مصر والصين.. أكثر من مجرد «تعاون اقتصادي» (تقرير)

كتب: رضا غُنيم السبت 16-01-2016 13:04

تستعد مصر لاستقبال الرئيس الصيني شي جين بينج، الأسبوع الجاري، في زيارة هي الأولى لرئيس صيني منذ 12 عامًا، يوقّع خلالها عدة اتفاقيات ومذكرات تفاهم في مجالات النقل والكهرباء والإسكان والزراعة.

ومن ضمن المشروعات التي سيجرى تنفيذها بالتعاون مع الجانب الصيني، إنشاء قطار كهربائي لنقل الركاب، ومشروع قطار آخر لنقل البضائع، إلى جانب مشروع إنتاج ١٣٠ عربة قطارات بتكلفة إجمالية قدرها واحد ونصف مليار دولار، وتطوير أرصفة ميناء الإسكندرية، ومشروع محطة جبل عتاقة لتخزين الطاقة الكهربائية، بإجمالي تكلفة قدرها 2 مليار و٣٠٠ مليون دولار، فضلًا عن إقامة محطتين لإنتاج الكهرباء باستخدام الفحم.

يقول رئيس وحدة الدراسات الاقتصادية بالمركز الإقليمي للدراسات، إبراهيم الغيطاني، إن حجم التبادل التجاري بين مصر والصين محدود، حيث لا يتعدى الـ11 مليار دولار، لكنه يؤكد أن حجم التعاون سيزداد في المستقبل، إذ تتجه الصين حاليًا لتعزيز الشراكة التجارية والاقتصادية مع الدول المحورية في الشرق الأوسط، كمصر والسعودية وإيران.

ويرى «الغيطاني»، في حديثه لـ«المصري اليوم»، أن هناك مخاوفًا صينية من الاستثمار في مصر، وعلى الحكومة إزالتها، أبرزها أن «بكين ترى أن السوق المصري مفتوح أكثر على الشريك الأوروبي، حيث تبلغ نسبة مشاركته في السوق المصري حوالي 25%، وبالتالي الصين ترى أن السوق ليس مفتوحًا لها»، مشيرًا إلى أن ما يميّز الصين عن الجانب الأوروبي هو أنها تستثمر دون ربط ذلك بالمواقف السياسية، لأنها لا تتدخل في شؤون الغير، عكس الدول الأوروبية التي تربط استثمارتها بالمواقف السياسية كما حدث من قبل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية بعد عزل محمد مرسي في 2013.

ويضيف: «التخوف الثاني هو مدى إمكانية تعاون رجال الأعمال المصريين مع الجانب الصيني، الرؤية ليست واضحة الآن رغم وحود جمعية رجال الأعمال، والمؤشرات تؤكد انحيازهم للجانب الأوروبي».

وحسب مصادر تحدثت لـ«المصري اليوم»، فإن الزيارة ستشهد الإعلان عن إدراج مصر ضمن خطة الصين لاستثمار تريليون دولار، وضخ حصتين من أموال صندوقين أسستهما الصين مع دولة الإمارات، وآخر مملوك للحكومة الصينية بالكامل، على أن تتراوح جملة ما سيتم ضخه، خلال جدول زمني، ما بين 7 و10 مليارات دولار.

كان الرئيس عبد الفتاح السيسي زار الصين ديسمبر 2014، وجرى خلال الزيارة توقيع عدة اتفاقيات اقتصادية بين البلدين، كما وعد الرئيس المسؤولين الصينيين بإزالة أي معوقات أمام الاستثمار في القاهرة.

وقال حسين إسماعيل، الخبير في الشأن الصيني، إن زيارة الرئيس الصيني تعكس الأهمية الكبرى التي توليها بكين لعلاقتها مع القاهرة، باعتبارها أول دولة عربية وأفريقية أقامت علاقات مع الصين في 30 يونيو عام 1956.

وحسب عضو اتحاد الغرف التجارية، محمد بركة، فإن الحكومة عليها جذب الاستثمارات الصينية في محور قناة السويس، لأنه «مصدر دخل مصر الرئيسي»، وذلك في بناء مناطق صناعية.

