الاقتصاد فى خطر لأن الأخلاق فـى خطر

محمد كامل مرسي الثلاثاء 12-01-2016 21:48

وقفت كثيراً عند مقولة أحد الأصدقاء أن والده، مالك أحد أكبر المكاتب الهندسية الاستشارية، قرر التقاعد، وذلك بسبب «أخلاق الناس»، فهو لا يستطيع التعامل مع موظفيه بسبب الكذب وعدم الالتزام، ولا العملاء بسبب الفساد وعدم احترام العقود، وتذكرت حينها كم الشباب المتعلم الذى فضل العمل فى الخارج، ليس فقط من أجل المادة ولكن لسهولة الحياة وحسن معاملة الموظف.

تيقنت أن الحالة الأخلاقية فى مصر أصبحت تؤثر سلباً على الاقتصاد، ويجب علينا جميعاً البدء فوراً فى مواجهة هذا الخطر الخفى الهادم.

المشكلة ليست فقط فى كفاءات تخرج من سوق العمل المصرية، ولكن الخطر يكمن فى منظومة كاملة تنحدر أخلاقياً مما يؤثر على كثير من الجوانب الاقتصادية مثل: انخفاض الإنتاجية، انتشار الفساد، صعوبة ممارسة الأعمال، إعاقة الاستثمار،....

أخلاقيات الموظف:

للأسف يتميز كثير من الموظفين فى مصر (دون تعميم) بعدد من الأخلاقيات التى يجب أن نواجهها، وأن نجد لها حلاً، مثل الكذب، والتقصير، وعدم الالتزام، واعتياد التصرفات الخسة تجاه الزملاء، وعدم تحمل المسؤولية وإلقائها على الآخر، وعدم إتقان العمل. هذه الحالة ازدادت سوءاً فى السنوات العشر الأخيرة، وانتشرت فى مختلف الفئات ومختلف الخلفيات العلمية.

ثقافة ومبادئ العمل:

العمل فى شركات مصرية وأخرى عالمية يظهر الفرق الكبير بين ثقافة ومبادئ العمل فى الشركات المصرية، بالمقارنة بالشركات العالمية. بداية نجد أن كثيراً من الشركات المصرية (دون تعميم) لا تعطى أهمية لثقافة ومبادئ العمل، ولا توضح ذلك للموظفين، ولا حتى توزعه عليهم لكى يقرأوه، وفى كثير من الأحيان لا يفهم صاحب العمل أو المدير أساساً ما المقصود بثقافة ومبادئ العمل، ويعتبر ذلك مضيعة للوقت.

فى حين تهتم الشركات العالمية، صغيرة كانت أو كبيرة، بثقافة ومبادئ العمل، ويهتم صاحب العمل أو المدير بتعريف الثقافة التى يود أن تسود فى شركته مثل العمل الجماعى، وأهمية الابتكار، والمساواة بين الموظفين، والاهتمام بتدريب وتأهيل الموظف، وخلق مناخ استثنائى للعمل... وغالباً ما تكون النتيجة زيادة فى الإنتاجية، وراحة وسعادة الموظف، وقدرة أكثر على المنافسة.

تغيير، أو تحسين، ثقافة وأخلاق الشعوب يحتاج إلى سنوات عديدة، ولكن يجب أن نبدأ باستعمال جميع القنوات والأدوات المتاحة:

1. يجب على كل فرد منا أن يبدأ الآن وبنفسه.

2. يجب علينا جميعاً أن نعرف حقوقنا فى الحصول على خدمة بدون التعرض للفساد، وأن نطالب بتطبيق القانون.

3. يجب على الأسرة غرس ثقافة العمل وتوجيه الشباب إلى مكارم الأخلاق.

4. يجب على الإعلام (خاصة البرامج والأفلام) تبنى النماذج الناجحة فى مصر، ومحاولة البعد عن إظهار السلبيات دائماً.

5. يجب على مجلس النواب وضع الأخلاق وإعادة بناء الإنسان المصرى ضمن أهم أولوياته، وسن قوانين مثل: تجريم الكذب والتقصير.

6. يجب على الدولة إطلاق برنامج لإعادة تأهيل وتنمية أخلاق الموظف والعامل المصرى ونشر ثقافة ومبادئ العمل.

أخيراً، الاقتصاد فى خطر، لأن الأخلاق فى خطر، وعلينا جميعاً خوض تلك المعركة لإعادة الموظف والعامل المصرى إلى مكانته العالمية كممثل لشعب عريق.

* مستشار اقتصادى، رئيس مجلس إدارة مؤسسة المصريين خريج الجامعات العالمية للتنمية الـT20