«مبارزة قانونية» أو «سجال دستوري» نشب بين المستشار سري صيام، رئيس المجلس الأعلى للقضاء سابقًا، والدكتور على عبدالعال، رئيس مجلس النواب، في الجلسة الأولى للمجلس، بعد رفض الأخير منح فرصة للمرشحين على منصب وكالة المجلس للتعريف عن أنفسهم تتساوى مع الفرصة التي تم منحها للمرشحين على منصب الرئيس، واستند «صيام» في رأيه إلى أن «الدستور ساوى بين إجراءات انتخاب رئيس المجلس ووكيليه»، بينما رفض «عبدالعال» الأمر في البداية، وقال إنه «يعلم الدستور جيدًا، لأنه هو من كتبه».
خلاف آخر نشب بين الاثنين على تفسير المادة 117 من الدستور، رأى فيه «صيام» أن «عبدالعال» فسّر المادة بشكل خاطئ، وهو ما رفضه الأخير، قائلًا: «لم ابتدع تقاليد برلمانية، ولم أفسر نصوصًا وفق هواي، وأنا أستاذ قانون دستوري قبل كل شيء».
«كان يهدف إلى تجهيله».. قالها الدكتور محمود خليل، أستاذ الصحافة في كلية الإعلام جامعة القاهرة، قاصدًا بها المستشار سري صيام الذي ناقش رئيس المجلس بغرض «تسفيه حديثه وتجهيله»، على حد وصفه.
وحلل «خليل» مضمون وأداء الطرفين، وقال إن «عبدالعال» بدا عصبيًا مع أول اختبار داخل برلمان طبيعته الصخب، وإنه حين طُرح أمر استكمال انتخاب الوكيلين في جلسة لاحقة، واجه انتقاد بعض الأعضاء، فرد «عبدالعال»: «أنا اللي عملت الدستور»، وذلك في محاولة منه لإثبات أنه رجل علم ومعرفة وقانون ويفهم في الوثائق الدستورية والقانونية.
وأضاف «خليل»، في تصريحات خاصة لـ«المصري اليوم»، أن المستشار سري صيام كان شديد الثقة وهو يتحدث، وكان يهدف بشكل كبير إلى «تجهيل رئيس المجلس وتسفيهه أمام المجموع، وإظهاره على أنه غير قادر على رئاسة المجلس»، على حد قوله.
ورأى «خليل» أن «صيام» كان الأفضل في هذا السجال، خاصة أن «عبدالعال» لم يرد على النقطة التي قالها المستشار، موضحًا أن إصرار رئيس المجلس الأعلى للقضاء سابقًا على أن يُدرج كلامه في مضبطة المجلس دليلًا قويًا على رغبته في إظهار رئيس المجلس بأن حديثه «غير منضبط، وتفسيره للمادة 117 غير دقيق»، مضيفًا: «يعني عايز يقوله إنه لا قارئ ولا عارف على عكس ما قال أنا اللي كتبت الدستور».
وقارن أستاذ الصحافة بين الطرفين، وقال إن «صيام» كان هادئاً، أما «عبدالعال» فكان عصبيًا ومعتمدًا على الصوت العالي، وكان يرغب في «ذبح القطة لأعضاء المجلس، لكنه فشل»، حسب تعبيره، وفي رأي «خليل» فإن الصوت العالي لن يسمح له بالسيطرة على المجلس لأن المجلس سمته من الأساس هي الصوت العالي.
«متقمص شخصية أحمد فتحي سرور».. علّق «خليل» على أداء المستشار سري صيام، بدليل أنه كان يتحدث بنفس طريقته وهدوئه، رغم أنه رفض الترشح لرئاسة المجلس أو منصب الوكيلين، لكنه أراد أن يقول إنه قامة قانونية كانت قادرة على إدارة المجلس أكثر من «عبدالعال»، وهذا يدل على أن معركة معسكر 30 يونيو بدأت، وأبناء الفريق الواحد بدأوا الخلاف.
وحول تحليله للمشهد بشكل عام، قال «خليل»: «نحن أمام مشهد كاريكاتيري يزعم فيه رئيس المجلس العلم والمعرفة والقدرة على السيطرة، وحقيقة الأمر أنه ليس سياسيا، وهو يعمل بالسياسة لأول مرة رغم سنه الكبير، وليس من السهولة السيطرة على مشهد ذلك».
«مخالفة صريحة للدستور».. كان ذلك رأي الدكتور نور فرحات، أستاذ القانون والفقيه الدستوري، حول ما فعله الدكتور على عبدالعال في طريقة انتخاب الوكيلين، قائلًا إن موقف المستشار سري صيام كان الأصح دستوريًا.
وقال «فرحات»، إن حديث «عبدالعال» لا يليق، وتفسيره للمادة 117 من الدستور كان خاطئًا، موضحًا أنه لا يصح انتخاب الوكيلين في اليوم التالي لأول جلسة لأن ذلك «تحايل على النص الدستوري».
وشبّه «فرحات» رئيس المجلس بعد قوله «أنا اللي كتبت الدستور»، بـ«لويس السادس عشر» حين قال «أنا الدولة»، مستنكرًا حديث «عبدالعال» لأنه ليس هو من كتب الدستور وحده كي ينسب إليه هذا الفعل.
وأضاف أن «عبدالعال» يتقمص دور أحمد فتحي سرور، رئيس مجلس الشعب الأسبق، في عهد مبارك، لكن بأقل كفاءة، حسب تعبيره، والنواب لديهم أغلبية «مصطنعة»، لأن الدولة استطاعت حشد 400 نائب يوافقون على كل ما تقوله دون رقابة.