مش هسيبك يا مرتضى.. (بالدستووور!!)

جمال الجمل الإثنين 11-01-2016 21:13

(1)

هاه.. عملتوا إيه في إجراءات خلع مرتضى منصور؟ عفوًا.. دخلت في الموضوع من غير سلام ولا تحية، مبروك عليكم المجلس الموقر يا نواب الشعب، الهمة يا شرفاء الثورتين، نريد التزامًا بالدستور، فأنتم أصل التشريع، وحراس الغلابة، وفرسان الرقابة، نأمل ألا تتهاونوا مع كل من يتطاول على شعبنا «المنقسم المنحبط»، ويهين ثورتيه أو إحداهما... مش كده وللا إيه؟

وبناء عليه، أنا منتظر في أقرب وقت، قرارا بالنظر في «عملة» منصور الذي سخر من الدستور ومن الأخت الكبرى لثورة 30 يونيو، يمكن مثلا اتخاذ قرارًا بمنعه عن حضور الجلسات، حتى يعتذر علنًا ويعلن خضوعه لثورة 25 يناير، ويعيد القسم، وإذا لم يفعل يبقى أفضل، ونبدأ سخنين كده ونشوف شطارتكم في إسقاط عضويته ليكون عبرة لمن يخرج على الدستور ومبادئه بحجة الالتزام بمواده فقط!... مش كده وللا إيه؟!

(2)

مبروك رئاسة برلمان الثورتين يا دكتور عبدالعال، عندما يتعلق الأمر بالمبادئ، لا أحب الحديث في الإجراءات واللوائح والمواءمات، وقد اصطدم منصور بمبدأ دستوري وسياسي وأخلاقي، تقوم عليه شرعية النظام كله، وبالتالي فإن التهاون فيه، أو الصمت عنه، يعتبر استهانة بمشروعية النظام الدستوري والسياسي والأخلاقي، وهذا يؤدي إلى فقدان الثقة، وغياب المرجعية التي طال انتظارها... مش كده وللا إيه؟!

(3)

لقد جرى حديث طويل عن ضعف المشاركة في الانتخابات التي جاءت بالبرلمان، وعن التزوير بالإحباط، وبالمال السياسي، وبالتدخل الأمني، لكن الآملين السذج من أمثالي، غضّوا الطرف عن كل هذه السلبيات بحجة «ما كان قد كان، وليس في الإمكان أبدع مما كان»، وقالوا «هذا حالنا» فلنمضِ على قد الحال، وربنا يكملها بالستر، وصحيح أن الجلسة الأولى كانت «فرجة مسلية» لا تليق بعيد ميلاد أبوالفصاد، لكن البدايات دائمًا صعبة، وكم من بداية غير موفقة، نجحت في تحقيق نقلة جادة إذا اجتهد الطيبون، والتزموا بالحق والأصول، ونصيحتي أن تتشددوا في الحفاظ على التقاليد البرلمانية، وتتزمتوا في مراعاة الدستور، وتبالغوا في الولاء للثورتين دون تفريق، وتدعوا النزاهة والموضوعية والتمثيل المشرف للشعب، لأن هذا «التمثيل» قد يطبع شيئًا من هذه القيم والممارسات في نفوسكم، والأهم أنه قد «يخيل» على الشعب، وبالتالي قد ينفع في تحقيق أهداف جادة ابتذلها البعض مثل «دعم الدولة»، و«تأمين الوطن»، واستكمال «مسيرة القائد»، أما أي شيء تفعلونه غير هذا التشدد، فإنه سيقضي على «لحسة الأمل» الباقية في البرلمان كاستحقاق أخير يعيد التوازن إلى السلطتين التنفيذية والقضائية، ويعطي مجالًا أوسع لسماع صوت الشعب الذي ضاع في متاهة الضجيج التي تختلقها السلطة الرابعة (الصحافة والإعلام)، وهي السلطة التي ستناقشون قانونها وتعيدون تنظيمها في أقرب وقت... مش كده وللا إيه؟!

