر كيف لتلك الجهات التى يراقبها الجهاز المركزى للمحاسبات، أن تراقب عمل الجهاز، أى أساس دستورى يفضى إلى انقلاب الأوضاع وقيام الجهات المراقبة بمراقبة من يراقبها؟

واستمرارًا للحديث عن المضمون، لماذا ترفض اللجنة الحديث عن الفساد أو حتى المبالغة فيه، وهى تعلم أن مصر غارقة فيه، وفقًا لترتيبها فى سلم الشفافية الدولية؟ ولماذا تعتبر أن المستثمرين ينتظرون تقرير جنينة ليفروا من مصر أو يحجموا عنها، وهى تعلم أن هؤلاء يعتمدون على تقارير المنظمات الأجنبية فى هذا الشأن، والتى تضع مصر فى مرتبة شبه متدنية فى سلم الشفافية.

من ناحية أخرى، لماذا لم تستدع اللجنة على افتراض دستورية عملها، جنينة لسؤاله عن تقريره؟ هل هو التربص، أم هى صعوبة أن يستدعى المراقب الرقيب؟

هل ما رصده جنينة من استمرار الفساد منذ عقود فى بعض القطاعات، وتكرار تسجيله على أنه فساد متراكب ومتراكم يعد إخلالا، وتعمدا لتكبير حجم الفساد، أم أنه إدانة للسكوت عليه؟.

المشكلة ليست فقط فى التربص بالرجل، بل الأهم فيمن سيراقب حالة الفساد بعد تلك الأزمة؟ بمعنى أن أى جهة منوط بها محاربة الفساد ستراجع نفسها ألف مرة ويرتعد جسدها قبل أن تصدر كلمة واحدة متعلقة بالفساد، وعندها سنكون غارقين فى الفساد ونقول كل شىء زى الفل!!