النواب وتعديل الدستور

عمرو هاشم ربيع الأحد 10-01-2016 21:45

نواب البرلمان الجديد سينشغلون بقضايا كثيرة. ونتيجة تركيبة العضوية المتعددة، فالأرجح أن نفرًا منهم سيكون منشغلًا بتعديل الدستور.

وواقع الأمر أن الدستور الذى دائمًا ما أنتقده، أجد الآن أننى مطالب بالدفاع عنه فى مواجهة محاولات تغييره، لأن التغيير سيكون لناحية الحد من سلطات البرلمان، وكان نقدى السابق للدستور أنه لم يأتِ بصلاحيات أكبر للبرلمان فى مواجهة رئيس الدولة. والمؤكد أن كل ما سبق من حديثى وما سيلى لا يمس تقديرنا الكبير للرئيس السيسى الذى والجيش أنقذا مصر من براثن الدمار.

إن الرغبة فى تعديل الدستور كانت ذات اتجاهين، الأول أنها عندما ظهرت بعد حديث الرئيس السيسى منذ أسابيع بأن الدستور وضع بنوايا حسنة، كانت ترتبط بأن الدستور ملىء بصلاحيات للبرلمان مقابل لا صلاحيات لرئيس الجمهورية. وواقع الأمر أن الدستور مكتظ بصلاحيات للرئيس. فهو الذى يعين 5% من أعضاء البرلمان، ويتيح القانون الذى أتى بالقوائم المطلقة وفوز القائمة التى دعمتها الدولة، أن نقول إن السلطة عينت بالفعل نحو 25% من أعضاء البرلمان. ويدعو الرئيس البرلمان للانعقاد العادى وغير العادى بشروط، ويقترح القوانين، ويصدر القوانين، وله إلقاء بيانات أو توجيه رسائل للبرلمان، ورغم أن البرلمان يحق له أن يسحب الثقة من الرئيس، إلا أن هذا الأمر وضعت شروط مستحيلة لتحقيقه. إضافة إلى ذلك، فإن رئيس الجمهورية له حق حل البرلمان وفق شروط يسيرة مقارنة بشروط سحب البرلمان الثقة منه، وهو يعلن حالة الطوارئ ويرسل قوات إلى الخارج بشروط... إلخ. المهم أن كل ما سبق من سلطات يمارسها الرئيس رغم أنه غير مسؤول سياسيًّا أمام البرلمان، فهو مسؤول جنائيًّا فقط.

الاتجاه الثانى لتعديل الدستور بدأ الآن بتعديل مدة الرئاسة الواحدة، وهى تسير على نمط أن هذا التعديل لا يمس الصلاحيات ولا يمس مدد الرئاسة المقررة بمدتين. وواقع الأمر أن هذا التفسير يرتبط بما يسمى التفسير على المتون، أى تفسير حرفى للنص وليس روح النص أو الغرض منه. والدليل على ذلك أن المادة 226 تقول «.... وفى جميع الأحوال لا يجوز تعديل النصوص المتعلقة بإعادة انتخاب رئيس الجمهورية، أو بمبادئ الحرية، أو المساواة، ما لم يكن التعديل متعلقًا بالمزيد من الضمانات». بعبارة أخرى، إن أى مساس بكافة الأمور التى تثار حاليًا فى الشارع السياسى هو مساس بالضمانات، ومن ثم هى خرق واضح للدستور.

إن أسوأ ما أنجبته حقبة مبارك بل وحقبة ما بعد يوليو 1952، هو التمسك بمقولة «اللى نعرفه أحسن من اللى ما نعرفوش» هذه المقولة التى حرمت أكفاء من تولى المسؤولية، لصالح تجلط الدماء. والسؤال: أما آن الوقت للخروج من تلك الشرنقة؟