خبير بالنقل البحري بنادي الحماية البريطاني: السفن المصرية غير مطابقة للمواصفات العالمية

كتب: محمد أبو العينين الثلاثاء 12-01-2016 22:04

حاول وضع عبارة «والنقل البحرى» في المادة 24 من الدستور المصرى كأحد مقومات مصر الاقتصادية بجانب الزراعة والصناعة والسياحة، حين كان عضواً بلجنة الخمسين الأخيرة المكلفة بتعديل الدستور المصرى، لكن طلبه لم يلق إجابة داخل لجان المناقشة، ويعتبر أن مصر تملك مقومات بحرية لا تتمتع بها دول أخرى، لكنها لا تستغلها، ويرى أن منظومة النقل البحرى المصرى في حاجة لهيكلة شاملة.

«المصرى اليوم» حاورت الربان محمد الطويل، الخبير بنادى الحماية البحرى البريطانى والمحاضر بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحرى، الذي يشغل منصب خبير بحرى بمحكمة استئناف القاهرة..

■ بداية.. أين موقع مصر من خريطة النقل البحرى؟

- النقل البحرى يمثل 85% من الصادرات والواردات لأى دولة في العالم، وهو إحدى دعائم الاقتصاد القومى، وباقى النسبة تعتمد على النقل البرى والجوى، لكن للأسف لم نضع في حسباننا أن 85% من تجارتنا ننقلها بحراً، ولم يتم وضع اعتبار لذلك في القانون والدستور، وحين كنت في لجنة الخمسين لتعديل الدستور الأخيرة كان هدفى وضع هذه المادة وللأسف صدر الدستور بدونها، واكتفت المادة 24 من الدستور بالنص على أن الزراعة والصناعة والسياحة والأنشطة المرتبطة بها مقومات أساسية للاقتصاد الوطنى تلتزم الدولة بحمايتها وتطويرها، وهذا معناه أن الاقتصاد الوطنى قائم على هذه المقومات الثلاثة دون وضع اعتبار للنقل البحرى.

■ لماذا انهار الأسطول التجارى المصرى؟

- السبب الرئيسى هو عدم تخصص القائمين على قطاع النقل البحرى بالإضافة إلى العمالة الزائدة، فمثلا في الستينيات وصل أسطول المصرية للملاحة إلى 63 سفينة، بمتوسط عدد عاملين 5 آلاف في حين أنها لم تكن بحاجة إلا لـ 900 فقط.

نفس الأمر حدث في شركة فامكو التي لا يوجد بها سوى مركب واحد أيضاً هو «الشيماء»، وكانت الشركة من أنجح الشركات وانهارت لنفس الأسباب، وحالياً المركب الوحيد محجوز عليه بسبب الديون ومنها 850 ألف يورو تكلفة تلوث في إحدى الدول، فلماذا تركته الشركة؟ ولماذا لا تبيعه خردة؟ هل معقول أن يعمل مجلس إدارة ومديرون على مركب وحيد وعاطل؟

والمركب الآن مربوط على رصيف الحاويات في الميناء وقطع من قبل الرابط بينه وبين الرصيف، وأحضروا «غطاسا» لرفعه، وحالياً نحن مقبلون على نوة ممطرة وهو ما ينذر بكارثة في الميناء بسبب هذا المركب إذا انقطع رباطه مرة أخرى.

■ ما هي أبرز المعوقات التي تعوق تطوير النقل البحرى؟

- التشريعات والقوانين وأبرزها قانون رقم 8 الخاص بالنقل البحرى، وهو يمثل كارثة الآن لأنه لكى تقوم بتملك سفينة وترفع عليها العلم المصرى وتريد بيعها لابد من الحصول على موافقة وزير النقل على البيع، وهذه المشكلة سبب رئيسى في تقلص عدد السفن التي ترفع العلم المصرى.

أيضاً سوء الإدارة، فمثلا المهندس هانى ضاحى وزير النقل السابق قبل أن يترك الوزارة أصدر قرارا بزيادة تعريفة الموانئ للضعف تقريباً، ولا أعرف كيف يتم ذلك ونحن ننادى بوضع تيسيرات لتشجيع السفن على الدخول في الموانئ المصرية.

من المشكلات تبعية القطاع لوزارة النقل وهى غير متخصصة للأسف في المجال البحرى، هل النقل الجوى يجلب لمصر دخلاً مثل النقل البحرى، فلماذا تم إلغاء الوزارة في الثمانينيات، لأن إلغاءها كان بداية لانهيار القطاع وتم بضغط من عائلة مبارك.

■ تقصد أن هناك قرارات غير مدروسة صدرت وأضرت بقطاع النقل البحرى؟

- بالطبع، وليس قرار وزير النقل فقط، لكن قرار البنك المركزى نفسه بوضع حد أقصى للإيداع يومياً بمبلغ 10 آلاف دولار بحد أقصى 50 ألف دولار شهرياً هو قرار غريب وأضرنا كثيراً، فحين تريد شراء مركب مثلا من الخارج ثمنه 2 مليون دولار فأنت مطالب بتحويل المبلغ لمالك السفينة في الخارج بواقع 50 ألف دولار شهرياً وفق قرارات البنك المركزى أي 40 شهراً بما يعادل 3 أعوام ونصفا، هل هذا معقول؟

■ لكن مصر تملك ترسانات بحرية كثيرة هل يمكنها أن تكون بديلاً لشراء سفن من الخارج؟

- ترسانة الإسكندرية التي كانت تبنى سفناً تجارية انتقلت ملكيتها إلى جهة أخرى، وتسربت العمالة الماهرة إلى الخارج خاصة السعودية التي أنشأت ترسانة الزامل، ولو ذهبت إلى هناك ستجد أن جميع القائمين عليها ممن صنعوا مجد ترسانة الإسكندرية التي أصبحت الآن أعلى ترسانة سعراً في العالم وبالتالى يهرب منا صناع السفن لأماكن أخرى.

■ كيف ترى طريقة إصلاح هذه المنظومة؟

- أولاً لابد من التعديلات التشريعية واعتبار قطاع النقل البحرى إحدى ركائز الاقتصاد الوطنى، بالإضافة إلى وجود وزير للنقل البحرى متخصص في المجال، لأن كل حركة على السفينة التجارية لها تكلفتها المادية وكل قرار يساوى مبالغ مادية، ولذلك حين نأتى بوزير للنقل البحرى أو مسؤول عن هذا القطاع من المتقاعدين من القوات البحرية فهو يعنى أن المنظومة فاشلة من البداية.

■ هل هناك صعوبات تواجه السفن المصرية في الموانئ العالمية بسبب أوضاع السلامة والأمان والصيانة؟

- للأسف بعض السفن المصرية التابعة للشركة المصرية للملاحة ومراكب شركات أخرى لا تستطيع الخروج أصلاً خارج الموانئ المصرية لأنها لو خرجت سيتم احتجازها ووقفها عن العمل؛ لأنها مليئة بالعيوب الفنية وغير مطابقة للمواصفات الدولية ولا يتم عمل صيانات دورية لها، بالإضافة إلى أنها ملوثة للبيئة وبعض السفن يكون بها عطل في جهاز فصل الزيت عن الماء، وبالتالى لا يوجد ميناء سيسمح بدخول هذه السفن، بالإضافة إلى أنها تلقى فضلات البشر في البحر وغير مجهزة لمعالجة هذه المشكلة، ولذلك تعمل هذه السفن في المناطق التي لا تضع اشتراطات دولية مثل سوريا ولبنان.