مصر والصين.. تاريخ من العلاقات الاقتصادية

العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين شهدت نموًا ملحوظًا في السنوات الثلاث الماضية، وأصبحت الصين الشريك التجاري الأول لمصر في 2012، بحجم تبادل تجاري وصل إلى 9.5 مليار دولار مقارنة بـ8.8 مليار دولار في 2011، وفي 2013، ارتفع حجم التبادل التجاري إلى 10.2 مليار دولار، ليصل حجم التبادل التجاري مع الصين إلى 8% من إجمالي حجم التجارة المصرية.

وبلغ حجم التبادل التجاري بين مصر والصين في 2014، نحو11 مليار دولار، كما أن الصين تصدر لمصر بقيمة 10 مليار دولار، ومصر تصدر للصين بقيمة مليار دولار.

وقبل إقامة العلاقات الدبلوماسية الرسمية بين البلدين، عرض الجانب المصري على الجانب الصيني استيراد القطن المصري، وبلغ حجم التجاري بينهما حوالي 11 مليون دولار، منها 10.4 مليون دولار صادرات مصرية، و600 ألف دولار صادرات صينية، واستمر التبادل التجاري بين البلدين، ووقعا أكثر من اتفاقية تجارية بعد ذلك.

وفي عام 1987، وصل حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى 135 مليون دولار أمريكي منها 125 مليون دولار صادرات صينية إلى مصر، و10 ملايين دولار صادرات مصرية إلى الصين، فيما وصل حجم التبادل التجاري عام 1995 إلى 452.71 مليون دولار، منها 439.64 مليون دولار صادرات صينية إلى القاهرة، و13.06 مليون دولار صادرات مصرية إلى بكين.

وفي عام 1997 قفز حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى 520.7 مليون دولار، منها 464 مليون دولار صادرات صينية إلى مصر، و56.7 مليون دولار صادرات مصرية إلى الصين.

وتتمثل أهم الصادرات المصرية للسوق الصينية في «القطن، الكتان، أسلاك النحاس، خردة النحاس، والموالح»، بالإضافة إلى المنتجات البترولية، بينما تتركز أهم الواردات الصينية في المنسوجات، والملابس الجاهزة، والآلات والمعدات والسلع الاستهلاكية.

تعاون ثقافي

علاقة القاهرة وبكين تعدت التعاون الاقتصادي، إذ أعلنت الصين إقامة 80 نشاطًا ثقافيًا وفنيًا وسياحيًا داخل مصر، وقال وشى كوين جينج، نائب سفير الصين بمصر، رئيس المركز الثقافى الصيني، أنه تم توقيع 10 اتفاقيات تعاون ثقافي سابقًا، وأن هناك مشروعات كثيرة تشمل النشر والأفلام والآثار خلال الفترة المقبلة.

وقالت الدكتورة شين دونج يون، رئيس العلاقات الثقافية الصينية، إن الفعاليات الثقافية الخارجية ستنطلق من الأقصر، وستتم إقامة أول معرض للمنتجات الثقافية بين البلدين بدار الأوبرا، بالإضافة إلى إقامة العديد من الندوات حول الأدب والترجمة والكتب وترميم الآثار.

وأعلنت عن عرض عدد من المسلسلات التليفزيونية المترجمة، ومنها «قصة الحب» و«شباب بكين»، و«ترقية السيدة تولى»، مشيرة إلى أن ما تقوم به الصين من أنشطة مكثفة، تصل إلى قرابة 80 نشاطاً، سينتهى بحفل ختامى ضخم مشترك فى بكين.

وأعلن الدكتور شريف شاهين، رئيس دار الكتب والوثائق، انطلاق موقع إلكترونى باللغة الصينية لعرض ما ستقوم بتقديمه الوزارات المصرية، من الثقافة والسياحة والآثار والشباب، داخل الصين، وأضاف أن مجموع الأنشطة التى سيتم تقديمها بالصين يبلغ 116 نشاطاً، تقوم منها وزارة الثقافة بـ68 نشاطاً.