كى يكون عاماً للشباب

نادين عبدالله الثلاثاء 12-01-2016 21:37

أعلن الرئيس السيسى عام 2016 عامًا للشباب، وأشار إلى مبادرات وقرارات رئاسية من شأنها تحسين حال الشباب وتأهيلهم على المستوى المهنى والتعليمى والثقافى، على غرار إطلاق مبادرة لتأهيل الشباب للقيادة، وتنفيذ برنامج لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتدشين بنك المعرفة، وتطوير مراكز الشباب وقصور الثقافة... إلخ. فعليًّا، كلها مبادرات طموحة، وجميعها خطوات مهمة بحق، والأكيد أن نجاحها سيعنى الكثير جدًّا لكل مواطن مصرى.

أما المتفحص لهذه المبادرات، فيجد أنها جزء لا يتجزأ من كلمتين ترددتا مؤخرًا فى أروقة النظام كما فى وسائل الإعلام: «تمكين الشباب». إلا أن ما نخشاه هو أن يظل عام الشباب أو تمكين الأخير حاضرًا فى الخطاب السياسى والإعلامى وغائبًا على مستوى آليات تفعيله العملى. فدعونا نتصارح أن العام الماضى كان «عام الإقصاء» حيث شعرت فيه قطاعات شبابية بالإحباط وقلة الحيلة، لاسيما أن الوضع الحالى يعيد إلى أذهان بعضهم النظام القديم، ليس بالمعنى السياسى الضيق بل بالمعنى الاجتماعى الأعمق. فعودة خطابات تستهين بالشباب، مثلما كان الحال قديمًا، هو أمر ببساطة كئيب. فحين يتحدث بعض المسؤولين عن تأهيل الشباب (الذى نؤيده)، يتخذ منه بعضهم حجة لتهميش الأخير بدعوى قلة خبرته، حتى وإن لم يكن كذلك.

ليس كل الشباب المصرى مسيسًا، لكن من يقتل حلم مشاركة الشباب فى الحياة العامة يخطئ جل الخطأ. فالرسالة التى ترسلها العديد من أجهزة الدولة هى أن الأخيرة ترحب بنوعية معينة فقط من الشباب كى يكون فى مناصب المسؤولية: فقط من يقول «نعم وحاضر»، ولا يهتم أن يكون مستقلًّا أو مبتكرًا، مرحبًا به. فانغلاق المجال السياسى على وجوه بعينها، وعودة العراقيل البيروقراطية المعتادة، والأساليب الأمنية بانتهاكتها المعروفة ليست سوى أمور منفرة، بكل أسف. هل نريد شبابًا يحب وطنه ولا يكرهه؟ حسنًا، فليتوقف الاختفاء القسرى الذى انتشر مؤخرًا، ولينتهِ نظام الاغتيال المعنوى لكل من حمل فكرًا جديدًا. نعم، تحدث الرئيس مؤخرًا عن مظاليم من الشباب فى السجن. فلننظر إذن فى أمر كل من حُبس فقط لحماسته الشبابية، فربما لصقت به تهم لم يفكر يومًا أن يقترفها، ولنعلن التوقف عن اعتقال شباب كثيرين بلا ذنب، وهو أمر اشتد مؤخرًا على ما يبدو خوفًا من 25 يناير القادم.

وأخيرًا، دعونا نقُلها واضحة، مجرد التفكير فى تصعيد بعض الشباب هنا أو هناك، ووضعهم فى مراكز للسلطة كنوع من تبييض الوجه، أو السعى لتقريب بعض الشباب المنتمين لهذا الكيان السياسى أو ذاك ليس تمكينًا. إنما المقصود بالتمكين - كما نفهمه ونضطلع إليه- هو خلق آليات مؤسسية ومجتمعية يمكن من خلالها إعطاء هذه الفرصة، بشكل متساوٍ (وتحتها مائة خط) للمئات بل وللآلاف من الشباب وفقًا لمعيار واحد: معيار الكفاءة، لو كان المنصب تنفيذيًّا، أو اختيار الناس لو كان منصبًا تشريعيًّا أو خدميًّا. فهل يوجد فى الهيئات العامة نظام مؤسسى قائم على مبدأ ترقية وتصعيد الأكثر كفاءة ومهنية بغض النظر عن فئته العمرية؟ وهل تساوت الفرص أمام الجميع فى المنافسة الانتخابية البرلمانية أم تم استبعاد من لم يكُن مرغوبًا فيه عبر إطلاق الشائعات لاغتياله معنويًّا واستبعاده بشكل «شيك»؟ أعتقد أن الإجابة بالنفى. فهل سيتغير ذلك فى المستقبل؟ مازلت أتمنى.