(4)

يا نواب الشعب، أعرف جيدًا أن بينكم من يستحق هذه الصفة، وهذه الثقة.. لن أنظر إلى الفاسدين، ولا إلى الباحثين عن مميزات الحصانة، ولا المشتاقين لتركيبة المصالح مع ثعالب السلطة التنفيذية، ولا للأيادي التي جاءت لترتفع مع صيحة «موافقون»، لتنفرد بعد ذلك في الكواليس وهي تتلقى «الكيس»، سأنظر إلى الشرفاء منكم، ومهما كنتم أقلية، فإن رهاني عليكم أنتم، ومن يخجل من الوطن والضمير فيحذو حذوكم.. شمعة واحدة قادرة على تحدي العتمة، وحرق خيمة الظلام السوداء، صوت شريف واحد يكسر صوت التواطؤ بين الفاسدين، فلا تيأسوا، ولا تستسلموا لفكرة أغلبية ضد أقلية «كم من فئة قليـــلة........»، فالصراع لم يعد صراع القلة والكثرة، الصراع الذي نعيشه غير متكافئ في الشارع، وغير متكافئ في القصر، وغير متكافئ أيضًا تحت القبة، وبالتالي أنصح بالعقل قبل التصويت، وبالولاء للوطن قبل الولاء للسلطة، وبالدستور قبل حسابات المصالح الفردية ونظرية «خللي المركب تعوم»، فالمركب إذا أبحر وهو يحمل الفئران، فإنه بذلك يحمل المأساة على متنه، لأن مصالح الفأر قد تقتضي أن يقرض خشب المركب إذا لم يجد ما يأكله، أو باعتباره جاهلًا تعوّد على ذلك، لا يتعلم من التاريخ، ولم يستطِع أن يستوعب حتى الآن، وبرغم كل ما حدث أن 25 يناير ثورة، وأن هذا البرلمان وما سبقه وما سوف يتلوه، مجرد نتائج لزلزال ثورة النظافة والتطهير التي يهاجمها الفئران، لأنها طبعًا ضد مصالحهم، وضد أسلوبهم في الحياة... مش كده وللا إيه؟

(5)

أبشركم يا نواب الشعب أنني أراهن عليكم، فأنا ممن يعتنقون نظرية «تأثير الفراشة» ويرددون حكمة الغلابة التي تقول «يوضع سره في أضعف خلقه، لذلك أطمئنكم أنني لست ممن يتمنون حل البرلمان قبل اكتمال مدته، لقد ناديت به كثيرا، وطالبت بسرعة انتخابه حتى لو جاء هزليًّا وشكليًّا، فهو بالنسبة لي إفراز لواقع بائس نعيشه، وعندي ثقة أن هذا «الواقع» الذي ثرنا عليه لن يفرز أفضل من ذلك إلا إذا انتظرنا من الله تحقيق أمنيات ليست لها لدينا إمكانات، أو إذا لجأنا إلى التلفيق والتعسف المضاد والتشريعات المنحازة لفئات أخرى حتى لو كانت أقل فسادًا، وأعترف لكم أيها النواب بأن التفكير في ذلك يحشرنا أكثر في الدائرة المفرغة التي لا تفضي بنا دائمًا إلى شيء جيد، وأعترف لكم أيضًا بأنني أصبحت كائنًا متفائلًا تعلم التفكير الإيجابي والنظر لنصف الكوب الملآن، ولدي تاريخ قديم في ذلك، فعندما كنت طفلًا فكرت مثلًا في احترام «خيال المآتة» ولم أتفق مع الذين يسخرون منه أو يعتبرونه عديم الفائدة، فهو بشكل ما أفضل من الفراغ، فقط علينا أن نخلص في استخدامه لطرد غربان الفساد من حقول القمح... مش كده وللا إيه؟!

(6)

يمكنكم الآن أن تتخيلوني وأنا أبتسم وأقول لنفسي: ها قد وصلت بهذا المقال الرومانتيكي إلى «أعلى درجات الأمل»، وهذه هي التسمية العلمية المحترمة لصفة «العبط»، لذلك يمكنني أن أستخدم هذه الصفة بشكل سياسي يحقق مصلحة الأمة، بمعنى أن «أستعبط» وأعيد عليكم سؤالي يا نواب الشعب:

هاه.. عملتوا إيه في إجراءات خلع مرتضى منصور؟

.........................................................................................

مش كده وللا إيه؟!

tamahi@hotmail.com